كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ مُنَاسَبَتُهُ ظَاهِرَةٌ. وَالْحَظْرُ لُغَةً: الْمَنْعُ وَالْحَبْسُ. وَشَرْعًا: مَا مُنِعَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ شَرْعًا، وَالْمَحْظُورُ ضِدُّ الْمُبَاحِ، وَالْمُبَاحُ مَا أُجِيزَ لِلْمُكَلَّفِينَ فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ بِلَا اسْتِحْقَاقِ ثَوَابٍ وَعِقَابٍ، نَعَمْ يُحَاسَبُ عَلَيْهِ حِسَابًا يَسِيرًا اخْتِيَارٌ. (كُلُّ مَكْرُوهٍ)
ــ
[رد المحتار]
بِهَا ثُمَّ رَجَعَ الْوَاهِبُ صَحَّ الرُّجُوعُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَأَجْزَأَتْ الذَّابِحَ شَارِحٌ.
[خَاتِمَةٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ] ١
[خَاتِمَةٌ]
يُسْتَحَبُّ لِمَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ أَنْ يُسَمِّيَهُ يَوْمَ أُسْبُوعِهِ وَيَحْلِقَ رَأْسَهُ وَيَتَصَدَّقَ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ بِزِنَةِ شَعْرِهِ فِضَّةً أَوْ ذَهَبًا ثُمَّ يَعِقُّ عِنْدَ الْحَلْقِ عَقِيقَةً إبَاحَةً عَلَى مَا فِي الْجَامِعِ الْمَحْبُوبِيِّ، أَوْ تَطَوُّعًا عَلَى مَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَهِيَ شَاةٌ تَصْلُحُ لِلْأُضْحِيَّةِ تُذْبَحُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ فَرَّقَ لَحْمَهَا نِيئًا أَوْ طَبَخَهُ بِحُمُوضَةٍ أَوْ بِدُونِهَا مَعَ كَسْرِ عَظْمِهَا أَوْ لَا وَاِتِّخَاذِ دَعْوَةٍ أَوْ لَا، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ. وَسَنَّهَا الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً شَاتَانِ عَنْ الْغُلَامِ وَشَاةٌ عَنْ الْجَارِيَةِ غُرَرُ الْأَفْكَارِ مُلَخَّصًا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ]
كَذَا تَرْجَمَهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالتُّحْفَةِ، وَتَرْجَمَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْهِدَايَةِ بِالْكَرَاهِيَةِ، وَفِي الْمَبْسُوطِ وَالذَّخِيرَةِ بِالِاسْتِحْسَانِ، فَإِنَّ مَسَائِلَ هَذَا الْكِتَابِ مِنْ أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ فَلُقِّبَ بِذَلِكَ لِمَا وُجِدَ فِي عَامَّةِ مَسَائِلِهِ مِنْ الْكَرَاهِيَةِ وَالْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ وَالِاسْتِحْسَانِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ، وَتَرْجَمَ بَعْضُهُمْ بِكِتَابِ الزُّهْدِ وَالْوَرَعِ لِأَنَّ فِيهِ كَثِيرًا مِنْ الْمَسَائِلِ أَطْلَقَهَا الشَّرْعُ، وَالزُّهْدُ وَالْوَرَعُ تَرْكُهَا، وَفِي أَبِي السُّعُودِ عَنْ طِلْبَةِ الطَّلَبَةِ: الِاسْتِحْسَانُ اسْتِخْرَاجُ الْمَسَائِلِ الْحِسَانِ وَهُوَ أَشْبَهُ مَا قِيلَ فِيهِ، أَمَّا الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ الْمَذْكُورَانْ فِي جَوَابِ مَسَائِلِ الْفِقْهِ فَبَيَانُهَا فِي الْأُصُولِ (قَوْلُهُ مُنَاسَبَتُهُ ظَاهِرَةٌ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ مُنَاسَبَتُهَا وَالْأُولَى أَوْلَى، وَهِيَ كَمَا فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ كَوْنُ عَامَّةِ مَسَائِلِ كُلٍّ مِنْهُ وَمِنْ الْأُضْحِيَّةَ لَمْ تَخْلُ مِنْ أَصْلٍ وَفَرْعٍ تَرِدُ فِيهِ الْكَرَاهَةُ، وَعَلَى تَرْجَمَةِ الْمُصَنِّفِ يُقَالُ يَرِدُ فِيهِ الْحَظْرُ أَوْ الْإِبَاحَةُ، وَلَمَّا ذُكِرَتْ الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْأُضْحِيَّةَ وَمَا قَبْلَهَا كَانَتْ الْأُضْحِيَّةَ وَاقِعَةً فِي مَحَلِّهَا، فَلَا يَرِدُ أَنَّ هَذِهِ الْمُنَاسَبَةَ لَا تُفِيدُ وَجْهَ ذِكْرِ هَذَا الْكِتَابِ عَقِبَ الْأُضْحِيَّةَ، وَلَا يَرِدُ أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ لَهُ مُنَاسَبَةٌ بِكُلِّ كِتَابٍ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَالْحَظْرُ لُغَةً الْمَنْعُ وَالْحَبْسُ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى - {وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا} [الإسراء: ٢٠]- أَيْ مَا كَانَ رِزْقُ رَبِّك مَحْبُوسًا عَنْ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ جَوْهَرَةٌ، وَالْإِبَاحَةُ الْإِطْلَاقُ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَشَرْعًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْمَصْدَرِ اسْمَ الْمَفْعُولِ، فَلَا يَرِدُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ تَعْرِيفٌ لِلْمَحْظُورِ وَالْمُبَاحِ لَا لِلْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَالْمَحْظُورُ ضِدُّ الْمُبَاحِ) أَلْ فِي الْمَحْظُورِ لِلْعَهْدِ أَيْ الْمَحْظُورُ الشَّرْعِيُّ الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّهُ مَا مُنِعَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ شَرْعًا ضِدٌّ لِلْمُبَاحِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّ لِلْمُبَاحِ ضِدًّا آخَرَ وَهُوَ الْوَاجِبُ، إذْ لَيْسَ مُرَادُهُ بِذَلِكَ تَعْرِيفَهُ بِمَا ذَكَرَ لِأَنَّهُ قَدَّمَ تَعْرِيفِهِ كَمَا عَلِمْت. وَبِهِ انْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّهُ تَعْرِيفٌ بِالْأَعَمِّ لِأَنَّهُ كَمَا يَصْدُقُ عَلَى الْمَكْرُوهِ وَالْحَرَامِ يَصْدُقُ عَلَى الْوَاجِبِ.
وَلَيْسَ تَعْرِيفُهُ الْخَاصُّ مَا ثَبَتَ حَظْرُهُ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ بَلْ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ مَا مُنِعَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ شَرْعًا لِيَشْمَلَ مَا ثَبَتَ بِظَنِّيٍّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَالْمُبَاحُ مَا أُجِيزَ لِلْمُكَلَّفِينَ فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ) كَذَا فِي الْمِنَحِ. وَاَلَّذِي فِي الْجَوْهَرَةِ: مَا خُيِّرَ الْمُكَلَّفُ بَيْنَ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ (قَوْلُهُ بِلَا اسْتِحْقَاقِ) اسْتَحَقَّهُ: اسْتَوْجَبَهُ قَامُوسٌ.
وَيُطْلَقُ عَلَى جَزَاءِ الْعَبْدِ مِنْ ثَوَابٍ أَوْ عِقَابٍ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِفَضْلِ اللَّهِ وَعَدْلِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ يُحَاسَبُ عَلَيْهِ حِسَابًا يَسِيرًا) لَا يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ عَذَابٌ، بِدَلِيلِ مَا وَرَدَ «مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ» لِأَنَّ الْمُنَاقَشَةَ الِاسْتِقْصَاءُ فِي الْحِسَابِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ كُلُّ مَكْرُوهٍ) يُقَالُ: كَرِهْت الشَّيْءَ أَكْرَهُهُ كَرَاهَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute