فِي عِدَّةِ الْبَائِنِ) لِأَنَّ الشَّرْطَ مُشَارَكَتُهَا فِي الْقَسْمِ وَلَمْ يُوجَدْ. (فَلَوْ) نَكَحَ (فِي عِدَّةِ الرَّجْعِيِّ) أَوْ لَمْ يَقُلْ عَلَيْك (طَلُقَتْ) الْجَدِيدَةُ ذَكَرَهُ مِسْكِينٌ، وَقَيَّدَهُ فِي النَّهْرِ بَحْثًا بِمَا إذَا أَرَادَ رَجْعَتَهَا وَإِلَّا فَلَا قَسْمَ لَهَا كَمَا مَرَّ
(قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا)
ــ
[رد المحتار]
لَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ وَطْئًا، وَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ ذَلِكَ فِي إيجَابِ الْحَدِّ وَثُبُوتِ الرَّجْعَةِ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ لَا تُوجِبُ ذَلِكَ فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّرْطَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْبَحْرِ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يُوجَدْ لِأَنَّ التَّزَوُّجَ عَلَيْهَا أَنْ يُدْخِلَ عَلَيْهَا مَنْ يُنَازِعُهَا فِي الْفِرَاشِ وَيُزَاحِمُهَا فِي الْقَسَمِ وَلَمْ يُوجَدْ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ) أَيْ قَيَّدَ الطَّلَاقَ إذَا نَكَحَهَا فِي عِدَّةِ الرَّجْعِيِّ بِمَا ذُكِرَ أَخْذًا مِنْ مَفْهُومِ التَّعْلِيلِ، وَقَالَ إنَّ هَذِهِ وَارِدَةٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ يَعْنِي صَاحِبَ الْكَنْزِ.
قُلْت وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْمُزَاحَمَةَ فِي الْقَسَمِ مَوْجُودَةٌ حُكْمًا وَإِنْ لَمْ يُرِدْ مُرَاجَعَتَهَا وَقْتَ الطَّلَاقِ لِاحْتِمَالِ تَغَيُّرِ الْإِرَادَةِ بَعْدَهُ بِإِرَادَةِ الْمُرَاجَعَةِ؛ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا فِي حَالِ سَفَرِهِ أَوْ حَالَ نُشُوزِ الْأُولَى فَإِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ الْوُقُوعُ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْمُزَاحَمَةُ حَقِيقَةً وَقْتَ التَّزَوُّجِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي بَابِ الْقَسَمِ ح.
[مَطْلَبٌ مَسَائِلُ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْمَشِيئَةِ]
(قَوْلُهُ قَالَ لَهَا إلَخْ) شُرُوعٌ فِي مَسَائِلِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَعَقَدَ لَهَا فِي الْهِدَايَةِ فَصْلًا عَلَى حِدَةٍ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَأَلْحَقَ الِاسْتِثْنَاءَ بِالتَّعْلِيقِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي مَنْعِ الْكَلَامِ مِنْ إثْبَاتِ مُوجَبِهِ إلَّا أَنَّ الشَّرْطَ يَمْنَعُ الْكُلَّ وَالِاسْتِثْنَاءَ الْبَعْضَ، وَقَدَّمَ مَسْأَلَةَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لِمُشَابَهَتِهَا الشَّرْطَ فِي مَنْعِ الْكُلِّ، وَذَكَرَ أَدَاةَ التَّعْلِيقِ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ عَلَى طَرِيقَةٍ لِأَنَّهُ مَنْعٌ لَا إلَى غَايَةٍ وَالشَّرْطُ مَنْعٌ إلَى غَايَةٍ يُحَقِّقُهُ كَمَا يُفِيدُهُ: أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ إنْ دَخَلُوا، وَلِذَا لَمْ يُورِدْهُ فِي بَحْثِ التَّعْلِيقَاتِ، وَلَفْظُ الِاسْتِثْنَاءِ اسْمٌ تَوْقِيفِيٌّ قَالَ تَعَالَى {وَلا يَسْتَثْنُونَ} [القلم: ١٨] أَيْ لَا يَقُولُونَ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
مَطْلَبٌ الِاسْتِثْنَاءُ يَثْبُتُ حُكْمُهُ فِي صِيَغِ الْإِخْبَارِ لَا فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ
وَلِلْمُشَارَكَةِ فِي الِاسْمِ أَيْضًا اتَّجَهَ ذِكْرُهُ فِي فَصْلِ الِاسْتِثْنَاءِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ فِي صِيَغِ الْإِخْبَارِ وَإِنْ كَانَ إنْشَاءَ إيجَابٍ لَا فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ؛ فَلَوْ قَالَ أَعْتِقُوا عَبْدِي مِنْ بَعْدِ مَوْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا يَعْمَلُ الِاسْتِثْنَاءُ فَلَهُمْ عِتْقُهُ؛ وَلَوْ قَالَ بِعْ عَبْدِي هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ كَانَ لِلْمَأْمُورِ بَيْعُهُ. وَعَنْ الْحَلْوَانِيِّ: كُلُّ مَا يَخْتَصُّ بِاللِّسَانِ يُبْطِلُهُ الِاسْتِثْنَاءُ كَالطَّلَاقِ وَالْبَيْعِ، بِخِلَافِ مَا لَا يَخْتَصُّ بِهِ كَالصَّوْمِ لَا يَرْفَعُهُ، لَوْ قَالَ نَوَيْت صَوْمَ غَدٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ أَدَاؤُهُ بِتِلْكَ النِّيَّةِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ؛ وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَوْقِيفِيٌّ أَنَّهُ وَارِدٌ فِي اللُّغَةِ لَا اصْطِلَاحِيٌّ فَقَطْ.
مَطْلَبٌ الِاسْتِثْنَاءُ يُطْلَقُ عَلَى الشَّرْطِ لُغَةً وَاسْتِعْمَالًا
وَفِي حَاشِيَةِ الْبَيْضَاوِيِّ لِلْخَفَاجِيِّ مِنْ سُورَةِ الْكَهْفِ: الِاسْتِثْنَاءُ يُطْلَقُ عَلَى التَّقْيِيدِ بِالشَّرْطِ فِي اللُّغَةِ وَالِاسْتِعْمَالِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ السِّيرَافِيُّ فِي شَرْحِ الْكِتَابِ. قَالَ الرَّاغِبُ: الِاسْتِثْنَاءُ رَفْعُ مَا يُوجِبُهُ عُمُومٌ سَابِقٌ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً} [الأنعام: ١٤٥] أَوْ رَفْعُ مَا يُوجِبُهُ اللَّفْظُ، كَقَوْلِهِ امْرَأَتِي طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ. اهـ. وَفِي الْحَدِيثِ «مَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدْ اسْتَثْنَى» اهـ وَيَأْتِي الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ إبْطَالٌ أَوْ تَعْلِيقٌ (قَوْلُهُ مُتَّصِلًا) احْتِرَازٌ عَنْ الْمُنْفَصِلِ، بِأَنْ وُجِدَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ فَاصِلٌ مِنْ سُكُوتٍ بِلَا ضَرُورَةِ تَنَفُّسٍ وَنَحْوِهِ أَوْ مِنْ كَلَامٍ لَغْوٍ كَمَا يَأْتِي وَقَيَّدَ فِي الْفَتْحِ السُّكُوتَ بِالْكَثِيرِ.