مِنْ الْعِبَادَاتِ (إلَّا الْحَجَّ) لِأَنَّهُ بِالرِّدَّةِ صَارَ كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ، فَإِذَا أَسْلَمَ وَهُوَ غَنِيٌّ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ فَقَطْ.
[مَطْلَبٌ الْمَعْصِيَةُ تَبْقَى بَعْدَ الرِّدَّةِ]
(مُسْلِمٌ أَصَابَ مَالًا أَوْ شَيْئًا يَجِبُ بِهِ الْقِصَاصُ أَوْ حَدُّ السَّرِقَةِ) يَعْنِي الْمَالَ الْمَسْرُوقَ لَا الْحَدَّ خَانِيَّةٌ، وَأَصْلُهُ أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِحَقِّ الْعَبْدِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ (أَوْ الدِّيَةُ ثُمَّ ارْتَدَّ أَوْ أَصَابَهُ وَهُوَ مُرْتَدٌّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ لَحِقَ) وَحَارَبَنَا زَمَانًا (ثُمَّ جَاءَ مُسْلِمًا يُؤَاخَذُ بِهِ كُلِّهِ، وَلَوْ أَصَابَهُ بَعْدَمَا لَحِقَ مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ لَا) يُؤَاخَذُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ لَا يُؤَاخَذُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ بِمَا كَانَ أَصَابَهُ حَالَ كَوْنِهِ مُحَارِبًا لَنَا.
(أَخْبَرَتْ بِارْتِدَادِ زَوْجِهَا فَلَهَا التَّزَوُّجُ بِآخَرَ بَعْدَ الْعِدَّةِ) اسْتِحْسَانًا (كَمَا فِي الْإِخْبَارِ) مِنْ ثِقَةٍ -
ــ
[رد المحتار]
تَنْعَدِمُ فِي الْحَالِ وَإِنَّمَا يَبْقَى اسْتِحْقَاقُ الثَّوَابِ وَقَدْ سَقَطَ وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ. وَقَالَ الْكَعْبِيُّ: نَعَمْ لِأَنَّ الْكَبِيرَةَ لَا تُزِيلُ الطَّاعَةَ وَإِنَّمَا تَمْنَعُ حُكْمَهَا وَهُوَ الْمَدْحُ وَالتَّعْظِيمُ فَلَا تُزِيلُ ثَمَرَتَهَا فَإِذَا صَارَتْ بِالتَّوْبَةِ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ ظَهَرَتْ ثَمَرَةُ الطَّاعَةِ كَنُورِ الشَّمْسِ إذَا زَالَ الْغَيْمُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا يَعُودُ ثَوَابُهُ السَّابِقُ لَكِنْ تَعُودُ طَاعَتُهُ السَّالِفَةُ مُؤَثِّرَةً فِي اسْتِحْقَاقِ ثَمَرَاتِهِ وَهُوَ الْمَدْحُ، وَالثَّوَابُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِمَنْزِلَةِ شَجَرَةٍ احْتَرَقَتْ بِالنَّارِ أَغْصَانُهَا وَثِمَارُهَا ثُمَّ انْطَفَأَتْ النَّارُ فَإِنَّهُ يَعُودُ أَصْلُ الشَّجَرَةِ وَعُرُوقُهَا إلَى خُضْرَتِهَا وَثَمَرَتِهَا اهـ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ أَبِي عَلِيٍّ وَأَبِي هَاشِمٍ وَبَيْنَ الْكَعْبِيِّ عَلَى عَكْسِ مَا مَرَّ وَأَنَّ الْخِلَافَ فِي إحْبَاطِ الْكَبَائِرِ لِلطَّاعَاتِ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةَ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ. وَعِنْدَهُمْ أَنَّ الْكَبِيرَةَ تُخْرِجُ صَاحِبَهَا مِنْ الْإِيمَانِ لَكِنَّهَا لَا تُدْخِلُهُ فِي الْكُفْرِ وَإِنْ كَانَ يُخَلَّدُ فِي النَّارِ، وَيَلْزَمُ مِنْ إخْرَاجِهِ مِنْ الْإِيمَانِ حَبْطُ طَاعَاتِهِ، فَالْكَبِيرَةُ عِنْدَهُمْ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ بِمَنْزِلَةِ الرِّدَّةِ عِنْدَنَا فَيَصِحُّ نَقْلُ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ إلَى الرِّدَّةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إلَّا الْحَجَّ) لِأَنَّ سَبَبَهُ الْبَيْتُ الْمُكَرَّمُ وَهُوَ بَاقٍ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ الَّتِي أَدَّاهَا لِخُرُوجِ سَبَبِهَا: وَلِهَذَا قَالُوا: إذَا صَلَّى الظُّهْرَ مَثَلًا ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ تَابَ فِي الْوَقْتِ يُعِيدُ الظُّهْرَ لِبَقَاءِ السَّبَبِ وَهُوَ الْوَقْتُ، وَلِذَا اُعْتُرِضَ اقْتِصَارُهُ عَلَى ذِكْرِ الْحَجِّ وَتَسْمِيَتِهِ قَضَاءً، بَلْ هُوَ إعَادَةٌ لِعَدَمِ خُرُوجِ السَّبَبِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بِالرِّدَّةِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يَقْضِي وَلِقَوْلِهِ إلَّا الْحَجَّ ط
