للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَابُ الْعُشْرِ (يَجِبُ) الْعُشْرُ (فِي عَسَلِ) وَإِنْ قَلَّ (أَرْضِ غَيْرِ الْخَرَاجِ) وَلَوْ غَيْرِ عُشْرِيَّةٍ كَجَبَلٍ وَمَفَازَةٍ بِخِلَافِ الْخَرَاجِيَّةِ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ (وَكَذَا) يَجِبُ الْعُشْرُ (فِي ثَمَرَةِ جَبَلٍ أَوْ مَفَازَةٍ إنْ حَمَاهُ الْإِمَامُ) لِأَنَّهُ مَالٌ مَقْصُودٌ لَا إنْ

ــ

[رد المحتار]

[بَابُ الْعُشْرِ]

ِ هُوَ وَاحِدُ الْأَجْزَاءِ الْعَشَرَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ لِتَشْمَلَ التَّرْجَمَةُ نِصْفَ الْعُشْرِ وَضِعْفَهُ حَمَوِيٌّ وَذَكَرَهُ فِي الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ مِنْهَا قَالَ فِي الْفَتْحِ قِيلَ: إنَّ تَسْمِيَتَهُ زَكَاةً عَلَى قَوْلِهِمَا لِاشْتِرَاطِهِمَا النِّصَابَ وَالْبَقَاءَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ إذْ لَا شَكَّ أَنَّهُ زَكَاةٌ حَتَّى يُصْرَفَ مَصَارِفَهَا وَاخْتِلَافُهُمْ فِي إثْبَاتِ بَعْضِ شُرُوطٍ لِبَعْضِ أَنْوَاعِ الزَّكَاةِ وَنَفْيُهَا لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ زَكَاةً. اهـ. وَاسْتَظْهَرَ فِي النَّهْرِ قَوْلَ الْعِنَايَةِ إنَّ تَسْمِيَتَهُ زَكَاةً مَجَازٌ وَأَيَّدَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ يَجِبُ فِيمَا لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ سِوَاهُ، وَلَا بِجَامِعِ الزَّكَاةِ وَبِتَسْمِيَتِهِ فِي الْحَدِيثِ صَدَقَةً وَاخْتِلَافِهِمْ فِي وُجُوبِهِ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ التَّرَاخِي كَمَا فِي الزَّكَاةِ اهـ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي عَشْرَةِ مَوَاضِعَ بَسَطَهَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ يَجِبُ الْعُشْرُ) ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالْمَعْقُولِ: أَيْ يُفْتَرَضُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] فَإِنَّ عَامَّةَ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّهُ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ وَهُوَ مُجْمَلٌ بَيَّنَهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا سَقَتْ السَّمَاءُ فَفِيهِ الْعُشْرُ وَمَا سُقِيَ بِغَرْبٍ أَوْ دَالِيَةٍ فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ» وَالْيَوْمَ ظَرْفٌ لِلْحَقِّ لَا لِلْإِيتَاءِ فَلَا يُرَدُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ ذَلِكَ فَزَكَاةُ الْحُبُوبِ لَا تَخْرُجُ يَوْمَ الْحَصَادِ بَلْ بَعْدَ التَّنْقِيَةِ وَالْكَيْلِ لِيَظْهَرَ مِقْدَارُهَا عَلَى أَنَّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَجِبُ الْعُشْرُ فِي الْخَضْرَاوَاتِ، وَيُخْرَجُ حَقُّهَا يَوْمَ الْحَصَادِ أَيْ الْقَطْعِ بَدَائِعُ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ فِي عَسَلِ) بِغَيْرِ تَنْوِينٍ فَإِنَّ قَوْلَهُ: وَإِنْ قَلَّ مُعْتَرِضٌ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَإِنَّ قَوْلَهُ: بِلَا شَرْطِ نِصَابٍ مُغْنٍ عَنْهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ رَاجِعٌ لِلْكُلِّ ح وَصَرَّحَ بِالْعَسَلِ إشَارَةً إلَى خِلَافِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ حَيْثُ قَالَا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ حَيَوَانٍ فَأَشْبَهَ الْإِبْرَيْسَمِ وَدَلِيلُنَا مَبْسُوطٌ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: أَرْضِ غَيْرِ الْخَرَاجِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ وُجُوبِهِ كَوْنُ الْأَرْضِ خَرَاجِيَّةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ فَشَمِلَ الْعُشْرِيَّةُ، وَمَا لَيْسَتْ بِعُشْرِيَّةٍ وَلَا خَرَاجِيَّةٍ كَالْجَبَلِ، وَالْمَفَازَةِ لَكِنْ قَدَّمْنَا عَنْ الْخَانِيَّةِ، وَغَيْرِهَا أَنَّ الْجَبَلَ عُشْرِيٌّ، وَقَدَّمْنَا أَيْضًا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَوْ اُسْتُعْمِلَ فَهُوَ عُشْرِيٌّ هَذَا وَقَيَّدَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ الْأَرْضَ الْخَرَاجِيَّةَ بِالْخَرَاجِ الْمُوَظَّفِ؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ قَالَ فَلَوْ وُجِدَ فِي أَرْضِ خَرَاجٍ الْمُقَاسَمَةُ فَفِيهِ مِثْلُ مَا فِي التَّمْرِ الْمَوْجُودِ فِيهَا اهـ لَكِنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي نَفْيِ وُجُوبِ الْعُشْرِ وَهُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ فِي الْخَرَاجِيَّةِ مُطْلَقًا كَمَا أَفَادَهُ الرَّحْمَتِيُّ.

وَاسْتُفِيدَ أَنَّ الْخَرَاجَ قِسْمَانِ خَرَاجُ مُقَاسَمَةٍ، وَهُوَ مَا وَضَعَهُ الْإِمَامُ عَلَى أَرْضٍ فَتَحَهَا وَمَنَّ عَلَى أَهْلِهَا بِهَا مِنْ نِصْفِ الْخَارِجِ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ رُبْعِهِ وَخَرَاجُ وَظِيفَةٍ مِثْلُ الَّذِي وَظَّفَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى أَرْضِ السَّوَادِ لِكُلِّ جَرِيبٍ يَبْلُغُهُ الْمَاءُ صَاعُ بُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ كَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي الْجِهَادِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَيَأْتِي هُنَا بَعْضُ أَحْكَامِهَا.

(قَوْلُهُ: فِي ثَمَرَةِ جَبَلٍ) يَدْخُلُ فِيهِ الْقُطْنُ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَ اسْمٌ لِشَيْءٍ مُتَفَرِّعٍ مِنْ أَصْلٍ يَصْلُحُ لِلْأَكْلِ وَاللِّبَاسِ كَمَا فِي الْكَرْمَانِيِّ وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ اسْمٌ لِحَمْلِ الشَّجَرِ وَالْمَشْهُورُ مَا فِي الْمُفْرَدَاتِ أَنَّهُ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُسْتَطْعَمُ مِنْ أَحْمَالِ الشَّجَرِ وَيَجِبُ الْعُشْرُ، وَلَوْ كَانَ الشَّجَرُ غَيْرَ مَمْلُوكٍ وَلَمْ يُعَالِجْهُ أَحَدٌ وَخَرَجَ ثَمَرَةُ شَجَرٍ فِي دَارِ رَجُلٍ، وَلَوْ بُسْتَانًا فِي دَارِهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلدَّارِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ ط عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ: إنْ حَمَاهُ الْإِمَامُ) الضَّمِيرُ عَائِدٌ إلَى الْمَذْكُورِ وَهُوَ الْعَسَلُ وَالثَّمَرَةُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْحِمَايَةُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَالْبُغَاةِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ لَا عَنْ كُلِّ أَحَدٍ فَإِنَّ ثَمَرَ الْجِبَالِ مُبَاحٌ لَا يَجُوزُ مَنْعُ الْمُسْلِمِينَ عَنْهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا شَيْءَ فِيمَا يُوجَدُ فِي الْجِبَالِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً وَلَهُمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ مِلْكِهَا النَّمَاءُ وَقَدْ حَصَلَ. اهـ.

ح (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَالٌ مَقْصُودٌ) أَيْ مَقْصُودٌ لِلْإِمَامِ بِالْحِفْظِ اهـ ط أَوْ مَقْصُودٌ بِالْأَخْذِ فَلِذَا تُشْتَرَطُ حِمَايَتُهُ حَتَّى يَجِبَ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>