للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مِنْ فَرَائِضُهَا) الَّتِي لَا تَصِحُّ بِدُونِهَا (التَّحْرِيمَةُ) قَائِمًا (وَهِيَ شَرْطٌ) فِي غَيْرِ جِنَازَةٍ عَلَى الْقَادِرِ بِهِ يُفْتَى، فَيَجُوزُ بِنَاءُ النَّفْلِ عَلَى النَّفْلِ وَعَلَى الْفَرْضِ وَإِنْ كُرِهَ لَا فَرْضٌ عَلَى فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ عَلَى الظَّاهِرِ وَلِاتِّصَالِهَا بِالْأَرْكَانِ رُوعِيَ لَهَا الشُّرُوطُ

ــ

[رد المحتار]

الْمُتَنَوِّعَةِ إلَى فَرْضٍ وَوَاجِبٍ وَسُنَّةٍ لَا بَيَانُ نَفْسِ الْفَرْضِيَّةِ وَالْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ الَّتِي هِيَ صِفَاتُ هَذِهِ الْأَجْزَاءِ إذْ بَيَانُهَا فِي كُتُبِ الْأُصُولِ لَا الْفُرُوعِ تَأَمَّلْ.

[فَرَائِض الصَّلَاة]

[مَطْلَبٌ قَدْ يُطْلَقُ الْفَرْضُ عَلَى مَا يُقَابِلُ الرُّكْنَ وَعَلَى مَا لَيْسَ بِرُكْنٍ وَلَا شَرْطٍ]

(قَوْلُهُ مِنْ فَرَائِضِهَا) جَمْعُ فَرِيضَةٍ أَعَمُّ مِنْ الرُّكْنِ الدَّاخِلِ الْمَاهِيَّةِ وَالشَّرْطِ الْخَارِجِ عَنْهَا، فَيَصْدُقُ عَلَى التَّحْرِيمَةِ وَالْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ وَالْخُرُوجِ بِصُنْعِهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي، وَكَثِيرًا مَا يُطْلِقُونَ الْفَرْضَ عَلَى مَا يُقَابِلُ الرُّكْنَ كَالتَّحْرِيمَةِ وَالْقَعْدَةِ، وَقَدَّمْنَا فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ عَنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ أَنَّهُ قَدْ يُطْلَقُ الْفَرْضُ عَلَى مَا لَيْسَ بِرُكْنٍ وَلَا شَرْطٍ كَتَرْتِيبِ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقَعْدَةِ، وَأَشَارَ بِمِنْ التَّبْعِيضِيَّةِ إلَى أَنَّ لَهَا فَرَائِضَ أُخَرَ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَبَقِيَ مِنْ الْفُرُوضِ إلَخْ أَفَادَهُ ح (قَوْلُهُ الَّتِي لَا تَصِحُّ بِدُونِهَا) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ إذْ لَا شَيْءَ مِنْ الْفُرُوضِ مَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ بِلَا عُذْرٍ (قَوْلُهُ التَّحْرِيمَةُ) الْمُرَادُ بِهَا جُمْلَةُ ذِكْرٍ خَالِصٍ. مِثْلُ: اللَّهُ أَكْبَرُ. كَمَا سَيَأْتِي مَعَ بَيَانِ شُرُوطِهَا الْعِشْرِينَ نَظْمًا. وَالتَّحْرِيمُ جَعْلُ الشَّيْءِ مُحَرَّمًا، سُمِّيَتْ بِهَا لِتَحْرِيمِهَا الْأَشْيَاءَ الْمُبَاحَةَ قَبْلَ الشُّرُوعِ بِخِلَافِ سَائِرِ التَّكْبِيرَاتِ وَالتَّاءُ فِيهَا لِلْمُبَالَغَةِ قُهُسْتَانِيٌّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ بُرْجُنْدِيٌّ، وَقِيلَ لِلْوَحْدَةِ، وَقِيلَ لِلنَّقْلِ مِنْ الْوَصْفِيَّةِ إلَى الِاسْمِيَّةِ (قَوْلُهُ قَائِمًا) هُوَ أَحَدُ شُرُوطِهَا الْعِشْرِينَ الْآتِيَةِ، وَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ وَهُوَ شَرْطٌ) وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهَا مَعَ الشُّرُوطِ الْمَارَّةِ لِاتِّصَالِهَا بِهَا بِمَنْزِلَةِ الْبَابِ لِلدَّارِ أَفَادَهُ فِي السِّرَاجِ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ جِنَازَةٍ) أَمَّا فِيهَا فَهِيَ رُكْنٌ اتِّفَاقًا كَبَقِيَّةِ تَكْبِيرَاتِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ ح.

(قَوْلُهُ عَلَى الْقَادِرِ) مُتَعَلِّقٌ بِشَرْطٍ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى الْفَرْضِ: أَيْ وَهِيَ شَرْطٌ مُفْتَرَضٌ عَلَيْهِ ح. أَمَّا الْأُمِّيُّ وَالْأَخْرَسُ لَوْ افْتَتَحَا بِالنِّيَّةِ جَازَ لِأَنَّهُمَا أَتَيَا بِأَقْصَى مَا فِي وُسْعِهِمَا بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ بِهِ يُفْتَى) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الْحُكْمِ عَلَيْهَا بِالشَّرْطِيَّةِ، وَهُوَ مَضْمُونُ النِّسْبَةِ الْإِيقَاعِيَّةِ فِي قَوْلِهِ وَهِيَ شَرْطٌ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ بِنَاءُ النَّفْلِ عَلَى النَّفْلِ) تَفْرِيعٌ عَلَى كَوْنِ التَّحْرِيمَةِ شَرْطًا، لَكِنَّ كَوْنَهَا شَرْطًا يَقْتَضِي صِحَّةَ بِنَاءِ أَيِّ صَلَاةٍ عَلَى تَحْرِيمَةِ أَيِّ صَلَاةٍ، كَمَا يَجُوزُ بِنَاءُ أَيِّ صَلَاةٍ عَلَى طَهَارَةِ أَيِّ صَلَاةٍ، وَكَذَا بَقِيَّةُ الشُّرُوطِ، لَكِنْ مَنَعْنَا بِنَاءَ الْفَرْضِ عَلَى غَيْرِهِ، لَا لِأَنَّ التَّحْرِيمَةَ رُكْنٌ، بَلْ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي الْفَرْضِ تَعْيِينُهُ وَتَمْيِيزُهُ عَنْ غَيْرِهِ بِأَخَصِّ أَوْصَافِهِ وَجَمِيعِ أَفْعَالِهِ وَأَنْ يَكُونَ عِبَادَةً عَلَى حِدَةٍ، وَلَوْ بُنِيَ عَلَى غَيْرِهِ لَكَانَ مَعَ ذَلِكَ الْغَيْرِ عِبَادَةً وَاحِدَةً كَمَا فِي بِنَاءِ النَّفْلِ عَلَى النَّفْلِ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَإِنَّهُ يَكُونُ صَلَاةً وَاحِدَةً بِدَلِيلِ أَنَّ الْقُعُودَ لَا يُفْتَرَضُ إلَّا فِي آخِرِهَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَوْلُهُمْ إنَّ كُلَّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ النَّفْلِ صَلَاةٌ لَا يُعَارِضُهُ لِأَنَّهُ فِي أَحْكَامٍ دُونَ أُخْرَى اهـ ح (قَوْلُهُ وَعَلَى الْفَرْضِ) لِأَنَّ الْفَرْضَ أَقْوَى فَيَسْتَتْبِعُ النَّفَلَ لِضَعْفِهِ ط (قَوْلُهُ وَإِنْ كُرِهَ) يَعْنِي أَنَّهُ مَعَ صِحَّتِهِ مَكْرُوهٌ لِأَنَّ فِيهِ تَأْخِيرَ السَّلَامِ وَعَدَمَ كَوْنِ النَّفَل بِتَحْرِيمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ ح وَهَذَا فِي الْعَمْدِ، إذْ لَوْ سَهَا بَعْدَ قَعْدَةِ الْفَرْضِ فَزَادَ خَامِسَةً يَضُمُّ سَادِسَةً بِلَا كَرَاهِيَةٍ (قَوْلُهُ عَلَى الظَّاهِرِ) أَيْ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِصَدْرِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ قَالَ بِالْجَوَازِ فِيهِمَا كَمَا فِي الْبَحْرِ، لَكِنْ ذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ بَعْدَ عَزْوِهِ الْجَوَازَ فِي بِنَاءِ الْفَرْضِ عَلَى مِثْلِهِ إلَى صَدْرِ الْإِسْلَامِ أَنَّ بِنَاءَ الْفَرْضِ عَلَى النَّفْلِ لَمْ نَجِدْ فِيهِ رِوَايَةً، ثُمَّ قَالَ: وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ لَا يَجُوزَ حَتَّى عَلَى قَوْلِ صَدْرِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ جَوَّزَ بِنَاءَ الْمِثْلِ، فَلَا يَجُوزُ بِنَاءُ الْأَقْوَى عَلَى الْأَدْنَى وَلِأَنَّ الشَّيْءَ يَسْتَتْبِعُ مِثْلَهُ أَوْ دُونَهُ لَا مَا هُوَ أَقْوَى إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ، وَتَبِعَهُ فِي الْمِعْرَاجِ وَالْعِنَايَةِ، وَبِهَذَا ظَهَرَ عَدَمُ صِحَّةِ قَوْلِ النَّهْرِ. وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ بِنَاءِ النَّفْلِ عَلَى النَّفْلِ وَالْفَرْضِ عَلَيْهِ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ وَلِاتِّصَالِهَا إلَخْ) عِلَّةٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمَعْلُولِ، وَهُوَ قَوْلُهُ رَوْعِي لَهَا الشُّرُوطُ.

وَهَذَا حَاصِلُ عِبَارَةِ الْبُرْهَانِ الْآتِيَةِ، وَهُوَ جَوَابٌ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>