بَابُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ (وَيَطْلُبُهَا الشَّفِيعُ فِي مَجْلِسٍ عَلِمَهُ) مِنْ مُشْتَرٍ أَوْ رَسُولِهِ أَوْ عَدْلٍ أَوْ عَدَدٍ (بِالْبَيْعِ) وَإِنْ امْتَدَّ الْمَجْلِسُ كَالْمُخَيَّرَةِ هُوَ الْأَصَحُّ دُرَرٌ وَعَلَيْهِ الْمُتُونُ، خِلَافًا لِمَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ مُهِمٌّ كَوْنُ الْأَرْضِ عُشْرِيَّةً أَوْ خَرَاجِيَّةً لَا يُنَافِي الْمِلْكِيَّةَ فَتَجِبُ فِيهَا الشُّفْعَةُ مَا لَمْ تَكُنْ سُلْطَانِيَّةً.
[تَتِمَّةٌ]
قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِي الْأَرَاضِيِ السُّلْطَانِيَّةِ، وَذَكَرَ فِي الْخَيْرِيَّةِ أَنَّ كَوْنَ الْأَرْضِ عُشْرِيَّةً أَوْ خَرَاجِيَّةً لَا يُنَافِي الْمِلْكَ، فَفِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ: أَرْضُ الْخَرَاجِ أَوْ الْعُشْرِ مَمْلُوكَةٌ يَجُوزُ بَيْعُهَا وَإِيقَافُهَا وَتُورَثُ، فَتَثْبُتُ فِيهَا الشُّفْعَةُ بِخِلَافِ السُّلْطَانِيَّةِ الَّتِي تَدْفَعُ مُزَارَعَةً لَا تُبَاعُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا، فَلَوْ ادَّعَى وَاضِعُ الْيَدِ أَنَّ الْأَرْضَ مِلْكُهُ وَأَنَّهُ يُؤَدِّي خَرَاجَهَا فَالْقَوْلُ لَهُ وَعَلَى مَنْ نَازَعَهُ فِي الْمِلْكِيَّةِ الْبُرْهَانُ إنْ صَحَّتْ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا ذَكَرْته لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ فِي بِلَادِنَا اهـ مُلَخَّصًا، وَقَدَّمْنَا أَيْضًا أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِي الْبِنَاءِ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ وَلَا لَهَا كَالْوَقْفِ.
مَطْلَبٌ بَاعَ دَارًا بَعْضُهَا مُحْتَكَرٌ هَلْ تَثْبُتُ لِلْجَارِ الشُّفْعَةُ
وَسُئِلْت مِنْ نَائِبِ قَاضِي دِمَشْقَ عَمَّا إذَا بِيعَتْ دَارٌ فِيهَا قِطْعَةٌ مُحْتَكَرَةٌ فَهَلْ لِلدَّارِ الشُّفْعَةُ؟ فَأَجَبْته: بِأَنِّي لَمْ أَرَهَا صَرِيحًا وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ لَهُ أَخْذَ الدَّارِ سِوَى تِلْكَ الْقِطْعَةِ وَمَا عَلَيْهَا مِنْ الْبِنَاءِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ جِوَارُهُ لِلدَّارِ الْمَبِيعَةِ بِمُلَاصَقَتِهِ لِتِلْكَ الْقِطْعَةِ، أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: بَاعَ أَرْضِينَ صَفْقَةً وَرَجُلٌ شَفِيعٌ لِوَاحِدَةِ لَهُ أَخْذُهَا فَقَطْ، وَمِمَّا سَيَأْتِي فِي الْحِيَلِ: لَوْ بَاعَ عَقَارًا إلَّا ذِرَاعًا فِي جَانِبِ الشَّفِيعِ فَلَا شُفْعَةَ لِعَدَمِ الِاتِّصَالِ تَأَمَّلْ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[بَابُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ]
(قَوْلُهُ مِنْ مُشْتَرٍ) مُتَعَلِّقٌ بِعَلِمَهُ ح (قَوْلُهُ أَوْ عَدْلٍ أَوْ عَدَدٍ) أَيْ لَوْ كَانَ الْمُخْبِرُ فُضُولِيًّا، وَالْمُرَادُ بِالْعَدَدِ عَدَدُ الشَّهَادَةِ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، وَأَفَادَ عَدَمَ اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فِي الْعَدَدِ وَكَذَا فِي الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ خَصْمٌ، وَلَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ فِي الْخُصُومِ، وَمِثْلُهُ رَسُولُهُ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِيهَا إنْ كَانَ الْفُضُولِيُّ وَاحِدًا غَيْرَ عَدْلٍ فَإِنْ صَدَّقَهُ ثَبَتَ الشِّرَاءُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ لَا وَإِنْ ظَهَرَ صِدْقُ الْخَبَرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ. قَالَ فِي الدُّرَرِ: وَقَالَا يَكْفِي وَاحِدٌ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً إذَا كَانَ الْخَبَرُ صِدْقًا (قَوْلُهُ بِالْبَيْعِ) مُتَعَلِّقٌ بِعَلِمَهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ امْتَدَّ الْمَجْلِسُ) مَا لَمْ يَشْتَغِلْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ دُرَرُ الْبِحَارِ (قَوْلُهُ كَالْمُخَيَّرَةِ) أَيْ كَخِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ وَهِيَ الَّتِي قَالَ لَهَا زَوْجُهَا أَمْرُك بِيَدِك (قَوْلُهُ هُوَ الْأَصَحُّ) وَاخْتَارَهُ الْكَرْخِيُّ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْمُتُونُ) أَيْ ظَاهِرُهَا ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ عَبَّرُوا بِالْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى إلَخْ) أَشَارَ إلَى عَدَمِ اخْتِيَارِهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِظَاهِرِ الْمُتُونِ، لَكِنَّ هَذَا الْقَوْلَ مُنَاسِبٌ لِتَسْمِيَتِهِ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ وَلِظَاهِرِ الْحَدِيثِ الْآتِي، وَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ اخْتِيَارُهُ وَنَسَبَهُ إلَى عَامَّةِ الْمَشَايِخِ قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، حَتَّى لَوْ سَكَتَ هُنَيَّة بِغَيْرِ عُذْرٍ وَلَمْ يَطْلُبْ أَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ لَغْوٍ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ اهـ، وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى مِنْ كَلَامِ الْجَوْهَرِيِّ وَهَذَا تَرْجِيحٌ صَرِيحٌ مَعَ كَوْنِهِ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ فَيُقَدَّمُ عَلَى تَرْجِيحِ الْمُتُونِ بِمَشْيِهِمْ عَلَى خِلَافِهِ لِأَنَّهُ ضِمْنِيٌّ.
[فُرُوعٌ]
أُخْبِرَ بِكِتَابٍ وَالشُّفْعَةُ فِي أَوَّلِهِ أَوْ وَسَطِهِ وَقَرَأَهُ إلَى آخِرِهِ بَطَلَتْ هِدَايَةٌ. سَمِعَ وَقْتَ الْخُطْبَةِ فَطَلَبَ بَعْدَ الصَّلَاةِ إنْ بِحَيْثُ يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ لَا تَبْطُلُ وَإِلَّا فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، وَلَوْ أُخْبِرَ فِي التَّطَوُّعِ فَجَعَلَهُ أَرْبَعًا أَوْ سِتًّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute