للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ وَقَفَهُ عَلَى مَدْرَسَةٍ يُدَرِّسُ فِيهَا الْمُدَرِّسُ مَعَ طَلَبَتِهِ فَدَرَّسَ فِي غَيْرِهَا لِتَعَذُّرِ التَّدْرِيسِ فِيهَا أَنْ تُصْرَفَ الْعَلُوفَةُ لَهُ لَا لِلْفُقَرَاءِ كَمَا يَقَعُ فِي الرُّومِ.

[فُرُوعٌ مُهِمَّةٌ حَدَثَتْ لِلْفَتْوَى] أَرْصَدَ الْإِمَامُ أَرْضًا عَلَى سَاقِيَةٍ لِيَصْرِفَ خَرَاجَهَا لِكُلْفَتِهَا فَاسْتَغْنَى عَنْهَا لِخَرَابِ الْبَلَدِ فَنَقَلَهَا وَكِيلُ الْإِمَامِ لِسَاقِيَةٍ هِيَ مِلْكٌ هَلْ يَصِحُّ؟ أَجَابَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّ الْإِرْصَادَ عَلَى الْمِلْكِ إرْصَادٌ عَلَى الْمَالِكِ يَعْنِي فَيَصِحُّ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ الْمُرْصَدَ عَلَيْهِ إدَارَتُهَا كَمَا كَانَتْ لِمَا فِي الْحَاوِي الْحَوْضُ إذَا خَرِبَ صُرِفَتْ أَوْقَافُهُ فِي حَوْضٍ آخَرَ فَتَدَبَّرْ.

دَارٌ كَبِيرَةٌ فِيهَا بُيُوتٌ وَقَفَ بَيْتًا مِنْهَا عَلَى عَتِيقَةِ فُلَانٍ وَالْبَاقِي عَلَى ذُرِّيَّتِهِ وَعَقِبِهِ ثُمَّ عَلَى عُتَقَائِهِ فَآلَ الْوَقْفُ إلَى الْعُتَقَاءِ هَلْ يَدْخُلُ مَنْ خَصَّهُ بِالْبَيْتِ فِي الثَّانِي؟ اخْتَلَفَ الْإِفْتَاءُ أَخْذًا مِنْ خِلَافٍ

ــ

[رد المحتار]

وَهَذَا سَبْقُ قَلَمٍ فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فَقَدْ قَالَ نَفْسُهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ مِنْ الْخَيْرِيَّةِ وَالْمُنْقَطِعُ الْوَسَطِ فِيهِ خِلَافٌ قِيلَ يُصْرَفُ إلَى الْمَسَاكِينِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَنَا وَالْمُتَظَافِرُ عَلَى أَلْسِنَةِ عُلَمَائِنَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَسْطُرٍ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ آخَرَ وَفِي مُنْقَطِعِ الْوَسَطِ الْأَصَحُّ صَرْفُهُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَأَمَّا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ اهـ (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي إلَخْ) وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ بَعْدَ كَلَامٍ فَعُلِمَ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ الْوَقْفَ الْمَعْلُومَ لِأَحَدٍ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ عِنْدَ قِيَامِ الْمَانِعِ مِنْ الْعَمَلِ وَلَمْ يَكُنْ بِتَقْصِيرِهِ سَوَاءٌ كَانَ نَاظِرًا أَوْ غَيْرَهُ كَالْجَابِي. اهـ.

[فُرُوعٌ مُهِمَّةٌ]

(قَوْلُهُ: أَرْصَدَ الْإِمَامُ أَرْضًا) أَيْ أَخْرَجَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَعَيَّنَهَا لِهَذِهِ الْجِهَةِ وَالْإِرْصَادُ لَيْسَ بِوَقْفٍ حَقِيقَةً لِعَدَمِ الْمِلْكِ بَلْ يُشْبِهُهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: يَعْنِي فَيَصِحُّ) عِبَارَةُ النَّهْرِ بَعْدَهُ وَهَذَا لَمْ أَرَهُ فِي كَلَامِ عُلَمَائِنَا إلَّا أَنَّهُ فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ الْمَسْجِدُ إذَا خَرِبَ أَوْ الْحَوْضُ إذَا خَرِبَ وَلَمْ يُحْتَجْ إلَيْهِ لِتَفَرُّقِ النَّاسِ عَنْهُ صُرِفَتْ أَوْقَافُهُ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ أَوْ حَوْضٍ آخَرَ اهـ وَعَلَى هَذَا فَيَلْزَمُ الْمُرْصَدَ عَلَيْهِ أَنْ يُدِيرَهُمَا لِسَقْيِ الدَّوَابِّ وَتَسْبِيلِ الْمَاءِ كَمَا كَانَتْ، وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْ كَوْنِهِ إرْصَادًا عَلَى الْمَالِكِ أَنْ لَا يَلْزَمَ ذَلِكَ فَتَدَبَّرْهُ اهـ كَلَامُ النَّهْرِ

وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْمَنْقُولَ عِنْدَنَا أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ إذَا خَرِبَ يُصْرَفُ وَقْفُهُ إلَى مُجَانِسِهِ فَتُصْرَفُ أَوْقَافُ الْمَسْجِدِ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ وَأَوْقَافُ الْحَوْضِ إلَى حَوْضٍ آخَرَ وَالْإِرْصَادُ نَظِيرُ الْوَقْفِ، فَحَيْثُ اسْتَغْنَى عَنْ السَّاقِيَةِ الْأُولَى وَأَرْصَدَ وَكِيلُ الْإِمَامِ الْأَرْضَ عَلَى السَّاقِيَةِ الثَّانِيَةِ الْمَمْلُوكَةِ وَكَانَ ذَلِكَ إرْصَادًا عَلَى مَالِكِهَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ أَنْ يُدِيرَ تِلْكَ الْأَرْضَ أَيْ غَلَّتَهَا وَخَرَاجَهَا إلَى سَقْيِ الدَّوَابِّ وَنَحْوِهَا لِيَكُونَ صَرْفًا إلَى مَا يُجَانِسُ الْأَوَّلَ كَمَا فِي الْوَقْفِ، لِأَنَّ وَكِيلَ الْإِمَامِ لَمْ يَرْصُدْهَا لِيَنْتَفِعَ الْمَالِكُ بِخَرَاجِهَا كَيْفَمَا أَرَادَ بَلْ لِيَكُونَ لِسَقْيِ الْمَاءِ كَمَا كَانَتْ حِينَ أَرْصَدَهَا الْإِمَامُ أَوْ لَا، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ إدَارَةُ خَرَاجِ الْأَرْضِ عَلَى سَاقِيَتِهِ الَّتِي أَرْصَدَ عَلَيْهَا وَكِيلُ الْإِمَامِ بَلْ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى سَاقِيَةٍ أُخْرَى إذْ لَا يَلْزَمُهُ بِالْإِرْصَادِ الْمَذْكُورِ أَنْ يُسَبِّلَ مِلْكَهُ كَمَا لَا يَخْفَى، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ ظَهَرَ لَك أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ إدَارَتُهَا كَمَا كَانَتْ عَائِدٌ إلَى الْأَرْضِ الْمُرْصَدَةِ لَا إلَى السَّاقِيَةِ كَمَا لَا يَخْفَى وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يَجْعَلَ سَاقِيَتَهُ سَبِيلًا لِلنَّاسِ جَبْرًا وَلَا يَقُولُهُ أَحَدٌ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِمَا فِي الْحَاوِي إلَخْ) حَاصِلُهُ: أَنَّ مَا خَرِبَ تُصْرَفُ أَوْقَافُهُ إلَى مُجَانِسِهِ فَكَذَا الْإِرْصَادُ، فَهُوَ اسْتِدْلَالٌ عَلَى قَوْلِهِ تَلْزَمُ إدَارَتُهَا أَيْ الْأَرْضِ الْمُرْصَدَةِ كَمَا كَانَتْ أَيْ بِأَنْ يَصْرِفَ خَرَاجَهَا فِي تَسْبِيلِ الْمَاءِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ، وَالْمَقْصُودُ إلْحَاقُ الْإِرْصَادِ بِالْوَقْفِ لِأَنَّهُ نَظِيرُهُ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ النَّقْلِ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ وَقْفٍ إلَى وَقْفٍ وَفِي الْحَادِثَةِ وَمِنْ وَقْفٍ إلَى مِلْكٍ فَافْهَمْ.

مَطْلَبٌ وَقَفَ بَيْتًا عَلَى عَتِيقَةِ فُلَانٍ وَالْبَاقِي عَلَى عُتَقَائِهِ هَلْ يَدْخُلُ فُلَانٌ مَعَهُمْ؟

(قَوْلُهُ: فِي الثَّانِي) مُتَعَلِّقٌ بِيَدْخُلُ أَيْ فِي الْوَقْفِ الثَّانِي الْمَوْقُوفِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَالْعَقِبِ ثُمَّ عَلَى الْعُتَقَاءِ وَالْمُرَادُ هَلْ يُشَارِكُ عَتِيقَةَ فُلَانٍ بَقِيَّةُ الْعُتَقَاءِ فِيمَا آلَ إلَيْهِمْ لِكَوْنِهِ مِنْهُمْ أَوْ لَا يَدْخُلُ لِكَوْنِ الْوَاقِفِ خَصَّهُ بِوَقْفٍ عَلَى حِدَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>