للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذِهِ مَسَائِلُ شَتَّى أَيْ مُتَفَرِّقَةٌ وَجَاءُوا شَتَّى أَيْ مُتَفَرِّقِينَ (يَمْنَعُ صَاحِبَ سُفْلٍ عَلَيْهِ عُلْوٌ) أَيْ طَبَقَةٌ (لِآخَرَ مِنْ أَنْ يَتِدَ) أَيْ يَدُقَّ الْوَتَدَ (فِي سُفْلِهِ) وَهُوَ الْبَيْتُ التَّحْتَانِيُّ (أَوْ يَنْقُبُ كَوَّةً) بِفَتْحٍ أَوْ ضَمٍّ الطَّاقَةُ وَكَذَا بِالْعَكْسِ دَعْوَى الْمَجْمَعِ (بِلَا رِضَا الْآخَرِ) وَهَذَا عِنْدَهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ بَحْرٌ وَقَالَا لِكُلٍّ فِعْلُ مَا لَا يَضُرُّ وَلَوْ انْهَدَمَ السُّفْلُ بِلَا صُنْعِ رَبِّهِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْبِنَاءِ لِعَدَمِ التَّعَدِّي وَلِذِي الْعُلْوِ أَنْ يَبْنِيَ ثُمَّ يَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ إنْ بَنَى بِإِذْنِهِ أَوْ إذْنِ قَاضٍ وَإِلَّا فَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ يَوْمَ بَنَى وَتَمَامُهُ فِي الْعَيْنِيِّ.

ــ

[رد المحتار]

[مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ]

هَذِهِ مَسَائِلُ شَتَّى قَدَّرَ الشَّارِحُ لَفْظَ هَذِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ مَسَائِلَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَشَتَّى صِفَةٌ لِمَسَائِلَ.

(قَوْلُهُ أَيْ مُتَفَرِّقَةٌ) وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [الليل: ٤] أَيْ لَمُخْتَلِفٌ فِي الْجَزَاءِ تَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ سُفْلٍ) بِكَسْرِ السِّينِ وَضَمِّهَا ضِدُّ الْعُلْوِ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا مَعَ سُكُونِ اللَّامِ فِيهِمَا ط عَنْ الْحَمَوِيِّ.

(قَوْلُهُ مِنْ أَنْ يَتِدَ) أَصْلُهُ يُوتِدُ حُذِفَتْ الْوَاوُ لِوُقُوعِهَا بَيْنَ الْيَاءِ وَالْكَسْرَةِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَالْوَتَدُ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبِنَايَةِ كَالْخَازُوقِ الْقِطْعَةُ مِنْ الْخَشَبِ أَوْ الْحَدِيدِ يُدَقُّ فِي الْحَائِطِ لِيُعَلَّقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَوْ يُرْبَطَ بِهِ. وَفِي الْبَحْرِ أَيْضًا: وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى مَنْعِهِ مِنْ فَتْحِ الْبَابِ وَوَضْعِ الْجُذُوعِ وَهَدْمِ سُفْلِهِ وَقَيَّدَ بِالتَّصَرُّفِ فِي الْجِدَارِ احْتِرَازًا عَنْ تَصَرُّفِهِ فِي سَاحَةِ السُّفْلِ فَذَكَرَ قَاضِي خَانُ لَوْ حَفَرَ صَاحِبُ السُّفْلِ فِي سَاحَتِهِ بِئْرًا وَمَا أَشْبَهَهُ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَهُ، وَإِنْ تَضَرَّرَ صَاحِبُ الْعُلْوِ وَعِنْدَهُمَا الْحُكْمُ مَعْلُولٌ بِعِلَّةِ الضَّرَرِ اهـ.

(قَوْلُهُ بِفَتْحٍ أَوْ ضَمٍّ) أَيْ مَعَ تَشْدِيدِ الْوَاوِ وَيُجْمَعُ الْأَوَّلُ عَلَى كَوَّاتٍ كَحَبَّةٍ وَحَبَّاتٍ وَالثَّانِي عَلَى كُوَاءٍ بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ كَمُدْيَةٍ وَمُدًى ط وَالْكَوَّةُ ثُقْبُ الْبَيْتِ وَتُسْتَعَارُ لِمَفَاتِيحِ الْمَاءِ إلَى الْمَزَارِعِ وَالْجَدَاوِلِ بَحْرٌ عَنْ الْمُغْرِبِ، وَالْمُرَادُ بِهَا مَا يُفْتَحُ فِي حَائِطِ الْبَيْتِ لِأَجْلِ الضَّوْءِ أَوْ مَا يُخْرَقُ فِيهِ بِلَا نَفَاذٍ لِأَجْلِ وَضْعِ مَتَاعٍ وَنَحْوِهِ. (قَوْلُهُ الطَّاقَةُ) تَفْسِيرٌ لِلْكَوَّةِ لَكِنْ فِي الْقَامُوسِ الطَّاقُ مَا عُطِفَ مِنْ الْأَبْنِيَةِ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ فِي اللُّغَةِ بِالتَّاءِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا بِالْعَكْسِ إلَخْ) أَيْ كَمَا يُمْنَعُ ذُو السُّفْلِ يُمْنَعُ ذُو الْعُلْوِ وَعِبَارَةُ الْمَجْمَعِ وَكُلٌّ مِنْ صَاحِبِ عُلْوٍ وَسُفْلٍ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ وَأَجَازَهُ إنْ لَمْ يُضِرَّ بِهِ وَفِي الْعَيْنِيِّ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا أَرَادَ صَاحِبُ الْعُلْوِ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى الْعُلْوِ شَيْئًا أَوْ بَيْتًا أَوْ يَضَعَ عَلَيْهِ جُذُوعًا أَوْ يُحْدِثَ كَنِيفًا اهـ، وَكَذَا جَعَلَهُ فِي الْهِدَايَةِ عَلَى الْخِلَافِ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ عَنْ قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِهِ فَقِيلَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ مَا بَدَا لَهُ مَا لَمْ يُضِرَّ بِالسُّفْلِ وَقِيلَ وَإِنْ أَضَرَّ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ إذَا أَشْكَلَ أَنَّهُ يَضُرُّ أَوْ لَا لَا يَمْلِكُ وَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ يَمْلِكُ.

(قَوْلُهُ وَقَالَا إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ قِيلَ مَا حَكَى عَنْهُمَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُمْنَعُ مَا فِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ لَا مَا لَا ضَرَرَ فِيهِ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا خِلَافٌ وَهُوَ مَا فِيهِ شَكٌّ فَمَا لَا شَكَّ فِي عَدَمِ ضَرَرِهِ كَوَضْعِ مِسْمَارٍ صَغِيرٍ أَوْ وَسَطٍ يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَمَا فِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ كَفَتْحِ الْبَابِ يَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ اتِّفَاقًا وَمَا يُشَكُّ فِي التَّضَرُّرِ بِهِ كَدَقِّ الْوَتَدِ فِي الْجِدَارِ أَوْ السَّقْفِ فَعِنْدَهُمَا لَا يُمْنَعُ وَعِنْدَهُ يُمْنَعُ اهـ وَفِي قِسْمَةِ الْمُنْيَةِ أَنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا أَشْكَلَ فَعِنْدَهُ يُمْنَعُ وَعِنْدَهُمَا لَا اهـ وَكَذَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ قَرِيبًا أَنَّهُ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى.

مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ انْهَدَمَ الْمُشْتَرَكُ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا الْبِنَاءَ وَأَبَى الْآخَرُ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ انْهَدَمَ السُّفْلُ إلَخْ) أَيْ بِنَفْسِهِ وَأَمَّا لَوْ هَدَمَهُ فَقَدْ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ هَدْمُهُ فَلَوْ هَدَمَهُ يُجْبَرُ عَلَى بِنَائِهِ، لِأَنَّهُ تَعَدَّى عَلَى حَقِّ صَاحِبِ الْعُلْوِ وَهُوَ قَرَارُ الْعُلْوِ.

(قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِي الْعَيْنِيِّ) حَيْثُ قَالَ بِخِلَافِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ إذَا انْهَدَمَتْ فَبَنَاهَا أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ حَيْثُ لَا يَرْجِعُ، لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ إذَا هُوَ لَيْسَ بِمُضْطَرٍّ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْسِمَ عَرْصَتَهَا، وَيَبْنِيَ فِي نَصِيبِهِ وَصَاحِبُ الْعُلْوِ لَيْسَ كَذَلِكَ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ الدَّارُ صَغِيرَةً بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِنَصِيبِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ، وَعَلَى هَذَا إذَا انْهَدَمَ بَعْضُ الدَّارِ أَوْ بَعْضُ الْحَمَّامِ فَأَصْلَحَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إذْ لَا يُمْكِنُهُ قِسْمَةُ بَعْضِهِ، وَلَوْ انْهَدَمَ كُلُّهُ فَعَلَى التَّفْصِيلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>