فُرُوعٌ] لَوْ بَاعَ أَوْ كَفَلَ وَدَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ عَبْدٌ لِزَيْدٍ لَا يُصَدَّقُ فِي إبْطَالِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ، وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ؛ وَمَجْهُولُ نَسَبٍ كَلَقِيطٍ.
كِتَابُ اللُّقَطَةِ (هِيَ) بِالْفَتْحِ وَتُسَكَّنُ: اسْمٌ وُضِعَ لِلْمَالِ الْمُلْتَقَطِ عَيْنِيٌّ. وَشَرْعًا مَالٌ يُوجَدُ ضَائِعًا ابْنُ كَمَالٍ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة
ــ
[رد المحتار]
إتْلَافَ مَنَافِعِهِ بِالِاسْتِخْدَامِ وَالْإِعَارَةِ بِلَا عِوَضٍ فَبِالْعِوَضِ بِالْإِجَارَةِ أَوْلَى فَتْحٌ، وَقَوْلُهُ: وَلَا يَمْلِكُ تَمْلِيكَهَا يَشْمَلُ مَا إذَا آجَرَهُ لِيَأْخُذَ الْأُجْرَةَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلَّقِيطِ، بَلْ الْمُتَبَادَلُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ: لَا يَمْلِكُ إتْلَافَ مَنَافِعِهِ. وَعَلَيْهِ فَيُشْكِلُ قَوْلَ الْقُهُسْتَانِيِّ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ لِيَأْخُذَ الْأُجْرَةَ لِنَفْسِهِ مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ إطْلَاقِ الْمُتُونِ. وَعَلَى هَذَا فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ مِنْ جَوَازِ إيجَارِهِ عَلَى مَا إذَا آجَرَهُ لِيَأْخُذَ الْأُجْرَةَ لِنَفْسِهِ تَوْفِيقًا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَافْهَمْ.
[فُرُوعٌ فِي تَصْرِف اللَّقِيط]
(قَوْلُهُ: لَوْ بَاعَ إلَخْ) أَيْ اللَّقِيطُ بَعْدَ بُلُوغِهِ (قَوْلُهُ: وَسَلَّمَ) قَيَّدَ فِي وَهْبٍ وَتَصَدُّقٍ؛ لِأَنَّ بِهِ يَحْصُلُ الْمِلْكُ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَالْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَا يُصَدَّقُ فِي إبْطَالِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي إقْرَارِهِ بِالرِّقِّ لِزَيْدٍ، وَهَذَا إذَا كَانَ زَيْدٌ يَدَّعِيهِ وَكَانَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ عَلَيْهِ بِمَا لَا يُقْضَى بِهِ إلَّا عَلَى الْأَحْرَارِ كَالْحَدِّ الْكَامِلِ وَنَحْوِهِ، فَلَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِنَحْوِ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَلِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ شَرْعًا فَهُوَ كَمَا لَوْ كَذَّبَهُ زَيْدٌ، وَلَوْ كَانَتْ اللَّقِيطَةُ امْرَأَةً لَهَا زَوْجٌ كَانَتْ أَمَةً لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَلَا تُصَدَّقُ فِي إبْطَالِ النِّكَاحِ، وَلَوْ كَانَ رَجُلًا عَلَيْهِ مَهْرٌ لِزَوْجَتِهِ لَا يُصَدَّقُ فِي إبْطَالِهِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ ظَهَرَ وُجُوبُهُ اهـ فَتْحٌ مُلَخَّصًا، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ. وَفِيهِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة، إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ عَبْدٌ لَا يُصَدَّقُ عَلَى إبْطَالِ شَيْءٍ كَانَ فَعَلَهُ إلَّا النِّكَاحَ؛ لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ إذْنِ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ مَوْلَاهُ فَيُؤَاخَذُ بِزَعْمِهِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ لَا يَبْطُلُ نِكَاحُهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَجْهُولُ نَسَبٍ كَلَقِيطٍ) أَيْ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ الْإِقْرَارِ لَا فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ سَتَأْتِي فِي آخِرِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ بِتَفَاصِيلِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ
