(وَصَحَّ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ عَنْ الْحُقُوقِ الْمَجْهُولَةِ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُ، وَيَصِحُّ عِنْدَنَا لِعَدَمِ إفْضَائِهِ إلَى الْمُنَازَعَةِ (وَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَوْجُودُ وَالْحَادِثُ) بَعْدَ الْعَقْدِ (قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا يُرَدُّ بِعَيْبٍ) وَخَصَّهُ مَالِكٌ وَمُحَمَّدٌ بِالْمَوْجُودِ كَقَوْلِهِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِهِ؛ وَلَوْ قَالَ مِمَّا يَحْدُثُ صَحَّ عِنْدَ الثَّانِي وَفَسَدَ عِنْدَ الثَّالِثِ نَهْرٌ.
ــ
[رد المحتار]
[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ]
ٍ (قَوْلُهُ وَصَحَّ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ) بِأَنْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ عَلَى أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَوَقَعَ فِي الْعَيْنِيِّ لَفْظُ فِيهِ وَهُوَ سَهْوٌ لِمَا يَأْتِي نَهْرٌ. قُلْت: وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِهَذَا اللَّفْظِ، بَلْ مِثْلُهُ كُلُّ مَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ. مَطْلَبٌ بَاعَهُ عَلَى أَنَّهُ كَوْمُ تُرَابٍ أَوْ حِرَاقٌ عَلَى الزِّنَادِ أَوْ حَاضِرٌ حَلَالٌ
وَمِنْهُ مَا تُعُورِفَ فِي زَمَانِنَا فِيمَا إذَا بَاعَ دَارًا مَثَلًا فَيَقُولُ بِعْتُك هَذِهِ الدَّارَ عَلَى أَنَّهَا كَوْمُ تُرَابٍ، وَفِي بَيْعِ الدَّابَّةِ يَقُولُ مُكَسَّرَةٌ مُحَطَّمَةٌ، وَفِي نَحْوِ الثَّوْبِ يَقُولُ حِرَاقٌ عَلَى الزِّنَادِ وَيُرِيدُونَ بِذَلِكَ أَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى جَمِيعِ الْعُيُوبِ فَإِذَا رَضِيَهُ الْمُشْتَرِي لَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَبِلَهُ بِكُلِّ عَيْبٍ يَظْهَرُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ بِعْته عَلَى أَنَّهُ حَاضِرٌ حَلَالٌ وَيُرَادُ بَيْعُ هَذَا الْحَاضِرِ بِمَا فِيهِ أَيُّ عَيْبٍ كَانَ سِوَى عَيْبِ الِاسْتِحْقَاقِ: أَيْ لَوْ ظَهَرَ غَيْرَ حَلَالٍ أَيْ مَسْرُوقًا أَوْ مَغْصُوبًا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي فَهَذَا كُلُّهُ بِمَعْنَى الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، وَنَظِيرُهُ مَا فِي الْبَحْرِ: لَوْ قَبِلَ الثَّوْبَ بِعُيُوبِهِ يَبْرَأُ مِنْ الْحُرُوقِ وَتَدْخُلُ الرُّقَعُ وَالرَّفْوُ. اهـ أَيْ لَوْ كَانَ فِيهِ خَرْقٌ لَا يَرُدُّهُ، وَكَذَا لَوْ وَجَدَهُ مَرْقُوعًا أَوْ مَرْفُوًّا، وَهُوَ مِنْ بَابِ رَفَوْت الثَّوْبَ رَفْوًا مِنْ بَابِ قَتَلَ: أَيْ أَصْلَحْتُهُ ثُمَّ رَأَيْتُ بَعْضَ الْمُحَشِّينَ ذَكَرَ أَنَّ الْعَلَّامَةَ إبْرَاهِيمَ الْبِيرِيَّ سُئِلَ عَمَّنْ بَاعَ أَمَةً وَقَالَ أَبِيعُك الْحَاضِرَ الْمَنْظُورَ يُرِيدُ بِذَلِكَ جَمِيعَ الْعُيُوبِ: فَأَجَابَ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْأَمَةِ الَّتِي أَبْرَأَهُ عَنْ عُيُوبِهَا. اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ) أَيْ لَمْ يَذْكُرْ أَسْمَاءَ الْعُيُوبِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ) حَيْثُ قَالَ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يَعُدَّ الْعُيُوبَ؛ لِأَنَّ فِي الْإِبْرَاءِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ، وَتَمْلِيكُ الْمَجْهُولِ لَا يَصِحُّ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ إفْضَائِهِ إلَى الْمُنَازَعَةِ) الْأَوْلَى لِعَدَمِ إفْضَائِهَا؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ لِلْبَرَاءَةِ: قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَنَا أَنَّ الْإِبْرَاءَ إسْقَاطٌ حَتَّى يَتِمَّ بِلَا قَبُولٍ، كَمَا لَوْ طَلَّقَ نِسْوَتَهُ أَوْ أَعْتَقَ عَبِيدَهُ وَلَا يَدْرِي كَمْ هُمْ وَلَا أَعْيَانَهُمْ وَالْإِسْقَاطُ؛ لِأَنَّهَا جَهَالَةُ السَّاقِطِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ فَلَا يُرَدُّ بِعَيْبٍ) أَيْ مَوْجُودٍ أَوْ حَادِثٍ (قَوْلُهُ بِالْمَوْجُودِ) ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ تَتَنَاوَلَ الثَّابِتَ وَهُوَ الْمَوْجُودُ وَقْتَ الْعَقْدِ فَقَطْ. وَلَهُمَا أَنَّ الْمُلَاحَظَ هُوَ الْمَعْنَى وَالْغَرَضُ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ إلْزَامُ الْعَقْدِ بِإِسْقَاطِ الْمُشْتَرِي حَقَّهُ عَنْ وَصْفِ السَّلَامَةِ لِيَلْزَمَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَلَا يُطَالِبُ الْبَائِعُ بِحَالٍ وَذَلِكَ بِالْبَرَاءَةِ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ يُوجِبُ لِلْمُشْتَرِي الرَّدَّ وَالْحَادِثُ بَعْدَ الْعَقْدِ كَذَلِكَ فَاقْتَضَى الْغَرَضَ وَالْمَعْلُومَ دُخُولُهُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِهِ) فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْحَادِثُ إجْمَاعًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ مِمَّا يَحْدُثُ) أَيْ بَاعَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ وَمَا يَحْدُثُ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ صَحَّ عِنْدَ الثَّانِي إلَخْ) هَذَا عَلَى رِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ، أَمَّا عَلَى رِوَايَةِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَلَا يَصِحُّ بِالْإِجْمَاعِ.
وَأَوْرَدَ عَلَى الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ يَدْخُلُ الْحَادِثُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بِلَا تَنْصِيصٍ فَكَيْفَ يُبْطِلُهُ مَعَ التَّنْصِيصِ وَأَجَبْت يَمْنَعُ الْإِجْمَاعَ لِمَا عَلِمْت مِنْ رِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ، وَلَئِنْ سُلِّمَ فَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَادِثَ يَدْخُلُ تَبَعًا لِتَقْرِيرِ غَرَضِهِمَا وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ لَا يَثْبُتُ مَقْصُودًا وَيَثْبُتُ الْغَنْم أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ: وَنَقَلَ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ أَنَّ الْأَصَحَّ وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ فَاسِدٌ. اهـ، فَهَذَا تَصْحِيحٌ لِرِوَايَةِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، لَكِنِّي لَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute