للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا بَأْسَ بِنَقْشِهِ خَلَا مِحْرَابَهُ) فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ يُلْهِي الْمُصَلِّي. وَيُكْرَه التَّكَلُّفُ بِدَقَائِقِ النُّقُوشِ وَنَحْوِهَا خُصُوصًا فِي جِدَارِ الْقِبْلَةِ قَالَهُ الْحَلَبِيُّ. وَفِي حَظْرِ الْمُجْتَبَى: وَقِيلَ يُكْرَهُ فِي الْمِحْرَابِ دُونَ السَّقْفِ وَالْمُؤَخَّرِ انْتَهَى. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمِحْرَابِ جِدَارُ الْقِبْلَةِ فَلْيُحْفَظْ (بِجِصٍّ وَمَاءِ ذَهَبٍ) لَوْ (بِمَالِهِ) الْحَلَالِ (لَا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ) فَإِنَّهُ حَرَامٌ (وَضَمِنَ مُتَوَلِّيه لَوْ فَعَلَ) النَّقْشَ أَوْ الْبَيَاضَ إلَّا إذَا خِيفَ طَمَعُ الظُّلْمَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَافِي، وَإِلَّا إذَا كَانَ لِإِحْكَامِ الْبِنَاءِ أَوْ الْوَاقِفُ فَعَلَ مِثْلَهُ لِقَوْلِهِمْ: إنَّهُ يَعْمُرُ الْوَقْفَ كَمَا كَانَ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ.

[فُرُوعٌ]

أَفْضَلُ الْمَسَاجِدِ مَكَّةُ، ثُمَّ الْمَدِينَةُ، -

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ: كَلِمَةُ (لَا بَأْسَ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ غَيْرُهُ لِأَنَّ الْبَأْسَ الشِّدَّةُ

(قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ إلَخْ) فِي هَذَا التَّعْبِيرِ كَمَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُؤْجَرُ، وَيَكْفِيه أَنْ يَنْجُوَ رَأْسًا بِرَأْسٍ. اهـ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ لِأَنَّ لَفْظَ لَا بَأْسَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْبَأْسَ الشِّدَّةُ اهـ وَلِهَذَا قَالَ فِي حَظْرِ الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ: وَالصَّرْفُ إلَى الْفُقَرَاءِ أَفْضَلُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ. وَقِيلَ يُكْرَهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُزَيَّنَ الْمَسَاجِدُ» ، الْحَدِيثُ. وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُلْهِي الْمُصَلِّي) أَيْ فَيُخِلُّ بِخُشُوعِهِ مِنْ النَّظَرِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ وَنَحْوِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْبَدَائِعِ فِي مُسْتَحَبَّاتِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ يَنْبَغِي الْخُشُوعُ فِيهَا، وَيَكُونُ مُنْتَهَى بَصَرِهِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ إلَخْ وَكَذَا صَرَّحَ فِي الْأَشْبَاهِ أَنَّ الْخُشُوعَ فِي الصَّلَاةِ مُسْتَحَبٌّ. وَالظَّاهِرُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْكَرَاهَةَ هُنَا تَنْزِيهِيَّةٌ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ التَّكَلُّفُ إلَخْ) تَخْصِيصٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ مِنْ نَفْيِ الْبَأْسِ بِالنَّقْشِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَعِنْدَنَا لَا بَأْسَ بِهِ، وَمَحْمَلُ الْكَرَاهَةِ التَّكَلُّفُ بِدَقَائِقِ النُّقُوشِ وَنَحْوِهِ خُصُوصًا فِي الْمِحْرَابِ اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) كَأَخْشَابٍ ثَمِينَةٍ وَبَيَاضٍ بِنَحْوِ سِبِيدَاجَ اهـ ط (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ إلَخْ) أَيْ ظَاهِرُ التَّعْلِيلِ بِأَنَّهُ يُلْهِي، وَكَذَا إخْرَاجُ السَّقْفِ وَالْمُؤَخَّرِ، فَإِنَّ سَبَبَهُ عَدَمُ الْإِلْهَاءِ، فَيُفِيدُ أَنَّ الْمَكْرُوهَ جِدَارُ الْقِبْلَةِ بِتَمَامِهِ لِأَنَّ عِلَّةَ الْإِلْهَاءِ لَا تَخُصُّ الْإِمَامَ، بَلْ بَقِيَّةُ أَهْلِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ كَذَلِكَ، وَلِذَا قَالَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: وَكَرِهَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا النَّقْشَ عَلَى الْمِحْرَابِ وَحَائِطِ الْقِبْلَةِ لِأَنَّهُ يَشْغَلُ قَلْبَ الْمُصَلِّي اهـ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي حَائِطِ الْمَيْمَنَةِ أَوْ الْمَيْسَرَةِ لِأَنَّهُ يُلْهِي الْقَرِيبَ مِنْهُ (قَوْلُهُ لَوْ بِمَالِهِ الْحَلَالِ) قَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ: أَمَّا لَوْ أَنْفَقَ فِي ذَلِكَ مَالًا خَبِيثًا وَمَالًا سَبَبُهُ الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ فَيُكْرَهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْبَلُ إلَّا الطَّيِّبَ، فَيُكْرَهُ تَلْوِيثُ بَيْتِهِ بِمَا لَا يَقْبَلُهُ. اهـ. شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا خِيفَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ اجْتَمَعَتْ عِنْدَهُ أَمْوَالُ الْمَسْجِدِ وَهُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْ الْعِبَارَةِ، وَإِلَّا فَيَضْمَنُهَا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ) حَيْثُ قَالَ: وَقَيَّدُوا بِالْمَسْجِدِ إذْ نَقْشُ غَيْرِهِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ إلَّا إذَا كَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ تَزِيدُ الْأُجْرَةُ بِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَأَرَادُوا مِنْ الْمَسْجِدِ دَاخِلَهُ فَيُفِيدُ أَنَّ تَزْيِينَ خَارِجِهِ مَكْرُوهٌ؛ وَأَمَّا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُتَوَلِّي فِعْلَهُ مُطْلَقًا لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِيهِ، خُصُوصًا إذَا قَصَدَ بِهِ حِرْمَانَ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ كَمَا شَاهَدْنَا فِي زَمَانِنَا

[فُرُوعٌ أَفْضَلُ الْمَسَاجِدِ]

مَطْلَبٌ فِي أَفْضَلِ الْمَسَاجِدِ

(قَوْلُهُ أَفْضَلُ الْمَسَاجِدِ مَكَّةُ) أَيْ مَسْجِدُ مَكَّةَ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ إلَى قَوْلِهِ الْأَقْدَمُ ح. وَفِي تَسْهِيلِ الْمَقَاصِدِ لِلْعَلَّامَةِ أَحْمَدْ بْنِ الْعِمَادِ أَنَّ أَفْضَلَ مَسَاجِدِ الْأَرْضِ الْكَعْبَةُ لِأَنَّهُ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ، ثُمَّ الْمَسْجِدُ الْمُحِيطُ بِهَا لِأَنَّهُ أَقْدَمُ مَسْجِدٍ بِمَكَّةَ ثُمَّ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا تَعْدِلُ أَلْفَ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ» حَمَوِيٌّ مُلَخَّصًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>