ضَمِنَ بِهِ يُفْتَى. وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا نَاجِيَةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ فِي الْفِعْلَيْنِ (قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ ثُمَّ قَتَلَهُ أُخِذَ بِالْأَمْرَيْنِ) أَيْ بِالْقَطْعِ وَالْقَتْلِ.
(وَلَوْ كَانَا عَمْدَيْنِ أَوْ) كَانَا (خَطَأَيْنِ أَوْ) كَانَا (مُخْتَلِفَيْنِ) أَيْ أَحَدُهُمَا عَمْدٌ وَالْآخَرُ خَطَأٌ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا بُرْءٌ أَوْ لَا فَيُؤْخَذُ بِالْأَمْرَيْنِ فِي الْكُلِّ بِلَا تَدَاخُلٍ (إلَّا فِي الْخَطَأَيْنِ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا بُرْءٌ) فَإِنَّهُمَا يَتَدَاخَلَانِ (فَيَجِبُ فِيهِمَا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ) وَإِنْ تَخَلَّلَ بُرْءٌ لَمْ يَتَدَاخَلَا كَمَا عَلِمْت. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَطْعَ إمَّا عَمْدٌ أَوْ خَطَأٌ وَالْقَتْلُ كَذَلِكَ صَارَ أَرْبَعَةً، ثُمَّ إمَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا بُرْءٌ أَوْ لَا صَارَ ثَمَانِيَةً وَقَدْ عُلِمَ حُكْمُ كُلٍّ مِنْهَا (كَمَنْ ضَرَبَهُ مِائَةَ سَوْطٍ فَبَرَأَ مِنْ تِسْعِينَ وَلَمْ يَبْقَ أَثَرُهَا) أَيْ أَثَرُ الْجِرَاحَةِ (وَمَاتَ مِنْ عَشْرَةٍ) فَفِيهِ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ، لِأَنَّهُ لَمَّا بَرَأَ مِنْ تِسْعِينَ لَمْ تَبْقَ مُعْتَبَرَةً إلَّا فِي حَقِّ التَّعْزِيرِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ جِرَاحَةٍ انْدَمَلَتْ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي مِثْلِهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ تَجِبُ أُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَثَمَنُ الْأَدْوِيَةِ دُرَرٌ وَصَدْرُ شَرِيعَةٍ وَهِدَايَةٌ وَغَيْرُهَا.
(وَتَجِبُ حُكُومَةُ) عَدْلٍ
ــ
[رد المحتار]
الدِّيَةُ اهـ فَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فَجْأَةً أَوْ اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ. وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى، لَوْ غَيَّرَ صُورَتَهُ وَخَوَّفَ صَبِيًّا فَجُنَّ يَضْمَنُ اهـ رَمْلِيٌّ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ ضَمِنَ) كَمَا لَوْ قَالَ أَلْقِ نَفْسَك فِي الْمَاءِ أَوْ فِي النَّارِ وَفَعَلَ فَهُنَاكَ يَضْمَنُ كَذَا هُنَا تَتَارْخَانِيَّةٌ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ فِي الْفِعْلَيْنِ]
ِ أَخَّرَهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُرَكَّبِ مِنْ الْمُفْرَدِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَا عَمْدَيْنِ) الصَّوَابُ إسْقَاطُ الْوَاوِ لِتَكُونَ لَوْ شَرْطِيَّةً؛ لِأَنَّهَا مَعَ الْوَاوِ تَكُونُ وَصْلِيَّةً فَتُفِيدُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ بِالْأَمْرَيْنِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ فَيُنَاقِضُ قَوْلَهُ إلَّا فِي الْخَطَأَيْنِ إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَيُؤْخَذُ بِالْأَمْرَيْنِ فِي الْكُلِّ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ، اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَخْلُو الْقَطْعُ وَالْقَتْلُ مِنْ أَنْ يَتَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا بُرْءٌ أَوْ لَا، فَإِنْ تَخَلَّلَ يُعْتَبَرُ كُلٌّ فِعْلًا. وَيُؤْخَذُ بِمُوجِبِهِمَا؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ الْأَوَّلَ تَقَرَّرَ بِالْبُرْءِ فَلَا يَدْخُلُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ حَتَّى لَوْ كَانَا عَمْدَيْنِ فَلِلْوَلِيِّ الْقَطْعُ وَالْقَتْلُ، وَلَوْ خَطَأَيْنِ يَجِبُ دِيَةٌ وَنِصْفُ دِيَةٍ، وَلَوْ الْقَطْعُ عَمْدًا وَالْقَتْلُ خَطَأً فَفِي الْيَدِ الْقَوَدُ وَفِي النَّفْسِ الدِّيَةُ، وَلَوْ بِالْعَكْسِ فَفِي الْيَدِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي النَّفْسِ الْقَوَدُ، وَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ بُرْءٌ فَلَوْ أَحَدُهُمَا عَمْدًا وَالْآخَرُ خَطَأً اُعْتُبِرَ كُلٌّ عَلَى حِدَةٍ، فَفِي الْخَطَإِ الدِّيَةُ، وَفِي الْعَمْدِ الْقَوَدُ، وَلَوْ خَطَأَيْنِ فَالْكُلُّ جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ اتِّفَاقًا فَتَجِبُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ عَمْدَيْنِ، فَعِنْدَهُمَا يُقْتَلُ وَلَا يُقْطَعُ. وَعِنْدَهُ إنْ شَاءَ الْوَلِيُّ قَطَعَ وَقَتَلَ، إنْ شَاءَ قَتَلَ، وَلَا يُعْتَبَرُ اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ وَهُوَ الظَّاهِرُ.
وَرُوِيَ عَنْ نَصْرِ بْنِ سَلَّامٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا قَطَعَ يَدَهُ فِي مَجْلِسٍ وَقَتَلَهُ فِي آخَرَ، فَلَوْ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ يُقْتَلُ وَلَا يُقْطَعُ عِنْدَهُمْ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ إلَّا فِي الْخَطَأَيْنِ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ أَخَذَ بِالْأَمْرَيْنِ طُورِيٌّ (قَوْلُهُ فَتَجِبُ فِيهِمَا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ) أَيْ دِيَةُ الْقَتْلِ،؛ لِأَنَّ دِيَةَ الْقَطْعِ إنَّمَا تَجِبُ عِنْدَ اسْتِحْكَامِ أَثَرِ الْفِعْلِ وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ عَدَمَ السِّرَايَةِ، وَتَمَامُهُ فِي ابْنِ كَمَالٍ (قَوْلُهُ صَارَ ثَمَانِيَةً) وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ أَوْ شَخْصَيْنِ صَارَ سِتَّةَ عَشَرَ، فَإِنْ كَانَا مِنْ شَخْصَيْنِ يُفْعَلُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُوجِبُ فِعْلِهِ مِنْ الْقِصَاصِ وَأَخْذِ الْأَرْشِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ التَّدَاخُلَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْمَحَلِّ لَا غَيْرُ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ فَبَرِئَ مِنْ تِسْعِينَ إلَخْ) هَذَا إذَا ضَرَبَ عَشَرَةً فِي مَوْضِعٍ وَتِسْعِينَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَبَرِئَ مَوْضِعُ التِّسْعِينَ وَسَرَى مَوْضِعُ الْعَشَرَةِ، وَإِلَّا لَا يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ سِرَايَةِ الْعَشَرَةِ وَبُرْءِ التِّسْعِينَ مِعْرَاجٌ (قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي مِثْلِهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ) أَيْ مَعَ الدِّيَةِ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ وَتَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ) تَفْسِيرُهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَبْدًا مَجْرُوحًا بِهَذَا كَمْ قِيمَتُهُ وَبِدُونِ الْجِرَاحَةِ كَمْ قِيمَتُهُ، فَيَضْمَنُ التَّفَاوُتَ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute