للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَ الْقَبْضِ (أَوْ وَهَبَ وَسَلَّمَ رَدَّهُ بِخِيَارِ عَيْبٍ لَا) بِخِيَارِ (رُؤْيَةٍ أَوْ شَرْطٍ) . الْأَصْلُ أَنَّ رَدَّ الْبَعْضِ يُوجِبُ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ وَهُوَ بَعْدَ التَّمَامِ جَائِزٌ لَا قَبْلَهُ فَخِيَارُ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ يَمْنَعَانِ تَمَامَهَا، وَخِيَارُ الْعَيْبِ يَمْنَعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا بَعْدَهُ، وَهَلْ يَعُودُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ بَعْدَ سُقُوطِهِ عَنْ الثَّانِي لَا كَخِيَارِ شَرْطٍ، وَصَحَّحَهُ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ.

[فُرُوعٌ] شَرَى شَيْئًا لَمْ يَرَهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَتُهُ بِالثَّمَنِ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ.

وَلَوْ تَبَايَعَا عَيْنًا بِعَيْنٍ فَلَهُمَا الْخِيَارُ مُجْتَبَى.

شَرَى جَارِيَةً بِعَبْدٍ وَأَلْفٍ فَتَقَابَضَا ثُمَّ رَدَّ بَائِعِ الْجَارِيَةِ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ فِي الْجَارِيَةِ بِحِصَّةِ الْأَلْفِ ظَهِيرِيَّةٌ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا خِيَارَ فِي الدَّيْنِ.

أَرَادَ بَيْعَ ضَيْعَةٍ وَلَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ رُؤْيَةٍ، فَالْحِيلَةُ أَنْ يُقِرَّ بِثَوْبٍ لِإِنْسَانٍ

ــ

[رد المحتار]

فَلَهُ رَدُّ الْبَقِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْقَبْضِ) قَيَّدَ بِهِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ بَاعَ؛ لِأَنَّ مَا لَمْ يُقْبَضْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ نَهْرٌ: أَيْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لَوْ مَنْقُولًا، بِخِلَافِ الْعَقَارِ. وَأَفَادَ أَنَّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْخِيَارَاتِ الثَّلَاثِ فِي أَنَّهُ لَا يَرُدُّ الْبَاقِيَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: رَدَّهُ) أَيْ الْبَاقِيَ مِنْ الْعِدْلِ. (قَوْلُهُ: الْأَصْلُ أَنَّ رَدَّ الْبَعْضِ) أَيْ بَعْضِ الْمَبِيعِ كَرَدِّ بَاقِي الْعِدْلِ وَرَدِّ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ فِيمَا لَوْ رَأَى أَحَدَهُمَا ثُمَّ رَأَى الْآخَرَ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ الْمَارَّةِ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: يُوجِبُ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ) أَيْ تَفْرِيقَ الْعَقْدِ، بِأَنْ يُوجِبَ الْمِلْكَ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ دُونَ الْبَعْضِ، وَقَدَّمْنَا أَوَّلَ الْبُيُوعِ مَا يُوجِبُ تَفْرِيقَهَا وَعَدَمَهُ، وَسُمِّيَ الْعَقْدُ صَفْقَةً لِلْعَادَةِ فِي أَنَّ أَحَدَ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَصْفِقُ كَفَّهُ فِي كَفِّ الْآخَرِ. (قَوْلُهُ: يَمْنَعَانِ تَمَامَهَا) فَإِنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ مَانِعٌ مِنْ التَّمَامِ، أَمَّا خِيَارُ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ مَانِعٌ ابْتِدَاءً لَكِنْ مَا يَمْنَعُ الِابْتِدَاءَ يَمْنَعُ التَّمَامَ، وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَلَا رِضًا فَيَكُونُ فَسْخًا مِنْ الْأَصْلِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الرِّضَا قَبْلَهُ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِصِفَاتِ الْمَبِيعِ وَلِذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقُضَاةِ أَوْ الرِّضَا كَمَا فِي الْفَتْحِ. (قَوْلُهُ: وَخِيَارُ الْعَيْبِ يَمْنَعُهُ) أَيْ يَمْنَعُ تَمَامَ الصَّفْقَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلِذَا يُفْسَخُ بِقَوْلِهِ رَدَدْتُ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى رِضَا الْبَائِعِ وَلَا إلَى الْقَضَاءِ، وَلَا يَمْنَعُهُ بَعْدَهُ وَلِذَا لَوْ رَدَّهُ بَعْدَهُ لَا يَنْفَسِخُ إلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ أَوْ بِحُكْمٍ.

(قَوْلُهُ: وَهَلْ يَعُودُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ عَادَ الثَّوْبُ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ الْعِدْلِ أَوْ وَهَبَهُ بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ مَحْضٌ كَالرَّدِّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَوْ الشَّرْطِ أَوْ الْعَيْبِ بِالْقَضَاءِ أَوْ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ، فَهُوَ أَيْ مُشْتَرِي الْعِدْلِ عَلَى خِيَارِهِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْكُلَّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ لِارْتِفَاعِ الْمَانِعِ مِنْ الْأَصْلِ وَهُوَ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، كَمَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يَعُودُ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ كَخِيَارِ الشَّرْطِ إلَّا بِسَبَبٍ جَدِيدٍ وَصَحَّحَهُ قَاضِي خَانْ، وَعَلَيْهِ اعْتِمَادُ الْقُدُورِيِّ، وَحَقِيقَةُ الْمَلْحَظِ مُخْتَلِفَةٌ فَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ لَحَظَ الْبَيْعَ وَالْهِبَةَ مَانِعًا زَالَ فَيَعْمَلُ الْمُقْتَضِي وَهُوَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ عَمَلَهُ، وَلَحَظَهُ الثَّانِي مُسْقِطًا فَلَا يَعُودُ بِلَا سَبَبٍ، وَهَذَا أَوْجَهُ؛ لِأَنَّ نَفْسَ التَّصَرُّفِ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَيُبْطِلُ الْخِيَارَ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ وَبَعْدَهَا فَتْحٌ. وَادَّعَى فِي الْبَحْرِ أَنَّ الْأَوَّلَ أَوْجَهُ، وَرَدَّهُ فِي النَّهْرِ.

[فُرُوعٌ شَرَى شَيْئًا لَمْ يَرَهُ]

(قَوْلُهُ: لَيْسَ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَتُهُ بِالثَّمَنِ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ) لِعَدَمِ تَمَامِ الْعَقْدِ قَبْلَهَا.

. (قَوْلُهُ: فَلَهُمَا الْخِيَارُ) أَيْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُشْتَرٍ لِلْعَيْنِ الَّتِي بَاعَهَا الْآخَرُ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ فِي الْجَارِيَةِ بِحِصَّةِ الْأَلْفِ) أَيْ بَلْ يَبْطُلُ بِحِصَّةِ الْعَبْدِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَمِائَةٍ مَثَلًا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي ثُلُثِ الْجَارِيَةِ وَبَقِيَ فِي حِصَّةِ الْأَلْفِ وَهِيَ الثُّلُثَانِ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا خِيَارَ فِي الدَّيْنِ) أَيْ مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ فِي قَوْلِهِ فَلَيْسَ فِي دُيُونٍ وَنُقُودٍ إلَخْ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ فِي الْأَلْفِ يَبْقَى الْبَيْعُ لَازِمًا مِنْ الْجَارِيَةِ بِقَدْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>