هُوَ الْمُفْتِي الْيَوْمَ وَلَا شَيْءَ لِذِمِّيٍّ فِي بَيْتِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَهْلِكَ لِضَعْفِهِ فَيُعْطِيَهُ مَا يَسُدُّ جَوْعَتُهُ (وَمَنْ مَاتَ) مِمَّنْ ذُكِرَ (فِي نِصْفِ الْحَوْلِ حَرُمَ مِنْ الْعَطَاءِ) لِأَنَّهُ صِلَةٌ فَلَا تُمْلَكُ إلَّا بِالْقَبْضِ، وَأَهْلُ الْعَطَاءِ فِي زَمَانِنَا الْقَاضِي وَالْمُفْتِي وَالْمُدَرِّسُ صَدْرُ شَرِيعَةٍ (وَلَوْ) مَاتَ (فِي آخِرِهِ) أَوْ بَعْدَ تَمَامِهِ كَمَا صَحَّحَهُ أَخِي زَادَهْ (يُسْتَحَبُّ الصَّرْفُ إلَى قَرِيبِهِ) لِأَنَّهُ أَوْفَى تَعَبَهُ فَيُنْدَبُ الْوَفَاءُ لَهُ وَمَنْ تَعَجَّلَهُ ثُمَّ مَاتَ أَوْ عُزِلَ قَبْلَ الْحَوْلِ يَجِبُ رَدُّ مَا بَقِيَ وَقِيلَ لَا كَالنَّفَقَةِ الْمُعَجَّلَةِ زَيْلَعِيٌّ
[مَطْلَبٌ فِي مَصَارِفِ بَيْتِ الْمَالِ]
(وَالْمُؤَذِّنُ وَالْإِمَامُ إذَا كَانَ لَهُمَا وَقْفٌ وَلَمْ يَسْتَوْفِيَا حَتَّى مَاتَا فَإِنَّهُ يَسْقُطُ) لِأَنَّهُ كَالصِّلَةِ (وَكَذَلِكَ الْقَاضِي وَقِيلَ لَا) يَسْقُطُ لِأَنَّهُ كَالْأُجْرَةِ
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ لِأَبِي يُوسُفَ الَّذِي خَاطَبَ بِهِ هَارُونَ الرَّشِيدِ حَيْثُ قَالَ: فَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى أَرْزَاقِ الْقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ وَالْوُلَاةِ وَالنُّقْصَانُ مِمَّا يَجْرِي عَلَيْهِمْ، فَذَلِكَ إلَيْك مَنْ رَأَيْت أَنْ تَزِيدَهُ مِنْ الْوُلَاةِ وَالْقُضَاةِ فِي رِزْقِهِمْ فَزِدْهُ وَمَنْ رَأَيْت أَنْ تَحُطَّ رِزْقَهُ حَطَطْت (قَوْلُهُ هُوَ الْمُفْتَى الْيَوْمُ) لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُحَفِّظُونَ الْقُرْآنَ وَيُعَلِّمُونَ أَحْكَامَهُ ط (قَوْلُهُ مِمَّنْ ذُكِرَ) أَيْ مِمَّنْ يَقُومُ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، كَالْقُضَاةِ وَالْغُزَاةِ، وَنَحْوِهِمْ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ فِي نِصْفِ الْحَوْلِ) الْمُرَادُ بِهِ مَا قَبْلَ آخِرِهِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَلَوْ فِي آخِرِهِ ط (قَوْلُهُ حُرِمَ مِنْ الْعَطَاءِ) هُوَ مَا يَثْبُتُ فِي الدِّيوَانِ بِاسْمِ كُلٍّ مِمَّنْ ذَكَرْنَا، مِنْ الْمُقَاتِلَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ كَالْجَامِكِيِّةِ فِي عُرْفِنَا إلَّا أَنَّهَا شَهْرِيَّةٌ، وَالْعَطَاءُ سَنَوِيٌّ فَتْحٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ صِلَةٌ) وَلِذَا سُمِّيَ عَطَاءً فَلَا يُمْلَكُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا يُورَثُ وَيَسْقُطُ بِالْمَوْتِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ فِي زَمَانِنَا) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ وَفِي الِابْتِدَاءِ كَانَ يُعْطَى كُلُّ مَنْ كَانَ لَهُ ضَرْبُ مَزِيَّةٍ فِي الْإِسْلَامِ كَأَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَوْلَادِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ (قَوْلُهُ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي وَالْمُدَرِّسُ) عِبَارَةُ الْبَحْرِ مِثْلُ الْقَاضِي، وَالْمُفْتِي وَالْمُدَرِّسِ: وَهِيَ أَوْلَى لِشُمُولِهَا نَحْوَ الْمُقَاتِلَةِ. اهـ. ح. قُلْت: وَهِيَ عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ تَمَامِهِ) هَذَا مَفْهُومٌ بِالْأُولَى لِأَنَّهُ إذَا اُسْتُحِبَّ الصَّرْفُ إلَى الْقَرِيبِ قَبْلَ التَّمَامِ فَبَعْدَهُ أَوْلَى (قَوْلُهُ فَيُنْدَبُ الْوَفَاءُ لَهُ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالْوَجْهُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ لِأَنَّ حَقَّهُ تَأَكَّدَ بِإِتْمَامِ عَمَلِهِ فِي السَّنَةِ، كَمَا قُلْنَا إنَّهُ يُورَثُ سَهْمُ الْغَازِي بَعْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ لِتَأَكُّدِ الْحَقِّ حِينَئِذٍ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ مِلْكٌ وَقَوْلُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَإِنَّمَا خَصَّ نِصْفَ السَّنَةِ لِأَنَّ عِنْدَ آخِرِهَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ إلَى وَرَثَتِهِ، فَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا إلَّا عَلَى قَدْرِ عَنَائِهِ يَقْتَضِي أَنْ يُعْطِيَ حِصَّتَهُ مِنْ الْعَامِ اهـ (قَوْلُهُ قِيلَ يَجِبُ إلَخْ) عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ قِيلَ يَجِبُ رَدُّ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ، وَقِيلَ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ يَرْجِعُ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَرْجِعُ هُوَ يَعْتَبِرُهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى امْرَأَةٍ لِيَتَزَوَّجَهَا وَهُمَا يَعْتَبِرَانِهِ بِالْهِبَةِ اهـ وَنُقِلَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ تَصْحِيحُ وُجُوبِ الرَّدِّ عَنْ الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَلَكِنِّي لَمْ أَرَهُ فِيهِمَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَلْيُرَاجَعْ.
مَطْلَبٌ فِيمَا إذَا مَاتَ الْمُؤَذِّنُ أَوْ الْإِمَامُ قَبْلَ أَخْذِ وَظِيفَتِهِمَا
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ إلَخْ) حَاصِلُهُ: أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ وَالْمُؤَذِّنُ مِنْ الْوَقْفِ بِمَنْزِلَةِ مَا يَأْخُذُهُ الْقَاضِي وَنَحْوُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ فِي مَعْنَى الصِّلَةِ لَا تُمْلَكُ إلَّا بِالْقَبْضِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ إلَخْ) أَيْ مَا يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ وَالْمُؤَذِّنُ قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ جَزَمَ فِي الْبُغْيَةِ تَلْخِيصِ الْقُنْيَةِ بِأَنَّهُ يُورَثُ بِخِلَافِ رِزْقِ الْقَاضِي كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ. اهـ. قُلْت: وَوَجْهُهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلدُّرَرِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ كَالْأُجْرَةِ أَيْ فِيهِ مَعْنَى الْأُجْرَةِ وَمَعْنَى الصِّلَةِ، فَلَيْسَ أُجْرَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، لَكِنَّ وَجْهَ الْأُجْرَةِ فِيهِ أَرْجَحُ لِجَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى الْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ وَالتَّعْلِيمِ كَمَا أَفْتَى بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute