للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَصِحُّ بَعْدَ هَلَاكِهِ بِخِلَافِهِ فِي الثَّمَنِ كَمَا مَرَّ.

(وَيَصِحُّ الْحَطُّ مِنْ الْمَبِيعِ إنْ) كَانَ الْمَبِيعُ (دَيْنًا وَإِنْ عَيْنًا لَا) يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ وَإِسْقَاطُ الْعَيْنِ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ الدَّيْنِ فَيَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ فِي بَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ لَا فِي بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ اتِّفَاقًا وَلَوْ أَطْلَقَهَا فَقَوْلَانِ وَأَمَّا الْإِبْرَاءُ الْمُضَافُ إلَى الثَّمَنِ فَصَحِيحٌ وَلَوْ بِهِبَةٍ أَوْ حَطٍّ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِمَا دَفَعَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ السَّرَخْسِيُّ فَلْيُتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى بَحْرٌ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلْإِطْلَاقِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ بَاعَهُ عَلَى أَنْ يَهَبَهُ مِنْ الثَّمَنِ كَذَا لَا يَصِحُّ وَلَوْ عَلَى أَنْ يَحُطَّ مِنْ ثَمَنِهِ كَذَا جَازَ

ــ

[رد المحتار]

ثُمَّ زَادَ الْمُشْتَرِي عَرْضًا قِيمَتُهُ خَمْسُونَ وَهَلَكَ الْعَرْضُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِي ثُلُثِهِ بَحْرٌ عَنْ الْقُنْيَةِ، وَوَجْهُ الِانْفِسَاخِ أَنَّ الْعَرْضَ مَبِيعٌ وَإِنْ جُعِلَ ثَمَنًا وَهَلَاكُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ يُوجِبُ الِانْفِسَاخَ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: فَتَصِحُّ بَعْدَ هَلَاكِهِ) لِأَنَّهَا تَثْبُتُ بِمُقَابَلَةِ الثَّمَنِ وَهُوَ قَائِمٌ بَحْرٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِي الثَّمَنِ) الْأَوْلَى بِخِلَافِهَا ط. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَكَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا، أَيْ لِأَنَّ الْمَبِيعَ بَعْدَ هَلَاكِهِ لَمْ يَبْقَ عَلَى حَالَةٍ يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْحَطِّ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ بِحَالٍ يُمْكِنُ إخْرَاجُ الْبَدَلِ عَمَّا يُقَابِلُهُ، فَيَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ اسْتِنَادًا بَحْرٌ.

[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ وَبَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ]

(قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ) أَيْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: لَا فِي بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ) لِأَنَّ بَرَاءَةَ الْإِسْقَاطِ تُسْقِطُ الدَّيْنَ عَنْ الذِّمَّةِ بِخِلَافِ بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ، مِثَالُ

الْأُولَى: أَسْقَطْت وَحَطَطْت وَأَبْرَأْت بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ،

وَمِثَالُ الثَّانِيَةِ: أَبْرَأْتُك بَرَاءَةَ اسْتِيفَاءٍ أَوْ قَبْضٍ أَوْ بَرَّأْتُك عَنْ الِاسْتِيفَاءِ اهـ ح. مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ وَبَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ

وَحَاصِلُهُ: أَنَّ بَرَاءَةَ الِاسْتِيفَاءِ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَقَبَضَهُ. (قَوْلُهُ: اتِّفَاقًا) يَرْجِعُ إلَيْهِمَا ط. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَطْلَقَهَا) كَمَا لَوْ قَالَ أَبْرَأْتُك وَلَمْ يُقَيِّدْ بِشَيْءٍ اهـ، ح. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْإِبْرَاءُ الْمُضَافُ إلَى الثَّمَنِ إلَخْ) تَابَعَ صَاحِبَ الْبَحْرِ حَيْثُ ذَكَرَ أَوَّلًا صِحَّةَ الْمَبِيعِ لَوْ دَيْنًا لَا عَيْنًا وَعَلَّلَهُ بِمَا مَرَّ، ثُمَّ ذَكَرَ حَطَّ الثَّمَنِ وَهِبَتَهُ وَإِبْرَاءَهُ. وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ: أَنَّهُ لَوْ وَهَبَهُ بَعْضَ الثَّمَنِ أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَهُوَ حَطٌّ، وَإِنْ حَطَّ الْبَعْضَ أَوْ وَهَبَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ صَحَّ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ لِلْمُشْتَرِي مِثْلُ ذَلِكَ، وَلَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْبَعْضِ بَعْدَهُ لَا يَصِحُّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي عَيْنَ الْوَاجِبِ بَلْ مِثْلَهُ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُطَالَبُ بِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ مِثْلَهُ عَلَى الْبَائِعِ بِالْقَضَاءِ، فَلَا تُفِيدُ الْمُطَالَبَةُ فَقَدْ صَادَفَتْ الْهِبَةُ وَالْحَطُّ دَيْنًا قَائِمًا فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ؛ لِأَنَّهُ نَوْعَانِ: بَرَاءَةُ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ، وَبَرَاءَةُ إسْقَاطٍ، فَإِذَا أُطْلِقَتْ تُحْمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَبْرَأْتُك بَرَاءَةَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ، وَفِيهِ لَا يَرْجِعُ وَلَوْ قَالَ وَبَرَاءَةَ إسْقَاطٍ صَحَّ وَرَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ، أَمَّا الْهِبَةُ وَالْحَطُّ فَإِسْقَاطٌ فَقَطْ، وَإِذَا وَهَبَهُ كُلَّ الدَّيْنِ أَوْ حَطَّ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا هَذَا مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَذَكَرَ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ الْإِبْرَاءَ الْمُضَافَ إلَى الثَّمَنِ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ صَحِيحٌ، حَتَّى يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ رَدُّ مَا قَبَضَ، وَسَوَّى بَيْنَ الْإِبْرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالْحَطِّ فَيُتَأَمَّلُ عِنْدَ الْفَتْوَى اهـ، هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ.

قَالَ فِي النَّهْرِ: وَعُرِفَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي رُجُوعِ الدَّفْعِ بِمَا أَدَّاهُ إذَا أَبْرَأَهُ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ، وَفِي عَدَمِ رُجُوعِهِ إذَا أَبْرَأَهُ بَرَاءَةَ اسْتِيفَاءٍ وَأَنَّ الْخِلَافَ مَعَ الْإِطْلَاقِ، وَعَلَى هَذَا تَفَرَّعَ مَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِإِبْرَائِهَا عَنْ الْمَهْرِ ثُمَّ دَفَعَهُ لَهَا لَا يَبْطُلُ التَّعْلِيقُ، فَإِذَا أَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ وَقَعَ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ اهـ. قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَبِيعَ الدَّيْنُ مِثْلُ الثَّمَنِ فِيمَا ذُكِرَ، فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ وَكَذَا الثَّمَنُ لَوْ حَطَّ بَعْضَهُ أَوْ وَهَبَهُ، أَوْ أَبْرَأَ عَنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَكَذَا بَعْدَهُ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِمَا دَفَعَ، لَكِنْ لَوْ الْبَرَاءَةُ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ لَا بَرَاءَةَ اسْتِيفَاءٍ اتِّفَاقًا وَلَوْ أَطْلَقَهَا فَقَوْلَانِ فَيُتَأَمَّلُ عِنْدَ الْفَتْوَى إلَخْ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلْإِطْلَاقِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>