وَلَوْ فِي بَيْتِ الْمَالِ لَا لِأَنَّهُ فَيْءٌ نَهْرٌ (وَإِنْ هَلَكَ) مَالُهُ (أَوْ أَزَالَهُ) الْوَارِثُ (عَنْ مِلْكِهِ لَا) يَأْخُذُهُ وَلَوْ قَائِمًا لِصِحَّةِ الْقَضَاءِ وَلَهُ وَلَاءُ مُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُكَاتَبُهُ لَهُ إنْ لَمْ يُؤَدِّ، وَإِنْ عَجَزَ عَادَ رَقِيقًا لَهُ بَدَائِعُ
(وَيَقْضِي مَا تَرَكَ مِنْ عِبَادَةٍ فِي الْإِسْلَام) لِأَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ مَعْصِيَةٌ وَالْمَعْصِيَةُ تَبْقَى بَعْدَ الرِّدَّةِ (وَمَا أَدَّى مِنْهَا فِيهِ يَبْطُلُ، وَلَا يَقْضِي)
ــ
[رد المحتار]
الْقَضَاءِ بِرَدِّ الْمَالِ عَلَيْهِ نَفَذَ عِتْقُهُ وَلَمْ يَضْمَنْ لِلْمُرْتَدِّ شَيْئًا كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ رُجُوعِ الْمُرْتَدِّ، وَبِهَذَا يُسْتَدَلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ عِتْقُ الْمُرْتَدِّ لِأَنَّ الْعِتْقَ يَسْتَدْعِي حَقِيقَةَ الْمِلْكِ شَرْحُ السِّيَرِ، وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة، وَبِهِ جَزَمَ الزَّيْلَعِيُّ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ فِي بَيْتِ الْمَالِ لَا) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَفِي قَوْلِهِ وَإِرْثُهُ إيمَاءً إلَى أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيمَا وَجَدَهُ مِنْ كَسْبِ رِدَّتِهِ لِأَنَّ أَخْذَهُ لَيْسَ بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ عَنْهُ بَلْ لِأَنَّهُ فَيْءٌ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْحَرْبِيَّ لَا يَسْتَرِدُّ مَالَهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ، وَهَذَا وَإِنْ لَمْ نَرَهُ مَسْطُورًا إلَّا أَنَّ الْقَوَاعِدَ تُؤَيِّدُهُ وَأَصْلُ الْبَحْثِ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَا وُضِعَ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِعَدَمِ الْوَارِثِ لَهُ أَخْذُهُ، فَفِي كَلَامِ الشَّرْحِ إبْهَامٌ كَمَا أَفَادَهُ السَّيِّدُ أَبُو السُّعُودِ (قَوْلُهُ أَوْ أَزَالَهُ الْوَارِثُ عَنْ مِلْكِهِ) سَوَاءٌ كَانَ بِسَبَبٍ يَقْبَلُ الْفَسْخَ كَبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ، أَوْ لَا يَقْبَلُهُ كَعِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ وَاسْتِيلَادٍ فَإِنَّهُ يَمْضِي وَلَا عَوْدَ لَهُ فِيهِ وَلَا يَضْمَنُهُ اهـ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَلَهُ وَلَاءُ مُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ) أَفَادَ أَنَّهُمْ لَا يَعُودُونَ فِي الرِّقِّ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِعِتْقِهِمْ قَدْ صَحَّ وَالْعِتْقُ بَعْدَ نَفَاذِهِ لَا يَقْبَلُ الْبُطْلَانَ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَمُكَاتَبُهُ لَهُ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُؤَدِّ) أَيْ إلَى الْوَرَثَةِ بَدَلَ الْكِتَابَةِ فَيَأْخُذُهَا مِنْ الْمُكَاتَبِ. وَأَمَّا إنْ أَدَّاهُ إلَيْهِمْ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عِتْقٌ بِأَدَاءِ الْمَالِ وَالْعِتْقُ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ، وَيَأْخُذُ مِنْهُمْ الْمَالَ لَوْ قَائِمًا وَإِلَّا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ بَحْرٌ.
مَطْلَبٌ الْمَعْصِيَةُ تَبْقَى بَعْدَ الرِّدَّةِ (قَوْلُهُ وَالْمَعْصِيَةُ تَبْقَى بَعْدَ الرِّدَّةِ) نَقَلَ ذَلِكَ مَعَ التَّعْلِيلِ قَبْلَهُ فِي الْخَانِيَّةِ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ. قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَذَكَرَ التُّمُرْتَاشِيُّ أَنَّهُ يَسْقُطُ عِنْدَ الْعَامَّةِ مَا وَقَعَ حَالَ الرِّدَّةِ وَقَبْلَهَا مِنْ الْمَعَاصِي، وَلَا يَسْقُطُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ اهـ وَتَمَامُهُ فِيهِ. قُلْت: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَسْقُطُ عِنْدَ الْعَامَّةِ بِالتَّوْبَةِ وَالْعَوْدِ إلَى الْإِسْلَامِ لِلْحَدِيثِ «الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ» وَأَمَّا فِي حَالِ الرِّدَّةِ فَيَبْقَى مَا فَعَلَهُ فِيهَا أَوْ قَبْلَهَا إذَا مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ لِأَنَّهُ بِالرِّدَّةِ ازْدَادَ فَوْقَهُ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ فَكَيْفَ تَصْلُحُ مَاحِيَةً لَهُ بَلْ الظَّاهِرُ عَوْدُ مَعَاصِيهِ الَّتِي تَابَ مِنْهَا أَيْضًا لِأَنَّ التَّوْبَةَ طَاعَةٌ وَقَدْ حَبَطَتْ طَاعَاتُهُ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ السِّرَاجِيَّةِ: مَنْ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ كَفَرَ وَمَاتَ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِعُقُوبَةِ الْكُفْرِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَهُوَ قَوْلُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ اهـ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يُؤَيِّدُ قَوْلَ الْعَامَّةِ: وَلَا يُنَافِيهِ وُجُوبُ قَضَاءِ مَا تَرَكَهُ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ صِيَامٍ وَمُطَالَبَتُهُ بِحُقُوقِ الْعِبَادِ لِأَنَّ قَضَاءَ ذَلِكَ كُلِّهِ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَيْسَ هُوَ نَفْسَ الْمَعْصِيَةِ وَإِنَّمَا الْمَعْصِيَةُ إخْرَاجُ الْعِبَادَةِ عَنْ وَقْتِهَا وَجِنَايَتُهُ عَلَى الْعَبْدِ فَإِذَا سَقَطَتْ هَذِهِ الْمَعْصِيَةُ لَا يَلْزَمُ سُقُوطُ الْحَقِّ الثَّابِتِ فِي ذِمَّتِهِ، كَمَا أَجَابَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ بِذَلِكَ عَنْ الْقَوْلِ بِتَكْفِيرِ الْحَجِّ الْمَبْرُورِ الْكَبَائِرَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ وَمَا أَدَّى مِنْهَا فِيهِ يَبْطُلُ) فِي التَّتَارْخَانِيَّة مَعْزِيًّا إلَى التَّتِمَّةِ قِيلَ لَهُ لَوْ تَابَ تَعُودُ حَسَنَاتُهُ؟ قَالَ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُخْتَلِفَةٌ فَعِنْدَ أَبِي عَلِيٍّ وَأَبِي هَاشِمٍ وَأَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَعُودُ. وَعِنْدَ أَبِي الْقَاسِمِ الْكَعْبِيِّ لَا، وَنَحْنُ نَقُولُ إنَّهُ لَا يَعُودُ مَا بَطَلَ مِنْ ثَوَابِهِ لَكِنَّهُ تَعُودُ طَاعَاتُهُ الْمُتَقَدِّمَةُ مُؤَثِّرَةٌ فِي الثَّوَابِ بَعْدُ اهـ بَحْرٌ. مَطْلَبٌ لَوْ تَابَ الْمُرْتَدُّ هَلْ تَعُودُ حَسَنَاتُهُ وَفِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ لِلْمُحَقِّقِ التَّفْتَازَانِيُّ فِي بَحْثِ التَّوْبَةِ: ثُمَّ اخْتَلَفَتْ الْمُعْتَزِلَةُ فِي أَنَّهُ إذَا سَقَطَ اسْتِحْقَاقُ عِقَابِ الْمَعْصِيَةِ بِالتَّوْبَةِ هَلْ يَعُودُ اسْتِحْقَاقُ ثَوَابِ الطَّاعَةِ الَّذِي أَبْطَلَتْهُ تِلْكَ الْمَعْصِيَةُ؟ فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ وَأَبُو هَاشِمٍ: لَا لِأَنَّ الطَّاعَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute