للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِشَرْطِ قِيَامِ الْمَبِيعِ إلَّا إذَا اسْتَهْلَكَهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي، وَرَأَيْت مَعْزِيًّا لِلْخُلَاصَةِ: بَاعَ كَرْمًا وَسَلَّمَهُ فَأَكَلَ مُشْتَرِيهِ نُزُلَهُ سَنَةً ثُمَّ تَقَايَلَا لَمْ يَصِحَّ.

بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ

لَمَّا بَيَّنَ الثَّمَنَ شَرَعَ فِي الْمُثَمَّنِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُسَاوَمَةَ وَالْوَضِيعَةَ لِظُهُورِهِمَا. (الْمُرَابَحَةُ) مَصْدَرُ رَابَحَ وَشَرْعًا (بَيْعُ مَا مَلَكَهُ)

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَفِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا قَبْلَ نَقْدِ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ، وَأَيْضًا فَمَسْأَلَةُ التَّحَالُفِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ، وَرَدَ بِهَا النَّصُّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَكَيْفَ يُقَاسُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا مَعَ عَدَمِ التَّمَاثُلِ؟ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُفَرَّعَةٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ لَا فَسْخٌ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ تَوَافَقَا عَلَى الْبَيْعِ الْحَادِثِ، لَكِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَدَّعِيهِ بِوَجْهِ الْإِقَالَةِ وَالْوَاجِبُ فِيهَا مِائَةٌ وَالْبَائِعُ يَدَّعِيهِ بِالْبَيْعِ بِالْأَقَلِّ، وَذَلِكَ اخْتِلَافٌ فِي الثَّمَنِ فِي عَقْدٍ حَادِثٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ قِيَامِ الْمَبِيعِ إلَخْ) هَذَا شَرْطُ التَّحَالُفِ مُطْلَقًا قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ: يُشْتَرَطُ قِيَامُ الْبَيْعِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِي التَّحَالُفِ إلَّا إذَا اسْتَهْلَكَهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ غَيْرُ الْمُشْتَرِي، كَمَا فِي الْهِدَايَةِ اهـ فَإِنَّهُ إذَا اسْتَهْلَكَهُ غَيْرُ الْمُشْتَرِي تَكُونُ قِيمَةُ الْعَيْنِ قَائِمَةً مَقَامَهَا، وَأَمَّا إذَا اسْتَهْلَكَهُ الْمُشْتَرِي فِي يَدِ الْبَائِعِ نَزَلَ قَابِضًا وَامْتَنَعَتْ الْإِقَالَةُ، وَكَذَا إذَا اسْتَهْلَكَهُ أَحَدٌ فِي يَدِهِ لَفَقْدِ شَرْطِ الصِّحَّةِ، وَهُوَ بَقَاءُ الْمَبِيعِ، وَمَحَلُّ عَدَمِ التَّحَالُفِ عِنْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ وَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ دَيْنًا، أَمَّا إذَا كَانَ عَيْنًا بِأَنْ كَانَ الْعَقْدُ مُقَابَضَةً وَهَلَكَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ قَائِمٌ، وَيُرَدُّ مِثْلُ الْهَالِكِ أَوْ قِيمَتُهُ وَالْمَصِيرُ إلَى التَّحَالُفِ فَرْعُ الْعَجْزِ عَنْ إثْبَاتِ الزِّيَادَةِ بِالْبَيِّنَةِ، وَتَمَامُهُ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِأَبِي السُّعُودِ ط. (قَوْلُهُ: نُزُلَهُ) بِضَمِّ النُّونِ وَالزَّايِ، وَالْمُرَادُ ثَمَرَتُهُ اهـ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) تَمَامُ عِبَارَةِ الْخُلَاصَةِ وَكَذَا إذَا هَلَكَتْ الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ أَوْ الْمُنْفَصِلَةُ أَوْ اسْتَهْلَكَهَا أَجْنَبِيٌّ اهـ.

أَقُولُ: يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا حَدَثَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ، أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا تَمْنَعُ الْإِقَالَةَ كَمَا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ تَأَمَّلْ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا نَخْلٌ، فَأَكَلَ الثَّمَرَ، ثُمَّ تَقَايَلَا قَالُوا إنَّهُ تَصِحُّ الْإِقَالَةُ، وَمَعْنَاهُ عَلَى قِيمَتِهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَهَا كَذَلِكَ اهـ. رَمْلِيٌّ عَلَى الْمِنَحِ، وَبِمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّقْيِيدِ يَنْدَفِعُ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ مُنَافَاةِ مَا فِي الْخُلَاصَةِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ هَلَاكَ بَعْضِهِ يَمْنَعُ الْإِقَالَةَ بِقَدْرِهِ، وَلِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ شَرَى أَرْضًا مَزْرُوعَةً إلَخْ وَمِثْلُهُ مَسْأَلَةُ التَّتَارْخَانِيَّة الْمَذْكُورَةُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ الْمُتَوَلِّدَةَ تَمْنَعُ لَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ]

ِ وَجْهُ تَقْدِيمِ الْإِقَالَةِ عَلَيْهِمَا: أَنَّ الْإِقَالَةَ بِمَنْزِلَةِ الْمُفْرَدِ مِنْ الْمُرَكَّبِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ مَعَ الْبَائِعِ، بِخِلَافِ التَّوْلِيَةِ وَالْمُرَابَحَةِ فَإِنَّهُمَا أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِمَا مَعَ الْبَائِعِ وَغَيْرِهِ ط. وَأَيْضًا فَالْإِقَالَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَبِيعِ لَا بِالثَّمَنِ؛ وَلِذَا كَانَ مِنْ شُرُوطِهَا قِيَامُ الْمَبِيعِ، وَالتَّوْلِيَةُ وَالْمُرَابَحَةُ مُتَعَلِّقَانِ أَصَالَةً بِالثَّمَنِ، وَالْأَصْلُ هُوَ الْمَبِيعُ. (قَوْلُهُ: لَمَّا بَيَّنَ الثَّمَنَ إلَخْ) قَالَ فِي الْغَايَةِ: لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَنْوَاعِ الْبُيُوعِ اللَّازِمَةِ وَغَيْرِ اللَّازِمَةِ كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَكَانَتْ هِيَ بِالنَّظَرِ إلَى جَانِبِ الْمَبِيعِ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِهَا بِالنَّظَرِ إلَى جَانِبِ الثَّمَنِ كَالْمُرَابَحَةِ، وَالتَّوْلِيَةِ وَالرِّبَا وَالصَّرْفِ، وَتَقْدِيمُ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي لِأَصَالَةِ الْمَبِيعِ دُونَ الثَّمَنِ اهـ. ط عَنْ الشَّلَبِيِّ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُسَاوَمَةَ) وَهِيَ الْبَيْعُ بِأَيِّ ثَمَنٍ كَانَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَهِيَ الْمُعْتَادَةُ. (قَوْلُهُ: وَالْوَضِيعَةَ) هِيَ الْبَيْعُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، مَعَ نُقْصَانٍ يَسِيرٍ أَتْقَانِيٌّ.

وَفِي الْبَحْرِ: هِيَ الْبَيْعُ بِأَنْقَصَ مِنْ الْأَوَّلِ، وَقَدَّمْنَا أَوَّلَ الْبُيُوعِ عَنْ الْبَحْرِ خَامِسًا وَهُوَ الِاشْتِرَاكُ أَيْ أَنْ يُشْرِكَ غَيْرَهُ فِيمَا اشْتَرَاهُ أَيْ بِأَنْ يَبِيعَهُ نِصْفَهُ مَثَلًا لَكِنَّهُ غَيْرُ خَارِجٍ عَنْ الْأَرْبَعَةِ. (قَوْلُهُ: شَرْعًا بَيْعُ مَا مَلَكَهُ بِمَا قَامَ عَلَيْهِ وَيَفْضُلُ) عَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْكَنْزِ هُوَ بَيْعٌ بِثَمَنٍ سَابِقٍ لِمَا أَوْرَدَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ غَيْرُ مُطَّرِدٍ وَلَا مُنْعَكِسٍ أَيْ غَيْرُ مَانِعٍ وَلَا جَامِعٍ أَمَّا الْأَوَّلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>