للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا لَمْ يَكُنْ بِحِذَائِهِ مُصَلٍّ وَلَوْ بَعِيدًا عَلَى الْمَذْهَبِ.

فَصْلٌ (وَيَجْهَرُ الْإِمَامُ) وُجُوبًا بِحَسَبِ الْجَمَاعَةِ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ أَسَاءَ، وَلَوْ ائْتَمَّ بِهِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ أَوْ بَعْضِهَا سِرًّا أَعَادَهَا جَهْرًا بَحْرٌ، لَكِنْ فِي آخِرِ شَرْحِ الْمُنْيَةِ ائْتَمَّ بِهِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ، يَجْهَرُ بِالسُّورَةِ إنْ قَصَدَ الْإِمَامَةَ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ الْجَهْرُ

ــ

[رد المحتار]

فَلَوْ كَانَا اثْنَيْنِ كَانَا خَلْفَهُ فَلْيَلْتَفِتْ إلَيْهِمَا لِلْإِطْلَاقِ الْمَذْكُورِ. اهـ. وَنَازَعَهُ فِي الْإِمْدَادِ بِأَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي مَجْمَعِ الرِّوَايَاتِ شَرْحِ الْقُدُورِيِّ عَنْ حَاشِيَةِ الْبَدْرِيَّةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعِيدًا عَلَى الْمَذْهَبِ) صَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِ مُحَمَّدٍ فِي الْأَصْلِ قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِحِذَائِهِ رَجُلٌ يُصَلِّي؛ ثُمَّ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ وَجْهُهُ مُقَابِلُ وَجْهِ الْإِمَامِ فِي حَالَةِ قِيَامِهِ يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا صُفُوفٌ. وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ فِي الْحِلْيَةِ خِلَافَ هَذَا فَقَالَ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمُصَلِّي بِحِذَائِهِ رَجُلٌ جَالِسٌ ظَهْرُهُ إلَى الْمُصَلِّي لَا يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ اسْتِقْبَالُ الْقَوْمِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ سُتْرَةً لِلْمُصَلِّي لَا يُكْرَهُ الْمُرُورُ وَرَاءَهُ فَكَذَا هُنَا؛ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ صَلَّى إلَى وَجْهِ إنْسَانٍ وَبَيْنَهُمَا ثَالِثٌ ظَهْرُهُ إلَى وَجْهِ الْمُصَلِّي لَمْ يُكْرَهْ، وَلَعَلَّ مُحَمَّدًا لَمْ يُقَيِّدْ بِذَلِكَ لِلْعِلْمِ بِهِ اهـ مُلَخَّصًا فَافْهَمْ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي الْقِرَاءَة]

لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَكَيْفِيَّتِهَا وَفَرَائِضِهَا وَوَاجِبَاتِهَا وَسُنَنِهَا ذَكَرَ أَحْكَامَ الْقِرَاءَةِ فِي فَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ لِزِيَادَةِ أَحْكَامٍ تَعَلَّقَتْ بِهَا دُونَ سَائِرِ الْأَرْكَانِ (قَوْلُهُ وَيَجْهَرُ الْإِمَامُ وُجُوبًا) أَيْ جَهْرًا وَاجِبًا عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ، وَقَوْلُهُ بِحَسَبِ الْجَمَاعَةِ صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِلْجَهْرِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ اتِّصَافِ الْجَهْرِ بِهَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ أَنْ يَتَّصِفَ كَوْنُهُ بِحَسَبِ الْجَمَاعَةِ بِالْوُجُوبِ أَيْضًا، نَعَمْ لَوْ جُعِلَ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ وُجُوبًا الْمُؤَوَّلِ بِاسْمِ الْفَاعِلِ يَلْزَمُ ذَلِكَ، وَلَا دَاعِيَ إلَى حَمْلِ الْكَلَامِ عَلَى مَا يُفْسِدُ الْمَعْنَى مَعَ تَبَادُرِ غَيْرِهِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ أَسَاءَ) وَفِي الزَّاهِدِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ: لَوْ زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ فَهُوَ أَفْضَلُ، إلَّا إذَا أَجْهَدَ نَفْسَهُ أَوْ آذَى غَيْرَهُ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَعَادَهَا جَهْرًا) لِأَنَّ الْجَهْرَ فِيمَا بَقِيَ صَارَ وَاجِبًا بِالِاقْتِدَاءِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ شَنِيعٌ بَحْرٌ. وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ ائْتَمَّ بَعْدَ قِرَاءَةِ بَعْضِ السُّورَةِ أَنَّهُ يُعِيدُ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ، فَلْيُرَاجَعْ ح (قَوْلُهُ لَكِنْ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ ائْتَمَّ بِهِ، وَهَذَا قَوْلٌ آخَرُ. وَقَدْ حَكَى الْقَوْلَيْنِ الْقُهُسْتَانِيُّ حَيْثُ قَالَ: إنَّ الْإِمَامَ لَوْ خَافَتَ بِبَعْضِ الْفَاتِحَةِ أَوْ كُلِّهَا أَوْ الْمُنْفَرِدُ ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ رَجُلٌ أَعَادَهَا جَهْرًا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَقِيلَ لَمْ يُعِدْ وَجَهَرَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ أَوْ السُّورَةِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا كَمَا فِي الْمُنْيَةِ اهـ وَعَزَا فِي الْقُنْيَةِ الْقَوْلَ الثَّانِيَ إلَى الْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ وَفَتَاوَى السَّعْدِيِّ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ فِيهِ التَّحَرُّزَ عَنْ تَكْرَارِ الْفَاتِحَةِ فِي رَكْعَةٍ وَتَأْخِيرِ الْوَاجِبِ عَنْ مَحَلِّهِ، وَهُوَ مُوجِبٌ لِسُجُودِ السَّهْوِ فَكَانَ مَكْرُوهًا، وَهُوَ أَسْهَلُ مِنْ لُزُومِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ فِي رَكْعَةٍ. عَلَى أَنَّ كَوْنَ ذَلِكَ الْجَمْعِ شَنِيعًا غَيْرُ مُطَّرِدٍ لِمَا ذَكَرَهُ فِي آخِرِ شَرْحِ الْمُنْيَةِ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ سَهَا فَخَافَتَ فِي الْجَهْرِيَّةِ ثُمَّ تَذَكَّرَ يَجْهَرُ بِالسُّورَةِ وَلَا يُعِيدُ، وَلَوْ خَافَتَ بِآيَةٍ أَوْ أَكْثَرَ يُتِمُّهَا جَهْرًا وَلَا يُعِيدُ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ إذَا جَهَرَ بِأَكْثَرِ الْفَاتِحَةِ يُتِمُّهَا مُخَافَتَةً كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ اهـ أَيْ فِي الصَّلَاةِ السَّرِيَّةِ، وَكَوْنُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ نَقَلَهُ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْأَصْلِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَالْأَصْلُ مِنْ كُتُبِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ كَوْنُ الثَّانِي لَمْ يُذْكَرْ فِي كِتَابٍ آخَرَ مِنْ كُتُبِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، فَدَعْوَى أَنَّهُ ضَعِيفٌ رِوَايَةً وَدِرَايَةً غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ إنْ قَصَدَ الْإِمَامَةَ إلَخْ) عَزَاهُ فِي الْقُنْيَةِ إلَى فَتَاوَى الْكَرْمَانِيِّ. وَوَجْهُهُ أَنَّ الْإِمَامَ مُنْفَرِدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>