للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلَّا لَا فَلْيَكُنْ التَّوْفِيقُ فَتَأَمَّلْ؛ وَهَلْ تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ مَا دَامَ فِي يَدِ الْمُؤَجِّرِ؟ خِلَافٌ مَبْسُوطٌ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ

[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْمُؤَجِّرِ وَلِغَيْرِهِ]

(وَكَّلَهُ بِاسْتِئْجَارِ عَقَارٍ فَفَعَلَ) الْوَكِيلُ (وَقَبَضَ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا) أَيْ لَمْ يُسَلِّمْ الْوَكِيلُ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمُوَكِّلِ (حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ) فَالْأَجْرُ عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ أَصِيلٌ فِي الْحُقُوقِ وَ (رَجَعَ الْوَكِيلُ بِالْأُجْرَةِ عَلَى الْآمِرِ) لِنِيَابَتِهِ عَنْهُ فِي الْقَبْضِ فَصَارَ قَابِضًا حُكْمًا (وَكَذَا) الْحُكْمُ (إنْ شَرَطَ) الْوَكِيلُ (تَعْجِيلَ الْأَجْرِ وَقَبْضَ) الدَّارَ (وَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَطْلُبْ الْآمِرُ) الدَّارَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ أَيْضًا لِصَيْرُورَةِ الْآمِرِ قَابِضًا بِقَبْضِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ الْمَنْعُ (وَإِنْ طَلَبَ) الْآمِرُ الدَّارَ (وَأَبَى) الْوَكِيلُ (لِيُعَجِّلَ) الْأَجْرَ (لَا) يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حَبَسَ الدَّارَ بِحَقٍّ لَمْ تَبْقَ يَدُهُ يَدَ نِيَابَةٍ فَلَمْ يَضُرَّ الْمُوَكِّلَ قَابِضًا حُكْمًا فَلَا يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ

(يَسْتَحِقُّ الْقَاضِي الْأَجْرَ عَلَى كُتُبِ الْوَثَائِقِ) وَالْمُحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ (قَدْرَ مَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ كَالْمُفْتِي) فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَجْرَ الْمِثْلِ عَلَى كِتَابَةِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الْجَوَابُ بِاللِّسَانِ دُونَ الْكِتَابَةِ بِالْبَنَانِ، وَمَعَ هَذَا الْكَفِّ أَوْلَى احْتِرَازًا عَنْ الْقِيلِ وَالْقَالِ وَصِيَانَةً لِمَاءِ الْوَجْهِ عَنْ الِابْتِذَالِ بَزَّازِيَّةٌ، وَتَمَامُهُ فِي قَضَاءِ الْوَهْبَانِيَّةِ وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ: حَكَمَ وَطَلَبَ أُجْرَةً لِيَكْتُبَ شَهَادَتَهُ جَازَ، وَكَذَا الْمُفْتِي لَوْ فِي الْبَلْدَةِ غَيْرُهُ،

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ فَتَأَمَّلْ) قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ هَذَا التَّوْفِيقَ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَتَعَيَّنَ مَا قَالَهُ ح الَّذِي يَظْهَرُ مَا فِي الْوَهْبَانِيَّةِ نَظَرًا لِلْعِلَّةِ وَلِتَصْحِيحِ قَاضِي خَانْ وَالْمُضْمَرَاتِ. (قَوْلُهُ وَهَلْ تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ إلَخْ) أَقُولُ: الَّذِي فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْأَجْرُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ. وَنَقَلَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ أَبِي اللَّيْثِ مُوَافَقَةَ الْبَلْخِيّ. وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى بِالنُّونِ الصَّحِيحُ أَنَّ الْإِجَارَةَ وَالْإِعَارَةَ لَا يَكُونُ فَسْخًا، لَكِنْ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ مَا دَامَ فِي يَدِ الْآجِرِ اهـ مُلَخَّصًا.

وَأَنْتَ خَبِيرٌ أَنَّ مَا قَدَّمَهُ مِنْ التَّوْفِيقِ مَحَلُّهُ هُنَا عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ سَابِقًا، بِأَنْ يُقَالَ: إنْ قَبَضَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ سَقَطَ الْأَجْرُ وَإِلَّا فَلَا فَتَدَبَّرْ، وَقَدْ أَفَادَتْ عِبَارَةُ الْمُنْتَقَى أَنَّ الْإِعَارَةَ حُكْمُهَا كَالْإِجَارَةِ فِي الصَّحِيحِ. .

[فَرْعٌ]

فِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ: إذَا تَقَابَلَ الْمُؤَجِّرُ الْأَوَّلُ وَالْمُسْتَأْجِرُ مِنْهُ فَالتَّقَابُلُ صَحِيحٌ وَتَنْفَسِخُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ اهـ

(قَوْلُهُ وَرَجَعَ الْوَكِيلُ بِالْأَجْرِ عَلَى الْآمِرِ) سَوَاءٌ مَنَعَهَا مِنْ الْآمِرِ أَوْ لَا دُرَرٌ. وَنَقَلَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ الرُّجُوعَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. ثُمَّ قَالَ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ بِالْحَبْسِ صَارَ غَاصِبًا وَالْغَصْبُ مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ مُتَصَوَّرٌ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ جَدِّ صَاحِبِ الْمُحِيطِ.

[فَرْعٌ]

وَهَبَ الْآجِرُ الْأَجْرَ مِنْ الْوَكِيلِ أَوْ أَبْرَأهُ صَحَّ، وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ خُلَاصَةٌ.

مَطْلَبٌ فِي أُجْرَةِ صَكِّ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي.

(قَوْلُهُ يَسْتَحِقُّ الْقَاضِي الْأَجْرَ إلَخْ) قِيلَ عَلَى الْمُدَّعِي إذْ بِهِ إحْيَاءُ حَقِّهِ فَنَفْعُهُ لَهُ، وَقِيلَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذْ هُوَ يَأْخُذُ السِّجِلَّ، وَقِيلَ عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَ الْكَاتِبَ، وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ أَحَدٌ وَأَمَرَهُ الْقَاضِي فَعَلَى مَنْ يَأْخُذُ السِّجِلَّ، وَعَلَى هَذَا أُجْرَةُ الصَّكَّاكِ عَلَى مَنْ يَأْخُذُ الصَّكَّ فِي عُرْفِنَا، وَقِيلَ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْمِنَحِ عَنْ الزَّاهِدِيِّ: هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ اهـ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ قَدْرَ مَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ) قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لِلْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ مَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ، وَمَا قِيلَ فِي كُلِّ أَلْفٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ لَا نَقُولُ بِهِ وَلَا يَلِيقُ ذَلِكَ بِالْفِقْهِ، وَأَيُّ مَشَقَّةٍ لِلْكَاتِبِ فِي كَثْرَةِ الثَّمَنِ؟ وَإِنَّمَا أَجْرُ مِثْلِهِ بِقَدْرِ مَشَقَّتِهِ أَوْ بِقَدْرِ عَمَلِهِ فِي صَنْعَتِهِ أَيْضًا كَحَكَّاكٍ وَثَقَّابٍ يَسْتَأْجِرُ بِأَجْرٍ كَثِيرٍ فِي مَشَقَّةٍ قَلِيلَةٍ اهـ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: أَفْهَمَ ذَلِكَ جَوَازَ أَخْذِ الْأُجْرَةِ الزَّائِدَةِ وَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ مَشَقَّتُهُ قَلِيلَةٌ وَنَظَرُهُمْ لِمَنْفَعَةِ الْمَكْتُوبِ لَهُ اهـ.

قُلْتُ: وَلَا يَخْرُجُ ذَلِكَ عَنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ، فَإِنَّ مَنْ تَفَرَّغَ لِهَذَا الْعَمَلِ كَثَقَّابِ اللَّآلِئِ مَثَلًا لَا يَأْخُذُ الْأَجْرَ عَلَى قَدْرِ مَشَقَّتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقَوَّمُ بِمُؤْنَتِهِ، وَلَوْ أَلْزَمْنَاهُ ذَلِكَ لَزِمَ ضَيَاعُ هَذِهِ الصَّنْعَةِ فَكَانَ ذَلِكَ أَجْرَ مِثْلِهِ

١ -

(قَوْلُهُ لِيَكْتُبَ شَهَادَتَهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>