للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ) شَرْطًا (لِإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ نَحْوُ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ) فَعَلَيَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ (وَهُوَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ زَيْدًا (مَكْفُولٌ عَنْهُ) أَوْ مُضَارِبُهُ أَوْ مُودِعُهُ أَوْ غَاصِبُهُ جَازَتْ الْكَفَالَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِقُدُومِهِ لِتَوَسُّلِهِ لِلْأَدَاءِ (أَوْ) شَرْطًا (لِتَعَذُّرِهِ) أَيْ الِاسْتِيفَاءِ (نَحْوُ إنْ غَابَ زَيْدٌ عَنْ الْمِصْرِ) فَعَلَيَّ وَأَمْثِلَتُهُ كَثِيرَةٌ، فَهَذِهِ جُمْلَةُ الشُّرُوطِ الَّتِي يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِهَا

(وَلَا تَصِحُّ) إنْ عُلِّقَتْ بِ (غَيْرِ) مُلَائِمٍ (نَحْوُ إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ) لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِالْخَطَرِ فَتَبْطُلُ وَلَا يَلْزَمُ الْمَالُ

ــ

[رد المحتار]

(قَوْلُهُ: أَوْ شَرْطًا لِإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ إلَخْ) أَيْ لِسُهُولَةِ تَمَكُّنِ الْكَفِيلِ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَالِ مِنْ الْأَصِيلِ.

قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَإِنَّ قُدُومَهُ سَبَبٌ مُوصِلٌ لِلِاسْتِيفَاءِ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ كَوْنِ التَّقْدِيرِ فَعَلَى مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَهُوَ مَكْفُولٌ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مُضَارِبُهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ يَرْجِعُ إلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ اهـ ح.

وَقَدْ أَفَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قُدُومُ زَيْدٍ وَسِيلَةً لِلْأَدَاءِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَصِيلًا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَهَذَا مَا حَقَّقَهُ فِي النَّهْرِ وَالرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ رَدًّا عَلَى مَا فَهِمَهُ فِي الْبَحْرِ.

قُلْت: وَمَنْ أَمْعَنَ النَّظَرَ فِي كَلَامِ الْبَحْرِ لَمْ يَجِدْهُ مُخَالِفًا لِذَلِكَ بَلْ مُرَادُهُ مَا ذَكَرَ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّ كَلَامَ الْقُنْيَةِ شَامِلٌ لِكَوْنِ زَيْدٍ أَجْنَبِيًّا.

ثُمَّ قَالَ: وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَكْفُولًا عَنْهُ لِمَا فِي الْبَدَائِعِ؛ لِأَنَّ قُدُومَهُ وَسِيلَةٌ إلَى الْأَدَاءِ فِي الْجُمْلَةِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَكْفُولًا عَنْهُ أَوْ مُضَارِبِهِ اهـ.

ثُمَّ قَالَ: وَعِبَارَةُ الْبَدَائِعِ أَزَالَتْ اللَّبْسَ وَأَوْضَحَتْ كُلَّ تَخْمِينٍ وَحَدْسٍ اهـ، فَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْأَجْنَبِيَّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَأَمْثِلَتُهُ كَثِيرَةٌ) مِنْهَا مَا فِي الدِّرَايَةِ ضَمِنْت كُلَّ مَا لَكَ عَلَى فُلَانٍ إنْ تَوَى، وَكَذَا إنْ مَاتَ وَلَمْ يَدَّعِ شَيْئًا فَأَنَا ضَامِنٌ، وَكَذَا إنْ حَلَّ مَا لَكَ عَلَى فُلَانٍ وَلَمْ يُوَافِك بِهِ فَهُوَ عَلَيَّ وَإِنْ حَلَّ مَا لَكَ عَلَى فُلَانٍ أَوْ إنْ مَاتَ فَهُوَ عَلَيَّ، وَقَدَّمْنَا عَنْ الْخَانِيَّةِ إنْ غَابَ وَلَمْ أُوَافِك بِهِ فَأَنَا ضَامِنٌ لِمَا عَلَيْهِ، فَهَذَا عَلَى أَنْ يُوَافِيَ بِهِ بَعْدَ الْغَيْبَةِ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ: إنْ لَمْ يَدْفَعْ مَدْيُونُك أَوْ إنْ لَمْ يَقْضِهِ فَهُوَ عَلَيَّ، ثُمَّ إنَّ الطَّالِبَ تَقَاضَى الْمَطْلُوبَ فَقَالَ الْمَدْيُونُ لَا أَدْفَعُهُ وَلَا أَقْضِيهِ وَجَبَ عَلَى الْكَفِيلِ السَّاعَةَ.

وَعَنْهُ أَيْضًا إنْ لَمْ يُعْطِك فَأَنَا ضَامِنٌ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَقَاضَاهُ وَيُعْطِيَهُ بَطَلَ الضَّمَانُ، وَلَوْ بَعْدَ التَّقَاضِي قَالَ أَنَا أُعْطِيك، فَإِنْ أَعْطَاهُ مَكَانَهُ أَوْ ذَهَبَ بِهِ إلَى السُّوقِ أَوْ مَنْزِلِهِ وَأَعْطَاهُ جَازَ، وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ وَلَمْ يُعْطِهِ لَزِمَ الْكَفِيلَ.

وَفِي الْقُنْيَةِ: إنْ لَمْ يُؤَدِّ فُلَانٌ مَا لَكَ عَلَيْهِ إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ يَصِحُّ التَّعْلِيقُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُتَعَارَفٌ نَهْرٌ.

قُلْت: وَيَقَعُ كَثِيرًا فِي زَمَانِنَا إنْ رَاحَ لَكَ شَيْءٌ عِنْدَهُ فَأَنَا ضَامِنٌ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ الْمَارِّ إنْ تَوَى: أَيْ هَلَكَ، وَسَيَأْتِي فِي الْحَوَالَةِ أَنَّ التَّوَى عِنْدَ الْإِمَامِ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِمَوْتِهِ مُفْلِسًا.

[مَطْلَبٌ فِي تَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ غَيْرِ مُلَائِمٍ]

ٍ وَفِي تَأْجِيلِهَا

(قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ إنْ عُلِّقَتْ بِغَيْرِ مُلَائِمٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ هَهُنَا مَسْأَلَتَيْنِ.

إحْدَاهُمَا تَأْجِيلُ الْكَفَالَةِ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ، فَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا جَهَالَةً مُتَفَاحِشَةً كَقَوْلِهِ كَفَلْت لَكَ بِزَيْدٍ أَوْ كَفَلْت بِمَا لَكَ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَهُبَّ الرِّيحُ أَوْ إلَى أَنْ يَجِيءَ الْمَطَرُ لَا يَصِحُّ، وَلَكِنْ تَثْبُتُ الْكَفَالَةُ وَيَبْطُلُ الْأَجَلُ، وَمِثْلُهُ إلَى قُدُومِ زَيْدٍ وَهُوَ غَيْرُ مَكْفُولٍ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا جَهَالَةً غَيْرَ مُتَفَاحِشَةٍ مِثْلُ إلَى الْحَصَادِ أَوْ الدِّيَاسِ أَوْ الْمِهْرَجَانِ أَوْ الْعَطَاءِ أَوْ صَوْمِ النَّصَارَى جَازَتْ الْكَفَالَةُ وَالتَّأْجِيلُ، وَكَذَلِكَ الْحَوَالَةُ، وَمِثْلُهُ إلَى أَنْ يَقْدَمَ الْمَكْفُولُ بِهِ مِنْ سَفَرِهِ، صَرَّحَ بِذَلِكَ كُلِّهِ فِي كَافِي الْحَاكِمِ، وَكَذَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ بِلَا حِكَايَةِ خِلَافٍ وَهَذَا لَا نِزَاعَ فِيهِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ، وَهَذَا لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ شَرْطًا مُلَائِمًا أَوْ لَا، فَفِي الْأَوَّلِ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَالتَّعْلِيقُ وَقَدْ مَرَّ، وَفِي الثَّانِي وَهُوَ التَّعْلِيقُ بِشَرْطٍ غَيْرِ مُلَائِمٍ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ إذَا هَبَّتْ الرِّيحُ أَوْ إذَا جَاءَ الْمَطَرُ أَوْ إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>