للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاتِّبَاعُ رَأْيِهِمْ فَإِذَا قَضَى بِخِلَافِهِ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ.

(الْمِصْرُ شَرْطٌ لِنَفَاذِ الْقَضَاءِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَفِي رِوَايَةِ النَّوَادِرِ لَا) فَيَنْفُذُ فِي الْقُرَى وَفِي عَقَارٍ لَا فِي وِلَايَتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ خُلَاصَةٌ (وَبِهِ يُفْتَى) بَزَّازِيَّةٌ.

(أَخَذَ الْقَضَاءَ بِرِشْوَةٍ) لِلسُّلْطَانِ أَوْ لِقَوْمِهِ وَهُوَ عَالِمٌ بِهَا أَوْ بِشَفَاعَةٍ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ وَفَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ

ــ

[رد المحتار]

رَأْيَ نَفْسِهِ وَيَقْضِيَ بِرَأْيِ غَيْرِهِ اهـ، أَيْ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ غَيْرَهُ.

(قَوْلُهُ: وَاتِّبَاعُ رَأْيِهِمْ) أَيْ إنْ اتَّفَقُوا عَلَى شَيْءٍ وَإِلَّا أَخَذَ بِقَوْلِ الْأَفْقَهِ وَالْأَوْرَعِ عِنْدَهُ كَمَا مَرَّ.

قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَعِنْدِي أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بِقَوْلِ الَّذِي لَا يَمِيلُ إلَيْهِ قَلْبُهُ جَازَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَيْلَ وَعَدَمَهُ سَوَاءٌ، وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ تَقْلِيدُ مُجْتَهِدٍ وَقَدْ فَعَلَ أَصَابَ ذَلِكَ الْمُجْتَهِدُ أَوْ أَخْطَأَ اهـ.

قُلْت: وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُفْتِيَانِ مُجْتَهِدَيْنِ وَاخْتَلَفَا فِي الْحُكْمِ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْمُقَلِّدِينَ فِيمَا لَمْ يُصَرِّحُوا فِي الْكُتُبِ بِتَرْجِيحِهِ وَاعْتِمَادِهِ أَوْ اخْتَلَفُوا فِي تَرْجِيحِهِ، وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ الْآنَ اتِّبَاعُ مَا اتَّفَقُوا عَلَى تَرْجِيحِهِ أَوْ كَانَ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ أَوْ قَوْلَ الْإِمَامِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ التَّرْجِيحِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَفِي مَنْظُومَتِنَا وَشَرْحِهَا.

(قَوْلُهُ: فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ) فِي الْبَحْرِ: وَلَا يُشْتَرَطُ الْمِصْرُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَالْقَضَاءُ بِالسَّوَادِ صَحِيحٌ، وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ اهـ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ مَعْزُوٌّ إلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ رَمْلِيٌّ عَلَى الْمِنَحِ.

(قَوْلُهُ: وَفِي عَقَارٍ إلَخْ) فِي الْبَحْرِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُتَدَاعِيَانِ مِنْ بَلَدِ الْقَاضِي إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى فِي الْمَنْقُولِ وَالدَّيْنِ وَأَمَّا فِي عَقَارٍ لَا فِي وِلَايَتِهِ، فَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَإِيَّاكَ أَنْ تَفْهَمَ خِلَافَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ غَلَطٌ اهـ.

[مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ]

(قَوْلُهُ: أَخَذَ الْقَضَاءَ بِرِشْوَةٍ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ قَامُوسٌ وَفِي الْمِصْبَاحِ الرِّشْوَةُ بِالْكَسْرِ مَا يُعْطِيهِ الشَّخْصُ الْحَاكِمَ وَغَيْرَهُ لِيَحْكُمَ لَهُ أَوْ يَحْمِلَهُ عَلَى مَا يُرِيدُ، جَمْعُهَا رِشًا مِثْلُ سِدْرَةٍ وَسِدَرٍ، وَالضَّمُّ لُغَةٌ وَجَمْعُهَا رُشًا بِالضَّمِّ اهـ وَفِيهِ الْبِرْطِيلُ بِكَسْرِ الْبَاءِ الرِّشْوَةُ وَفَتْحُ الْبَاءِ عَامِّيٌّ.

وَفِي الْفَتْحِ: ثُمَّ الرِّشْوَةُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: مِنْهَا مَا هُوَ حَرَامٌ عَلَى الْآخِذِ وَالْمُعْطِي وَهُوَ الرِّشْوَةُ عَلَى تَقْلِيدِ الْقَضَاءِ وَالْإِمَارَةِ.

الثَّانِي: ارْتِشَاءُ الْقَاضِي لِيَحْكُمَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَوْ الْقَضَاءُ بِحَقٍّ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ.

الثَّالِثُ: أَخْذُ الْمَالِ لِيُسَوِّيَ أَمْرَهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ أَوْ جَلْبًا لِلنَّفْعِ وَهُوَ حَرَامٌ عَلَى الْآخِذِ فَقَطْ وَحِيلَةُ حِلُّهَا أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ أَوْ يَوْمَيْنِ فَتَصِيرَ مَنَافِعُهُ مَمْلُوكَةً ثُمَّ يَسْتَعْمِلَهُ فِي الذَّهَابِ إلَى السُّلْطَانِ لِلْأَمْرِ الْفُلَانِيِّ، وَفِي الْأَقْضِيَةِ قَسَّمَ الْهَدِيَّةَ وَجَعَلَ هَذَا مِنْ أَقْسَامِهَا فَقَالَ: حَلَالٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَالْإِهْدَاءِ لِلتَّوَدُّدِ وَحَرَامٌ مِنْهُمَا كَالْإِهْدَاءِ لِيُعِينَهُ عَلَى الظُّلْمِ وَحَرَامٌ عَلَى الْآخِذِ فَقَطْ، وَهُوَ أَنْ يُهْدَى لِيَكُفَّ عَنْهُ الظُّلْمَ وَالْحِيلَةُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ إلَخْ قَالَ: أَيْ فِي الْأَقْضِيَةِ هَذَا إذَا كَانَ فِيهِ شَرْطٌ أَمَّا إذَا كَانَ بِلَا شَرْطٍ لَكِنْ يَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّهُ إنَّمَا يُهْدِي لِيُعِينَهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ فَمَشَايِخُنَا عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَوْ قَضَى حَاجَتَهُ بِلَا شَرْطٍ وَلَا طَمَعٍ فَأَهْدَى إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ حَلَالٌ لَا بَأْسَ بِهِ وَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ كَرَاهَتِهِ فَوَرَعٌ

الرَّابِعُ: مَا يَدْفَعُ لِدَفْعِ الْخَوْفِ مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ حَلَالٌ لِلدَّافِعِ حَرَامٌ عَلَى الْآخِذِ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْ الْمُسْلِمِ وَاجِبٌ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْمَالِ لِيَفْعَلَ الْوَاجِبَ، اهـ مَا فِي الْفَتْحِ مُلَخَّصًا. وَفِي الْقُنْيَةِ الرِّشْوَةُ يَجِبُ رَدُّهَا وَلَا تُمْلَكُ وَفِيهَا دَفَعَ لِلْقَاضِي أَوْ لِغَيْرِهِ سُحْتًا لِإِصْلَاحِ الْمُهِمِّ فَأَصْلَحَ ثُمَّ نَدِمَ يَرُدُّ مَا دُفِعَ إلَيْهِ اهـ، وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهَا فِي الْبَحْرِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْهَدِيَّةِ لِلْقَاضِي وَالْمُفْتِي وَالْعُمَّالِ.

(قَوْلُهُ: لِلسُّلْطَانِ) صِفَةٌ لِرِشْوَةٍ أَيْ دَفَعَهَا الْقَاضِي لَهُ وَكَذَا لَوْ دَفَعَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>