للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ (لَا تَصِحُّ شَرِكَةٌ فِي احْتِطَابٍ وَاحْتِشَاشٍ وَاصْطِيَادٍ وَاسْتِقَاءٍ وَسَائِرِ مُبَاحَاتٍ) كَاجْتِنَاءِ ثِمَارٍ مِنْ جِبَالٍ وَطَلَبِ مَعْدِنٍ مِنْ كَنْزٍ وَطَبْخِ آجُرٍّ مِنْ طِينٍ مُبَاحٍ لِتَضَمُّنِهَا الْوَكَالَةَ وَالتَّوْكِيلُ فِي أَخْذِ الْمُبَاحِ لَا يَصِحُّ

(وَمَا حَصَّلَهُ أَحَدُهُمَا فَلَهُ وَمَا حَصَّلَاهُ مَعًا فَلَهُمَا) نِصْفَيْنِ إنْ لَمْ يُعْلَمُ مَا لِكُلٍّ (وَمَا حَصَّلَهُ أَحَدُهُمَا بِإِعَانَةِ صَاحِبِهِ فَلَهُ وَلِصَاحِبِهِ أَجْرُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يُجَاوِزُ بِهِ نِصْفَ ثَمَنِ ذَلِكَ)

ــ

[رد المحتار]

[فَصْلٌ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ]

ِ مَا فِي هَذَا الْفَصْلِ مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ مِنْ كِتَابِ الشَّرِكَةِ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُتَرْجِمَ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى مَا فِي التَّرْجَمَةِ لَا تَضُرُّ (قَوْلُهُ: وَاصْطِيَادٍ) جَعَلَهُ مِنْ الْمُبَاحِ وَذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلتَّلَهِّي أَوْ يَتَّخِذُهُ حِرْفَةً وَإِلَّا فَلَا يَحِلُّ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِهِ (قَوْلُهُ: وَطَلَبِ مَعْدِنٍ مِنْ كَنْزٍ) الْمَعْدِنُ مَا وُضِعَ فِي الْأَرْضِ خِلْقَةً، وَالْكَنْزُ مَا وَضَعَهُ بَنُو آدَمَ وَالرِّكَازُ يَعُمُّهُمَا فَلَوْ قَالَ: وَطَلَبِ مَعْدِنٍ وَكَنْزٍ جَاهِلِيٍّ كَمَا فَعَلَ فِي الْهِنْدِيَّةِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْكَنْزَ الْإِسْلَامِيَّ لُقَطَةٌ ط (قَوْلُهُ: مِنْ طِينٍ مُبَاحٍ) فَإِنْ كَانَ الطِّينُ أَوْ النُّورَةُ أَوْ سَهْلَةُ الزُّجَاجِ مَمْلُوكًا فَاشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا ذَلِكَ وَيَطْبُخَاهُ وَيَبِيعَاهُ جَازَ، وَهُوَ كَشَرِكَةِ الْوُجُوهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ مَعْزِيًّا إلَى الشَّافِي، وَتَبِعَهُ الْبَزَّازِيُّ وَالْعَيْنِيُّ.

وَالْمَذْكُورُ فِي الْفَتْحِ أَنَّ هَذَا مِنْ شَرِكَةِ الصَّنَائِعِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: وَمَا حَصَّلَهُ أَحَدُهُمَا) أَيْ بِدُونِ عَمَلٍ مِنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَمَا حَصَّلَاهُ مَعًا إلَخْ) يَعْنِي ثُمَّ خَلَطَاهُ وَبَاعَهُ، فَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى كَيْلِ أَوْ وَزْنِ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَزْنِيًّا وَلَا كَيْلِيًّا قُسِّمَ عَلَى قِيمَةِ مَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ مِقْدَارُ مَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صُدِّقَ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى النِّصْفِ؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الِاكْتِسَابِ وَكَأَنَّ الْمُكْتَسَبَ فِي أَيْدِيهِمَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَالظَّاهِرُ يَشْهَدُ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى الزِّيَادَةِ عَلَى النِّصْفِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي خِلَافَ الظَّاهِرِ. اهـ. فَتْحٌ.

مَطْلَبٌ: اجْتَمَعَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ وَاكْتَسَبَا وَلَا يُعْلَمُ التَّفَاوُتُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ [تَنْبِيهٌ] يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا مَا أَفْتَى بِهِ فِي الْخَيْرِيَّةِ فِي زَوْجِ امْرَأَةٍ وَابْنِهَا اجْتَمَعَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ وَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَكْتَسِبُ عَلَى حِدَةٍ وَيَجْمَعَانِ كَسْبَهُمَا وَلَا يُعْلَمُ التَّفَاوُتُ وَلَا التَّسَاوِي وَلَا التَّمْيِيزُ.

فَأَجَابَ بِأَنَّهُ بَيْنَهُمَا سَوِيَّةً، وَكَذَا لَوْ اجْتَمَعَ إخْوَةٌ يَعْمَلُونَ فِي تَرِكَةِ أَبِيهِمْ وَنَمَا الْمَالُ فَهُوَ بَيْنَهُمْ سَوِيَّةً، وَلَوْ اخْتَلَفُوا فِي الْعَمَلِ وَالرَّأْيِ اهـ وَقَدَّمْنَا أَنَّ هَذَا لَيْسَ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ مَا لَمْ يُصَرِّحَا بِلَفْظِهَا أَوْ بِمُقْتَضَيَاتِهَا مَعَ اسْتِيفَاءِ شُرُوطِهَا، ثُمَّ هَذَا فِي غَيْرِ الِابْنِ مَعَ أَبِيهِ؛ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ الْأَبُ وَابْنُهُ يَكْتَسِبَانِ فِي صَنْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا شَيْءٌ فَالْكَسْبُ كُلُّهُ لِلْأَبِ إنْ كَانَ الِابْنُ فِي عِيَالِهِ لِكَوْنِهِ مُعِينًا لَهُ أَلَا تَرَى لَوْ غَرَسَ شَجَرَةً تَكُونُ لِلْأَبِ ثُمَّ ذَكَرَ خِلَافًا فِي الْمَرْأَةِ مَعَ زَوْجِهَا إذَا اجْتَمَعَ بِعَمَلِهِمَا أَمْوَالٌ كَثِيرَةٌ، فَقِيلَ هِيَ لِلزَّوْجِ وَتَكُونُ الْمَرْأَةُ مُعِينَةً لَهُ، إلَّا إذَا كَانَ لَهَا كَسْبٌ عَلَى حِدَةٍ فَهُوَ لَهَا، وَقِيلَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ: زَوَّجَ بَنِيهِ الْخَمْسَةَ فِي دَارِهِ وَكُلُّهُمْ فِي عِيَالِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَتَاعِ فَهُوَ لِلْأَبِ وَلِلْبَنِينَ الثِّيَابُ الَّتِي عَلَيْهِمْ لَا غَيْرُ، فَإِنْ قَالُوا هُمْ أَوْ امْرَأَتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ: إنَّ هَذَا اسْتَفَدْنَاهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْقَوْلُ لَهُمْ، وَإِنْ أَقَرُّوا أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ مَوْتِهِ فَهُوَ مِيرَاثٌ مِنْ الْأَبِ. (قَوْلُهُ: بِإِعَانَةِ صَاحِبِهِ) سَوَاءٌ كَانَتْ الْإِعَانَةُ بِعَمَلٍ كَمَا إذَا أَعَانَهُ فِي الْجَمْعِ وَالْقَلْعِ أَوْ الرَّبْطِ أَوْ الْحَمْلِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ بِآلَةٍ، كَمَا لَوْ دَفَعَ لَهُ بَغْلًا أَوْ رَاوِيَةً لِيَسْتَقِيَ عَلَيْهَا أَوْ شَبَكَةً لِيَصِيدَ بِهَا حَمَوِيٌّ وَقُهُسْتَانِيٌّ ط (قَوْلُهُ لَا يُجَاوَزُ بِهِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ عَلَى الْبِنَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>