للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ (هِيَ مَقْبُولَةٌ) وَإِنْ كَثُرَتْ اسْتِحْسَانًا فِي كُلِّ حَقٍّ عَلَى الصَّحِيحِ (إلَّا فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ) لِسُقُوطِهِمَا بِالشُّبْهَةِ وَجَازَ الْإِشْهَادُ مُطْلَقًا، لَكِنْ لَا تُقْبَلُ إلَّا (بِشَرْطِ تَعَذُّرِ حُضُورِ الْأَصْلِ بِمَوْتٍ) أَيْ مَوْتِ الْأَصْلِ، وَمَا نَقَلَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ قَضَاءِ النِّهَايَةِ فِيهِ كَلَامٌ فَإِنَّهُ نَقَلَهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ عَنْهَا، وَهُوَ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ مَا هُنَا (أَوْ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ) وَاكْتَفَى الثَّانِي بِغَيْبَتِهِ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ أَنْ يَبِيتَ بِأَهْلِهِ، وَاسْتَحْسَنَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَالسِّرَاجِيَّةِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ (أَوْ كَوْنِ الْمَرْأَةِ مُخَدَّرَةً) لَا تُخَالِطُ الرِّجَالَ وَإِنْ خَرَجَتْ لِحَاجَةٍ وَحَمَّامٍ قُنْيَةٌ. وَفِيهَا لَا يَجُوزُ الْإِشْهَادُ لِسُلْطَانٍ وَأَمِيرٍ، وَهَلْ يَجُوزُ لِمَحْبُوسٍ إنْ مِنْ غَيْرِ حَاكِمٍ الْخُصُومَةُ، نَعَمْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْوَكَالَةِ وَقَوْلُهُ (عِنْدَ الشَّهَادَةِ) عِنْدَ الْقَاضِي قَيْدٌ لِلْكُلِّ لِإِطْلَاقِ جَوَازِ الْإِشْهَادِ لَا الْأَدَاءِ

ــ

[رد المحتار]

[بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ]

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَثُرَتْ) أَعْنِي الشَّهَادَةَ عَلَى شَهَادَةِ الْفُرُوعِ ثُمَّ وَثُمَّ، لَكِنَّ فِيهَا شُبْهَةَ الْبَدَلِيَّةِ لِأَنَّ الْبَدَلَ مَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْأَصْلِ، وَهَذِهِ كَذَلِكَ وَلِذَا لَا تُقْبَلُ فِيمَا يَسْقُطُ بِالشُّبُهَاتِ كَشَهَادَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ دُرَرٌ، كَذَا فِي الْهَامِشِ.

(قَوْلُهُ إلَّا فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ) أَيْ مَا يُوجِبُ الْحَدَّ، فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ أَنَّ قَاضِيَ بَلَدِ كَذَا ضَرَبَ فُلَانًا حَدًّا فِي قَذْفٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ حَتَّى تُرَدَّ شَهَادَتُهُ بَحْرٌ عَنْ الْمَبْسُوطِ. وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهَا تُقْبَلُ فِي التَّعْزِيرِ، وَهَذِهِ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ قُهُسْتَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ إلَّا بِشَرْطِ تَعَذُّرِ حُضُورِ الْأَصْلِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَرَضِ مَا لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهُ الْحُضُورَ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي كَمَا قَيَّدَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّفَرِ الْغَيْبَةُ مُدَّتَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَشَايِخِ وَأَفْصَحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْهِدَايَةِ، لَا مُجَاوَزَةُ الْبُيُوتِ وَإِنْ أَطْلَقَهُ كَالْمَرَضِ فِي الْكَنْزِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّعَذُّرِ، وَلَكِنْ مَا ذَكَرْنَا هُوَ الْمُرَادُ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْعَجْزُ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ وَمَا نَقَلَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ) عِبَارَتُهُ لَكِنْ فِي قَضَاءِ النِّهَايَةِ وَغَيْرِهِ: الْأَصْلُ إذَا مَاتَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ فَرْعِهِ فَتُشْتَرَطُ حَيَاةُ الْأَصْلِ اهـ كَذَا فِي الْهَامِشِ.

(قَوْلُهُ فِيهِ كَلَامٌ) وَيُؤَيِّدُ كَلَامَ الْقُهُسْتَانِيِّ قَوْلُهُ الْآتِي وَبِخُرُوجِ أَصْلِهِ عَنْ أَهْلِهَا.

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ نَقَلَهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ عَنْهَا) لَيْسَ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ ذَلِكَ، وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي.

(قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ مَا هُنَا) قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: لَكِنْ نَقَلَ الْبُرْجَنْدِيُّ وَالْقُهُسْتَانِيُّ كَلَامَهُمَا عَنْ الْخُلَاصَةِ وَكَذَا فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ وَالسِّرَاجِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ مَتَى خَرَجَ الْأَصْلُ عَنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ بِأَنْ خَرِسَ أَوْ فَسَقَ أَوْ عَمِيَ أَوْ جُنَّ أَوْ ارْتَدَّ بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ اهـ فَتَنَبَّهْ ح كَذَا فِي الْهَامِشِ.

(قَوْلُهُ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ) عِبَارَتُهُ وَتُقْبَلُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ، وَذَكَرَ الْقُهُسْتَانِيُّ أَيْضًا أَنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

وَفِي الْبَحْرِ قَالُوا: الْأَوَّلُ أَحْسَنُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْحَاوِي، وَالثَّانِي أَرْفَقُ إلَخْ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ، حَتَّى رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَصْلُ فِي زَاوِيَةِ الْمَسْجِدِ وَالْفَرْعُ فِي زَاوِيَةٍ أُخْرَى مِنْ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ مِنَحٌ وَبَحْرٌ.

(قَوْلُهُ أَوْ كَوْنِ الْمَرْأَةِ مُخَدَّرَةً) قَالَ الْبَزْدَوِيُّ: هِيَ مَنْ لَا تَكُونُ بَرَزَتْ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَلَا يَرَاهَا غَيْرُ الْمَحَارِمِ مِنْ الرِّجَالِ، أَمَّا الَّتِي جَلَسَتْ عَلَى الْمِنَصَّةِ فَرَآهَا رِجَالٌ أَجَانِبُ كَمَا هُوَ عَادَةُ بَعْضِ الْبِلَادِ لَا تَكُونُ مُخَدَّرَةً حَمَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ فِي الْوَكَالَةِ) وَذَكَرَهُ هُنَا أَيْضًا.

(قَوْلُهُ عِنْدَ الْقَاضِي) قَالَهُ فِي الْمِنَحِ.

(قَوْلُهُ لِإِطْلَاقِ جَوَازِ الْإِشْهَادِ) يَعْنِي يَجُوزُ أَنْ يُشْهِدَ وَهُوَ صَحِيحٌ أَوْ سَقِيمٌ وَنَحْوُهُ، وَلَكِنْ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عِنْدَ الْقَاضِي إلَّا وَمَا ذَكَرَ مَوْجُودٌ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَالْإِشْهَادُ عَلَى شَهَادَةِ نَفْسِهِ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْأُصُولِ عُذْرٌ، حَتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>