للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَإِنْ أُودِعَ طَعَامًا) بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ، وَلَيْسَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ (فَأَكَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ) لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ: يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ أُودِعَ عَبْدٌ مَحْجُورٌ مَالًا فَاسْتَهْلَكَهُ ضَمِنَهُ بَعْدَ عِتْقِهِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْحَالِ وَكَذَا الْخِلَافُ لَوْ أُعِيرَا أَوْ أُقْرِضَا، وَلَوْ كَانَ بِإِذْنٍ أَوْ مَأْذُونًا ضَمِنَ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا لَوْ اسْتَهْلَكَ الصَّبِيُّ مَالَ الْغَيْرِ بِلَا وَدِيعَةٍ ضَمِنَهُ لِلْحَالِ.

قُلْت: وَهَذَا كُلُّهُ لَوْ الصَّبِيُّ عَاقِلًا، وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ، وَتَمَامُهُ فِي الْعِنَايَةِ الشُّرُنْبُلَالِيَّة عَنْ الشَّلَبِيِّ وَمِسْكِينٍ عَلَى خِلَافِ مَا فِي الْمُلْتَقَى وَالْهِدَايَةِ وَالزَّيْلَعِيِّ فَلْيُحْفَظْ.

بَابُ الْقَسَامَةِ

هِيَ لُغَةً بِمَعْنَى الْقَسَمِ وَهُوَ الْيَمِينُ مُطْلَقًا وَشَرْعًا: الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى

ــ

[رد المحتار]

الْمَضْمُونُ فِي الْمُشَبَّهِ الدِّيَةُ وَهُنَا الْقِيمَةُ، وَعَبَّرَ فِي الْهِدَايَةِ هُنَا بِالدِّيَةِ أَيْضًا اعْتِمَادًا عَلَى مَا مَرَّ أَنَّ دِيَةَ الْعَبْدِ قِيمَتُهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ أُودِعَ طَعَامًا) أَيْ مَثَلًا دُرٌّ مُنْتَقًى (قَوْلُهُ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ إلَخْ) سَيُذْكَرُ مُحْتَرَزُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَهُ تَمْكِينُ غَيْرِهِ مِنْ اسْتِهْلَاكِهِ لِأَنَّ عِصْمَتَهُ حَقُّ مَالِكِهِ، بِخِلَافِ الْآدَمِيِّ الْمَمْلُوكِ فَعِصْمَتُهُ لِحَقِّ نَفْسِهِ لَا لِحَقِّ مَوْلَاهُ، وَلِهَذَا بَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ فِي حَقِّ الدَّمِ، وَلَيْسَ لِمَوْلَاهُ وِلَايَةُ اسْتِهْلَاكِهِ، فَلَا يَمْلِكُ تَمْكِينَ غَيْرِهِ مِنْهُ أَفَادَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ (قَوْلُهُ يَضْمَنُ) أَيْ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ أُودِعَ عَبْدٌ مَحْجُورٌ مَالًا) أَيْ وَقَبِلَ الْوَدِيعَةَ بِلَا إذْنِ مَوْلَاهُ أَمَّا لَوْ كَانَ مَأْذُونًا أَوْ مَحْجُورًا وَلَكِنْ قَبِلَهَا بِإِذْنِهِ فَاسْتَهْلَكَهَا لَا يَضْمَنُ فِي الْحَالِ، بَلْ بَعْدَ الْعِتْقِ لَوْ بَالِغًا عَاقِلًا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ فِي الْحَالِ، وَلَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ عَبْدًا فَجَنَى عَلَيْهِ فِي النَّفْسِ، أَوْ فِيمَا دُونَهَا أُمِرَ مَوْلَاهُ بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ إجْمَاعًا أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْخِلَافُ إلَخْ) قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ: وَالِاخْتِلَافُ فِي الْإِيدَاعِ وَالْإِعَارَةِ وَالْقَرْضِ وَالْبَيْعِ، وَكُلُّ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ التَّسْلِيمِ إلَيْهِ وَاحِدٌ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ بِإِذْنٍ) أَيْ لَوْ كَانَ أُودِعَ الطَّعَامَ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ أَوْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ ضَمِنَ أَيْ فِي الْحَالِ، وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ الْمَارِّ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ إلَخْ (قَوْلُهُ بِلَا وَدِيعَةٍ) أَيْ وَنَحْوِهَا مِمَّا فِيهِ تَسْلِيمٌ (قَوْلُهُ ضَمِنَهُ لِلْحَالِ) لِأَنَّهُ مُؤَاخَذٌ بِأَفْعَالِهِ دُرَرٌ (قَوْلُهُ عَلَى خِلَافِ مَا فِي الْمُنْتَقَى إلَخْ) أَيْ مِنْ أَنَّ الصَّبِيَّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ، وَذَكَرَ فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ مَذْهَبُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ، وَذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ وَإِنَّ غَيْرَهُ مِنْ شُرَّاحِ الْجَامِعِ ذَكَرُوا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ قَالَ ط: فَتَحَصَّلَ أَنَّهُمَا طَرِيقَتَانِ لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ اهـ.

[تَتِمَّةٌ صَبِيٌّ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ أَوْ فِي مَاءٍ فَمَاتَ] ١

[تَتِمَّةٌ]

صَبِيٌّ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ أَوْ فِي مَاءٍ فَمَاتَ، فَلَوْ كَانَ مِمَّنْ يَحْفَظُ نَفْسَهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْأَبَوَيْنِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِمَا الْكَفَّارَةُ لَوْ فِي حِجْرِهِمَا وَعَلَى أَحَدِهِمَا لَوْ فِي حِجْرِهِ كَذَا عَنْ نُصَيْرٍ، وَعَنْ أَبِي الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا إلَّا التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ، وَاخْتِيَارُ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَى أَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يَسْقُطَ مِنْ يَدِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ظَهِيرِيَّةٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابُ الْقَسَامَةِ]

ِ لَمَّا كَانَ أَمْرُ الْقَتِيلِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ يَئُولُ إلَى الْقَسَامَةِ، ذَكَرَهَا فِي آخِرِ الدِّيَاتِ فِي بَابٍ عَلَى حِدَةٍ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ وَهِيَ لُغَةً بِمَعْنَى الْقَسَمِ) قَالَ الْعَلَّامَةُ نُوحٌ: اخْتَلَفَ أَهْلُ اللُّغَةِ فِي الْقَسَامَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهَا مَصْدَرٌ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي نِهَايَتِهِ حَيْثُ قَالَ: الْقَسَامَةُ بِفَتْحٍ الْيَمِينُ كَالْقَسَمِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ أَقْسَمَ قَسَمًا وَقَسَامَةً إذَا حَلَفَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهَا اسْمُ مَصْدَرٍ وَاخْتَارَهُ الْمُطَرِّزِيُّ فِي الْمُغْرِبِ، حَيْثُ قَالَ: الْقَسَمُ الْيَمِينُ يُقَالُ أَقْسَمَ بِاَللَّهِ إقْسَامًا، وَقَوْلُهُمْ حَكَمَ الْقَاضِي بِالْقَسَامَةِ اسْمٌ مِنْهُ وُضِعَ مَوْضِعَ الْأَقْسَامِ، وَاخْتَارَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ الْأَوَّلَ، وَاخْتَارَ مُنْلَا مِسْكِينٍ الثَّانِي اهـ ط

<<  <  ج: ص:  >  >>