(قَوْلُهُ أَصَابَ مَالًا) أَيْ أَخَذَ، وَقَوْلُهُ أَوْ شَيْئًا أَيْ فَعَلَ شَيْئًا إلَخْ ط (قَوْلُهُ يَعْنِي الْمَالَ الْمَسْرُوقَ لَا الْحَدَّ) الْأَوْلَى ذِكْرُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُؤَاخَذُ بِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي عِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ وَلَا هُوَ مَحَلُّ إيهَامٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ حَدُّ مَرْفُوعٌ عَطْفًا عَلَى فَاعِلِ يَجِبُ لَا مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى مَفْعُولِ أَصَابَ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلتَّأْوِيلِ (قَوْلُهُ وَأَصْلُهُ) أَيْ الْقَاعِدَةُ فِيمَا ذُكِرَ ط (قَوْلُهُ أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِحَقِّ الْعَبْدِ) أَيْ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِالرِّدَّةِ إلَّا إذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يُقْتَلُ بِهَا كَالْمَرْأَةِ وَنَحْوِهَا إذَا لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَسُبِيَتْ فَصَارَتْ أَمَةً يَسْقُطُ عَنْهَا جَمِيعُ حُقُوقِ الْعِبَادِ إلَّا الْقِصَاصَ فِي النَّفْسِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِيرِيٌّ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ (قَوْلُهُ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ) وَهُوَ أَنَّهُ يَقْضِي مَا تَرَكَ مِنْ عِبَادَةٍ فِي الْإِسْلَامِ كَمَا مَرَّ. وَأَمَّا الْحُدُودُ. فَفِي شَرْحِ السِّيَرِ: لَوْ أَصَابَ الْمُسْلِمُ مَالًا أَوْ مَا يَجِبُ بِهِ الْقِصَاصُ أَوْ حَدُّ الْقَذْفِ ثُمَّ ارْتَدَّ أَوْ أَصَابَهُ وَهُوَ مُرْتَدٌّ ثُمَّ لَحِقَ ثُمَّ تَابَ فَهُوَ مَأْخُوذٌ بِهِ لَا لَوْ أَصَابَهُ بَعْدَ اللَّحَاقِ ثُمَّ أَسْلَمَ. وَمَا أَصَابَهُ الْمُسْلِمُ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى فِي زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ قَطْعِ طَرِيقٍ ثُمَّ ارْتَدَّ أَوْ أَصَابَهُ بَعْدَ الرِّدَّةِ ثُمَّ لَحِقَ ثُمَّ أَسْلَمَ فَهُوَ مَوْضُوعٌ عَنْهُ إلَّا أَنَّهُ يَضْمَنُ الْمَالَ الْمَسْرُوقَ، وَالدَّمَ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ بِالْقِصَاصِ أَوْ الدِّيَةِ لَوْ خَطَأً عَلَى الْعَاقِلَةِ لَوْ قَبْلَ الرِّدَّةِ، وَفِي مَالِهِ لَوْ بَعْدَهَا. وَمَا أَصَابَهُ مِنْ حَدِّ الشُّرْبِ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ اللَّحَاقِ لَا يُؤْخَذُ بِهِ، وَكَذَا لَوْ أَصَابَهُ وَهُوَ مُرْتَدٌّ مَحْبُوسٌ فِي يَدِ الْإِمَامِ ثُمَّ أَسْلَمَ لِأَنَّ الْحُدُودَ زَوَاجِرُ عَنْ أَسْبَابِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِقَادِ الْمُرْتَكِبِ حُرْمَةَ السَّبَبِ، وَيُؤْخَذُ بِمَا سِوَاهُ مِنْ حُدُودِهِ تَعَالَى لِاعْتِقَادِهِ حُرْمَةَ السَّبَبِ وَتَمَكُّنِ الْإِمَامِ مِنْ إقَامَتِهِ لِكَوْنِهِ فِي يَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ حِينَ أَصَابَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ اللَّحَاقِ لَا يُؤْخَذُ بِهِ أَيْضًا اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ أَوْ الدِّيَةُ) أَيْ عَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ أَصَابَ ذَلِكَ قَبْلَ الرِّدَّةِ، وَفِي مَالِهِ إنْ أَصَابَهُ بَعْدَهَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَحَارَبَنَا زَمَانًا) تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ ثُمَّ لَحِقَ وَكَذَا بِدُونِ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى
(قَوْلُهُ أَخْبَرَتْ بِارْتِدَادِ زَوْجِهَا) أَيْ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute