للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَقَارِنٍ فَاتَهُ الْحَجُّ فَاعْتَمَرَ فِيهَا لَمْ يُكْرَهْ سِرَاجٌ، وَعَلَيْهِ فَاسْتِثْنَاءُ الْخَانِيَّةِ الْقَارِنَ مُنْقَطِعٌ فَلَا يَخْتَصُّ بِيَوْمِ عَرَفَةَ كَمَا تَوَهَّمَهُ فِي الْبَحْرِ.

(وَالْمَوَاقِيتُ) أَيْ الْمَوَاضِعُ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهَا مُرِيدُ مَكَّةَ إلَّا مُحْرِمًا خَمْسَةٌ (ذُو الْحُلَيْفَةِ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مَكَانٌ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ وَعَشْرِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ تُسَمِّيهَا الْعَوَّامُ أَبْيَارَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَزْعُمُونَ أَنَّهُ قَاتَلَ الْجِنَّ فِي بَعْضِهَا وَهُوَ كَذِبٌ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ كَقَارِنٍ فَاتَهُ الْحَجُّ) لَوْ قَالَ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ كَفَائِتِ الْحَجِّ لَشَمِلَ الْمُتَمَتِّعَ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ الْمَكْرُوهَ الْإِنْشَاءُ لَا الْأَدَاءُ بِإِحْرَامٍ سَابِقٍ (قَوْلُهُ فَاسْتِثْنَاءُ الْخَانِيَّةِ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ تُكْرَهُ الْعُمْرَةُ فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ لِغَيْرِ الْقَارِنِ اهـ وَوَجْهُ الِانْقِطَاعِ مَا عَلِمْته مِنْ أَنَّ الْمَكْرُوهَ إنْشَاءُ الْعُمْرَةِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، وَالْقَارِنُ أَحْرَمَ بِهَا بِإِحْرَامٍ سَابِقٍ عَلَى هَذِهِ الْأَيَّامِ فَهُوَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيمَا قَبْلَهُ فَاسْتِثْنَاؤُهُ مُنْقَطِعٌ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَلَا يَخْتَصُّ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مُنْشِئًا لِلْإِحْرَامِ فِيهَا لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِيمَا تُكْرَهُ عُمْرَتُهُ فِيهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَخْتَصُّ جَوَازُ عُمْرَتِهِ بِيَوْمِ عَرَفَةَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ كَمَا تَوَهَّمَهُ فِي الْبَحْرِ) حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْخَانِيَّةِ لِغَيْرِ الْقَارِنِ مَا نَصُّهُ وَهُوَ تَقْيِيدٌ حَسَنٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا إلَى يَوْمِ عَرَفَةَ لَا إلَى الْخَمْسَةِ كَمَا لَا يَخْفَى وَأَنْ يُلْحَقَ الْمُتَمَتِّعُ بِالْقَارِنِ اهـ قَالَ فِي النَّهْرِ هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ فُهِمَ أَنَّ مَعْنَى مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ اسْتِثْنَاءِ الْقَارِنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْعُمْرَةِ لِيَبْنِيَ عَلَيْهَا أَفْعَالَ الْحَجِّ، وَمِنْ ثَمَّ خَصَّهُ بِيَوْمِ عَرَفَةَ وَهُوَ غَفْلَةٌ عَنْ كَلَامِهِمْ فَقَدْ قَالَ فِي السِّرَاجِ: وَتُكْرَهُ الْعُمْرَةُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَيْ يُكْرَهُ إنْشَاؤُهَا بِالْإِحْرَامِ أَمَّا إذَا أَدَّاهَا بِإِحْرَامٍ سَابِقٍ، كَمَا إذَا كَانَ قَارِنًا فَفَاتَهُ الْحَجُّ وَأَدَّى الْعُمْرَةَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ لَا يُكْرَهُ وَعَلَى هَذَا فَالِاسْتِثْنَاءُ الْوَاقِعُ فِي الْخَانِيَّةِ مُنْقَطِعٌ وَلَا اخْتِصَاصَ لِيَوْمِ عَرَفَةَ. اهـ.

أَقُولُ: لَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْقَارِنِ فِي كَلَامِ الْخَانِيَّةِ الْمُدْرَكُ لَا فَائِتُ الْحَجِّ، بِخِلَافِ مَا فِي السِّرَاجِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا شَكَّ أَنَّ عُمْرَتَهُ لَا تَكُونُ بَعْدَ يَوْمِ عَرَفَةَ لِأَنَّهَا تَبْطُلُ بِالْوُقُوفِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْبَحْرِ تَعَرُّضٌ لِمَا فَاتَهُ الْحَجُّ وَلَا لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُتَّصِلٌ أَوْ مُنْقَطِعٌ فَمِنْ أَيْنَ جَاءَتْ الْغَفْلَةُ فَتَنَبَّهْ وَافِهِمْ.

[مطلب فِي الْمَوَاقِيت]

ِ (قَوْلُهُ وَالْمَوَاقِيتُ) جَمْعُ مِيقَاتٍ بِمَعْنَى الْوَقْتِ الْمَحْدُودِ وَاسْتُعِيرَ لِلْمَكَانِ أَعْنِي مَكَانَ الْإِحْرَامِ كَمَا اُسْتُعِيرَ الْمَكَانُ لِلْوَقْتِ فِي قَوْله تَعَالَى - {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ} [الأحزاب: ١١]- وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ: الْمِيقَاتُ مَوْضِعُ الْإِحْرَامِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ رَأْيِهِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَكَأَنَّهُ فِي الْبَحْرِ اسْتَنَدَ إلَى ظَاهِرِ مَا فِي الصِّحَاحِ، فَزَعَمَ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْوَقْتِ وَالْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي، وَأَعْرَضَ عَنْ كَلَامِهِمْ السَّابِقِ وَقَدْ عَلِمْت مَا هُوَ الْوَاقِعُ نَهْرٌ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمِيقَاتَ الْمَكَانِيَّ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ، فَإِنَّهُمْ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ آفَاقِيٌّ، وَحُلِيٌّ أَيْ مَنْ كَانَ دَاخِلَ الْمَوَاقِيتِ، وَحَرَمِيٌّ، وَذَكَرَهُمْ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ (قَوْلُهُ مُرِيدَ مَكَّةَ) أَيْ وَلَوْ لِغَيْرِ نُسُكٍ كَتِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ لَا مُحْرِمًا) أَيْ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (قَوْلُهُ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ) أَيْ وَسُكُونِ الْيَاءِ مُصَغَّرًا لِحَلْفَةٍ بِالْفَتْحِ اسْمُ نَبْتٍ فِي الْمَاءِ مَعْرُوفٌ (قَوْلُهُ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ) وَقِيلَ سَبْعَةٌ وَقِيلَ أَرْبَعَةٌ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْقُطْبِيُّ فِي مَنْسَكِهِ وَالْمُحَرَّرُ مِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ السَّيِّدُ نُورُ الدِّينِ عَلِيٌّ السَّمْهُودِيُّ فِي تَارِيخِهِ قَدْ اخْتَبَرْت ذَلِكَ فَكَانَ مِنْ عَتَبَةِ بَابِ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ الْمَعْرُوفِ بِبَابِ السَّلَامِ إلَى عَتَبَةِ مَسْجِدِ الشَّجَرَةِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ تِسْعَةَ عَشَرَ أَلْفِ ذِرَاعٍ بِتَقْدِيمِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَسَبْعِمِائَةِ ذِرَاعٍ بِتَقْدِيمِ السِّينِ وَاثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ ذِرَاعًا وَنِصْفِ ذِرَاعٍ بِذِرَاعِ الْيَدِ. اهـ.

قُلْت: وَذَلِكَ دُونَ خَمْسَةِ أَمْيَالٍ فَإِنَّ الْمِيلَ عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ بِذِرَاعِ الْحَدِيدِ الْمُسْتَعْمَلِ الْآنَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَعَشْرُ مَرَاحِلَ) أَوْ تِسْعٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَهُوَ كَذِبٌ) ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ مَنَاسِكِ الْمُحَقِّقِ ابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>