للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْ الْمُضْمَرَاتِ: مَالٌ يُوجَدُ وَلَا يُعْرَفُ مَالِكُهُ، وَلَيْسَ بِمُبَاحٍ كَمَالِ الْحَرْبِيِّ. وَفِي الْمُحِيطِ (رَفْعُ شَيْءٍ ضَائِعٍ لِلْحِفْظِ عَلَى غَيْرٍ لَا لِلتَّمْلِيكِ) وَهَذَا يَعُمُّ مَا عُلِمَ مَالِكُهُ كَالْوَاقِعِ مِنْ السَّكْرَانِ، وَفِيهِ أَنَّهُ أَمَانَةٌ لَا لُقَطَةٌ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ بَلْ يُدْفَعُ لِمَالِكِهِ (نَدْبُ رَفْعِهَا لِصَاحِبِهَا) إنْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ تَعْرِيفَهَا وَإِلَّا فَالتَّرْكُ أَوْلَى. وَفِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ حَرُمَ لِأَنَّهَا كَالْغَصْبِ (وَوَجَبَ) أَيْ فَرْضٌ فَتْحٌ وَغَيْرُهُ (عِنْدَ خَوْفِ ضَيَاعِهَا)

ــ

[رد المحتار]

مَا يُلْقَطُ مِنْ الثِّمَارِ كَجَوْزٍ وَنَحْوِهِ كَمَا يَأْتِي، فَهُوَ يُسَمَّى لُقَطَةً شَرْعًا وَلُغَةً وَإِنْ لَمْ يَجِبْ تَعْرِيفُهُ وَلَا رَدُّهُ إلَى مَالِكِهِ. وَبِهِ عُلِمَ مُغَايَرَةُ هَذَا التَّعْرِيفِ لِمَا بَعْدَهُ، وَلَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: مَالٌ يُوجَدُ إلَخْ) فَخَرَجَ مَا عُرِفَ مَالِكُهُ فَلَيْسَ لُقَطَةً بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ بَلْ يُرَدُّ إلَيْهِ، وَبِالْأَخِيرِ مَالُ الْحَرْبِيِّ. لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا كَانَ مُحْرَزًا بِمَكَانٍ أَوْ حَافِظٍ فَإِنَّهُ دَاخِلٌ فِي التَّعْرِيفِ، فَالْأَوَّلُ أَنْ يُقَالَ هُوَ مَالٌ مَعْصُومٌ مُعَرَّضٌ لِلضَّيَاعِ بَحْرٌ.

وَأَقُولُ: الْحِرْزُ بِالْمَكَانِ وَنَحْوِهِ خَرَجَ بِقَوْلِهِ يُوجَدُ أَيْ فِي الْأَرْضِ ضَائِعًا إذْ لَا يُقَالُ فِي الْمُحْرَزِ ذَلِكَ. عَلَى أَنَّهُ فِي الْمُحِيطِ جَعَلَ عَدَمَ الْإِحْرَازِ مِنْ شَرَائِطِهَا وَعَرَّفَهَا بِمَا يَأْتِي، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ عَدَمَ مَعْرِفَةِ الْمَالِكِ لَيْسَ شَرْطًا فِي مَفْهُومِهَا نَهْرٌ (قَوْلُهُ: رُفِعَ شَيْءٌ إلَخْ) هَذَا تَعْرِيفٌ لَهَا بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ: أَعْنِي الِالْتِقَاطَ؛ لِأَنَّهُ لَازِمُهَا، وَهَذَا يَقَعُ فِي كَلَامِهِمْ كَثِيرًا، وَمِنْهُ الْأُضْحِيَّةُ فَإِنَّهَا اسْمٌ لِمَا يُضَحَّى بِهِ. وَعَرَّفُوهَا شَرْعًا بِذَبْحِ حَيَوَانٍ مَخْصُوصٍ إلَخْ وَهَذَا التَّعْرِيفُ يُخْرِجُ مَا كَانَ مُبَاحًا (قَوْلُهُ: لَا لِلتَّمْلِيكِ) الْأَوْلَى لَا لِلتَّمَلُّكِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ أَنَّهُ أَمَانَةٌ لَا لُقَطَةٌ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ اللُّقَطَةَ أَيْضًا أَمَانَةٌ، وَعَدَمُ وُجُوبِ تَعْرِيفِهِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ لُقَطَةً كَمَا قَدَّمْنَا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ عُلِمَ مَالِكُهُ فَهُوَ مَالٌ ضَائِعٌ: أَيْ لَا حَافِظَ لَهُ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْمَالِ الَّذِي يُوجَدُ مَعَ اللَّقِيطِ. وَفِي الْقَامُوسِ: ضَاعَ الشَّيْءُ صَارَ مُهْمَلًا، وَلِهَذَا ذَكَرَ فِي النَّهْرِ أَنَّ هَذَا الْفَرْعَ يَدُلُّ عَلَى مَا اُسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا التَّعْرِيفِ مِنْ أَنَّ عَدَمَ مَعْرِفَةِ الْمَالِكِ لَيْسَ شَرْطًا فِي مَفْهُومِهَا (قَوْلُهُ: نُدِبَ رَفْعُهَا) وَقِيلَ الْأَفْضَلُ عَدَمُهُ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ خُصُوصًا فِي زَمَانِنَا كَمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ.

قُلْت: وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِالْأَمْنِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: إنْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ تَعْرِيفَهَا) أَيْ عَدَمَ تَعْرِيفِهَا كَمَا لَا يَخْفَى. اهـ. ح أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَمْنَ مِمَّا يُخَافُ مِنْهُ وَالْمَخُوفُ عَدَمُ التَّعْرِيفِ لَا التَّعْرِيفُ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ تَضْمِينَ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ مَعْنَى وَثِقَ مِنْهَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ بِأَنْ شَكَّ، فَلَا يُنَافِي مَا فِي الْبَدَائِعِ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ، فَإِذَا تَيَقَّنَ مِنْ نَفْسِهِ مَنْعَهَا مِنْ صَاحِبِهَا فُرِضَ التَّرْكُ، وَإِذَا شَكَّ نُدِبَ أَفَادَهُ ط لَكِنْ إنْ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ ضَمَانِهَا إلَّا بِرَدِّهَا إلَى صَاحِبِهَا كَمَا فِي الْكَافِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا كَالْغَصْبِ) أَيْ حُكْمًا مِنْ جِهَةِ الْحُرْمَةِ وَالضَّمَانِ، وَإِلَّا فَحَقِيقَةُ الْغَصْبِ رَفْعُ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ وَوَضْعُ الْمُبْطِلَةِ، وَلَا يَدَ مُحِقَّةٌ هُنَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ أَيْ فُرِضَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ الْفَرْضُ الْقَطْعِيُّ الَّذِي يَكْفُرُ مُنْكِرُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ عَلَى أَنَّهُ فِي الْفَتْحِ لَمْ يُفَسِّرْ الْوُجُوبَ بِالِافْتِرَاضِ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ، بَلْ قَالَ: وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ: أَيْ ضَيَاعَهَا إنْ لَمْ يَأْخُذْهَا فَفِي الْخُلَاصَةِ يُفْتَرَضُ الرَّفْعُ اهـ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَتْحٌ وَغَيْرُهُ) أَيْ كَالْخُلَاصَةِ وَالْمُجْتَبَى، لَكِنْ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: إنَّهُ وَاجِبٌ وَهُوَ غَيْرُ سَدِيدٍ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ لَيْسَ تَضْيِيعًا بَلْ امْتِنَاعٌ عَنْ حِفْظٍ غَيْرِ مُلْتَزَمٍ كَالِامْتِنَاعِ عَنْ قَبُولِ الْوَدِيعَةِ اهـ وَأَشَارَ فِي الْهِدَايَةِ إلَى التَّبَرِّي مِنْ الْوُجُوبِ بِقَوْلِهِ وَهُوَ وَاجِبٌ إذَا خَافَ الضَّيَاعَ عَلَى مَا قَالُوا بَحْرٌ مُلَخَّصًا، وَجَزَمَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ مَا فِي الْبَدَائِعِ شَاذٌّ وَأَنَّ مَا فِي الْخُلَاصَةِ جَرَى عَلَيْهِ فِي الْمُحِيطِ والتتارخانية وَالِاخْتِيَارِ وَغَيْرِهَا. اهـ.

قُلْت: وَكَذَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ تَبَعًا لِلذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ خَوْفِ ضَيَاعِهَا) الْمُرَادُ بِالْخَوْفِ غَلَبَةُ الظَّنِّ كَمَا نَقَلْنَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>