[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]
ِ تَقَدَّمَ وَجْهُ تَقْدِيمِ اللَّقِيطِ عَلَيْهَا. وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ: هُمَا مُتَقَارِبَانِ لَفْظًا وَمَعْنًى، وَخَصَّ اللَّقِيطَ بِبَنِي آدَمَ وَاللُّقَطَةَ بِغَيْرِهِمْ لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا، وَقَدَّمَ الْأَوَّلَ لِشَرَفِ بَنِي آدَمَ (قَوْلُهُ: بِالْفَتْحِ) أَيْ فَتْحِ الْقَافِ مَعَ ضَمِّ اللَّامِ وَبِفَتْحِهِمَا كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: وَتُسَكَّنُ) قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْفَتْحُ قَوْلُ جَمِيعِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَحُذَّاقِ النَّحْوِيِّينَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: هِيَ بِالسُّكُونِ، وَلَمْ أَسْمَعْهُ لِغَيْرِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَعُدُّ السُّكُونَ مِنْ لَحْنِ الْعَوَامّ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ اسْمٌ وُضِعَ لِلْمَالِ الْمُلْتَقَطِ) فَهُوَ حَقِيقَةٌ لَا مَجَازٌ، وَهَذَا هُوَ الْمُتَبَادَلُ مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ، لَكِنْ اخْتَارَ فِي الْفَتْحِ أَنَّهَا مَجَازٌ؛ لِأَنَّهَا بِالْفَتْحِ وَصْفُ مُبَالَغَةٍ لِلْفَاعِلِ كَهُمَزَةٍ وَلُمَزَةٍ لِكَثِيرِ الْهَمْزِ وَاللَّمْزِ، وَبِالسُّكُونِ لِلْمَفْعُولِ كَضُحَكَةٍ وَهُزَأَةٍ لِمَنْ يُضْحَكُ مِنْهُ وَيُهْزَأُ بِهِ، وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْمَالِ لُقَطَةٌ بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّ الطِّبَاعَ فِي الْغَالِبِ تُبَادِرُ إلَى الْتِقَاطِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ فَصَارَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ دَاعٍ إلَى أَخْذِهِ لِمَعْنًى فِيهِ كَأَنَّهُ الْكَثِيرُ الِالْتِقَاطِ مَجَازًا وَإِلَّا فَحَقِيقَتُهُ الْمُلْتَقَطُ الْكَثِيرُ الِالْتِقَاطِ، وَمَا عَنْ الْأَصْمَعِيِّ وَابْنِ الْأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ بِالْفَتْحِ اسْمٌ لِلْمَالِ أَيْضًا مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَشَرْعًا مَالٌ يُوجَدُ ضَائِعًا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُسَاوٍ لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الْمَذْكُورِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْمِصْبَاحِ: الشَّيْءُ الَّذِي تَجِدُهُ مُلْقًى فَتَأْخُذُهُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ ابْنَ كَمَالٍ لَمْ يَذْكُرْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْفَتْحِ أَيْضًا. وَعَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ فِي حَقِيقَتِهَا عَدَمُ مَعْرِفَةِ الْمَالِكِ وَلَا عَدَمُ الْإِبَاحَةِ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ رَدُّهُ إلَى مَالِكِهِ الَّذِي ضَاعَ مِنْهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ لُقَطَةً. أَمَّا كَوْنُهَا يَجِبُ تَعْرِيفُهَا فَذَاكَ إذَا لَمْ يُعْرَفْ مَالِكُهَا، إذْ لَا يَلْزَمُ اتِّحَادُ الْحُكْمِ فِي جَمِيعِ أَفْرَادِ الْحَقِيقَةِ كَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا. وَأَمَّا الْمُبَاحُ كَالسَّاقِطِ مِنْ حَرْبِيٍّ فَكَذَلِكَ، وَمِثْلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute