وَارْتَضَاهُ فِي أَلْغَازِ الْأَشْبَاهِ:
وَمَالِكُ أَرْضٍ لَيْسَ يَمْلِكُ بَيْعَهَا ... لِغَيْرِ شَرِيكٍ ثُمَّ لَوْ مِنْهُ يُنْظَرُ
(حُدَّ) أَيْ بُيِّنَ لَهُ طُولٌ وَعَرْضٌ (أَوَّلًا وَهِبَتُهُ) وَإِنْ لَمْ يُبَيَّنْ يُقَدَّرُ بِعَرْضِ بَابِ الدَّارِ الْعُظْمَى
(لَا بَيْعُ مَسِيلِ الْمَاءِ وَهِبَتُهُ) لِجَهَالَتِهِ، إذْ لَا يَدْرِي قَدْرَ مَا يَشْغَلُهُ مِنْ الْمَاءِ.
ــ
[رد المحتار]
وَارْتَضَاهُ إلَخْ مُعْتَرِضَةٌ وَالضَّمِيرُ لِلْوَهْبَانِيَّةِ وَهِيَ مُفَاعَلَةٌ، مِنْ عَايَاهُ: إذَا سَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ يَظُنُّ عَجْزَهُ عَنْ جَوَابِهِ مِنْ قَوْلِهِمْ عَيِيَ عَنْ جَوَابِهِ: إذَا عَجَزَ، وَتَمَامُهُ فِي ط عَنْ ابْنِ الشِّحْنَةِ. قَالَ السَّائِحَانِيُّ: وَالْمُعَايَاةُ عِنْدَ الْفَرْضِيِّينَ كَالْأَلْغَازِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَالْأَحَاجِي عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ؛ لِأَنَّ مَا يُسْتَخْرَجُ بِالْحَزْرِ يُقَوِّي الْحِجَا: أَيْ الْعَقْلَ وَالْأَلْغَازُ: جَمْعُ لُغْزٍ بِضَمِّ اللَّامِ، وَقِيلَ بِفَتْحِهَا وَبِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ (قَوْلُهُ وَارْتَضَاهُ فِي أَلْغَازِ الْأَشْبَاهِ) حَقُّهُ أَنْ يُذْكَرَ عِنْدَ الْبَيْتِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّ الَّذِي فِي أَلْغَازِ الْأَشْبَاهِ هَكَذَا أَيْ شُرَكَاءُ فِيمَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ إذَا طَلَبُوهَا لَمْ يُقْسَمْ، فَقُلْ: السِّكَّةُ الْغَيْرُ النَّافِذَةِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَقْتَسِمُوهَا، وَإِنْ أَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَمَالِكُ أَرْضٍ إلَخْ) هِيَ الْأَرْضُ الْمَمْلُوكَةُ مِنْ السِّكَّةِ الْغَيْرِ النَّافِذَةِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ بَيْعَهَا مِنْ غَيْرِ شَرِيكِهِ. قَالَ وَلَوْ بَاعَهَا لِبَعْضِ الشُّرَكَاءِ هَلْ يَجُوزُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى الْجَوَابِ فِيهِ اهـ. قُلْت: ظَاهِرُ قَوْلِهِمْ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الطَّرِيقِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ مُطْلَقًا حَالَةَ الِانْفِرَادِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ بِالتَّبَعِيَّةِ فِيمَا إذَا بَاعَ الدَّارَ وَطَرِيقَهَا قَالَهُ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ. قُلْت: الَّذِي تَقَدَّمَ عَنْ شَدَّادٍ جَوَازُ الْبَيْعِ، ثُمَّ عَدَمُ الْجَوَازِ إنَّمَا هُوَ عَلَى مَا فِي الْخَانِيَّةِ. وَقَالَ مَشَايِخُ بَلْخٍ بِالْجَوَازِ ط. قُلْت: قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى مَا فِي الْخَانِيَّةِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ إلَخْ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا، وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَهِبَتُهُ كَمَا فَعَلَ فِي الدُّرَرِ (قَوْلُهُ يُقَدَّرُ بِعَرْضِ بَابِ الدَّارِ الْعُظْمَى) عَزَاهُ فِي الدُّرَرِ إلَى النِّهَايَةِ، وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ بِزِيَادَةِ قَوْلِهِ: وَطُولُهُ إلَى السِّكَّةِ النَّافِذَةِ، ثُمَّ قَالَ فِي الدُّرَرِ: وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ يَكُونُ عَيْنًا مَعْلُومًا فَيَصِحُّ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ اهـ. قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعُظْمَى صِفَةٌ لِبَابٍ وَأَنَّثَهَا لِاكْتِسَابِ الْبَابِ التَّأْنِيثَ بِإِضَافَتِهِ إلَى الدَّارِ الْمُؤَنَّثَةِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ دَارٌ فِي دَاخِلِ دَارِ جَارِهِ مَثَلًا وَطَرِيقٌ فِي دَارِ الْجَارِ فَبَاعَ الطَّرِيقَ وَحْدَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَهُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ دَارِ الْجَارِ بِعَرْضِ بَابِ دَارِ الْبَائِعِ، فَلَوْ كَانَ لَهَا بَابَانِ الْأَوَّلُ أَعْظَمُ مِنْ الثَّانِي كَانَ لَهُ بِقَدْرِ الْبَابِ الْأَعْظَمِ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: وَطَرِيقُ الدَّارِ عَرْضُهُ عَرْضُ الْبَابِ الَّذِي هُوَ مَدْخَلُهَا وَطُولُهُ مِنْهُ إلَى الشَّارِعِ اهـ. وَفِي الْفَتْحِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً إلَّا حَمْلَهَا إلَخْ، وَلَوْ قَالَ بِعْتُك الدَّارَ الْخَارِجَةَ عَلَى أَنْ تَجْعَلَ لِي طَرِيقًا إلَى دَارِي هَذِهِ الدَّاخِلَةِ فَسَدَ الْبَيْعُ، وَلَوْ قَالَ إلَّا طَرِيقًا إلَى دَارِي الدَّاخِلَةِ جَازَ وَطَرِيقُهُ بِعَرْضِ بَابِ الدَّارِ الْخَارِجَةِ اهـ.
[فَرْعٌ] فِي الْخَانِيَّةِ: بَاعَ نَخْلَةً فِي أَرْضٍ صَحْرَاءَ بِطَرِيقِهَا مِنْ الْأَرْضِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَوْضِعَ الطَّرِيقِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَجُوزُ، وَلَهُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى النَّخْلَةِ مِنْ أَيِّ النَّوَاحِي شَاءَ اهـ فَأَفَادَ جَوَازَ بَيْعِ الطَّرِيقِ تَبَعًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُقَدَّرُ بِهِ تَأَمَّلْ.
[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَسِيلِ أَيْ مَسِيل الْمَاء]
مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَسِيلِ (قَوْلُهُ لَا بَيْعُ مَسِيلِ الْمَاءِ) هَذَا أَيْضًا يَحْتَمِلُ بَيْعَ رَقَبَةِ الْمَسِيلِ وَبَيْعُ حَقِّ التَّسْيِيلِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَلَكِنْ لَمَّا قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَهُ لَا بَيْعُ حَقِّ التَّسْيِيلِ عُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ هُنَا بَيْعُ رَقَبَةِ الْمَسِيلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute