[مَطْلَبٌ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ]
وَبِلُزُومِ خُلُوِّ الْحَوَانِيتِ فَلَيْسَ لِرَبِّ الْحَانُوتِ إخْرَاجُهُ وَلَا إجَارَتُهَا لِغَيْرِهِ وَلَوْ وَقْفًا انْتَهَى مُلَخَّصًا.
ــ
[رد المحتار]
الطَّرَفَيْنِ وَلَا سِيَّمَا إذَا أَبْقَى السُّلْطَانُ وَالْقَاضِي التَّيْمَارَ أَوْ الْوَظِيفَةَ عَلَى الْفَارِغِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ اجْتِمَاعُ الْعِوَضَيْنِ فِي تَصَرُّفِهِ وَهُوَ خِلَافُ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ فَافْهَمْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
[مَطْلَبٌ فِي خُلُوِّ الْحَوَانِيتِ]
ِ (قَوْلُهُ: وَبِلُزُومِ خُلُوِّ الْحَوَانِيتِ) عِبَارَةُ الْأَشْبَاهِ: أَقُولُ عَلَى اعْتِبَارِهِ أَيْ اعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْخَاصِّ: يَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِأَنَّ مَا يَقَعُ فِي بَعْضِ أَسْوَاقِ الْقَاهِرَةِ مِنْ خُلُوِّ الْحَوَانِيتِ لَازِمٌ، وَيَصِيرُ الْخُلُوُّ فِي الْحَانُوتِ حَقًّا لَهُ فَلَا يَمْلِكُ صَاحِبُ الْحَانُوتِ إخْرَاجَهُ مِنْهَا وَلَا إجَارَتَهَا لِغَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَتْ وَقْفًا وَقَدْ وَقَعَ فِي حَوَانِيتِ الْجَمَلُونِ فِي الْغُورِيَّةِ أَنَّ السُّلْطَانَ الْغُورِيَّ لَمَّا بَنَاهَا أَسْكَنَهَا لِلتُّجَّارِ بِالْخُلُوِّ وَجَعَلَ لِكُلِّ حَانُوتٍ قَدْرًا أَخَذَهُ مِنْهُمْ وَكَتَبَ ذَلِكَ بِمَكْتُوبِ الْوَقْفِ اهـ. وَقَدْ أَعَادَ الشَّارِحُ ذِكْرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قُبَيْلَ كِتَابِ الْكَفَالَةِ، ثُمَّ قَالَ: قُلْتُ: وَأَيَّدَهُ فِي زَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ بِمَا فِي وَاقِعَاتِ الضَّرِيرِيِّ رَجُلٌ فِي يَدِهِ دُكَّانَ فَغَابَ فَرَفَعَ الْمُتَوَلِّي أَمْرَهُ لِلْقَاضِي، فَأَمَرَهُ الْقَاضِي بِفَتْحِهِ وَإِجَارَتِهِ فَفَعَلَ الْمُتَوَلِّي ذَلِكَ وَحَضَرَ الْغَائِبُ فَهُوَ أَوْلَى بِدُكَّانِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ خُلُوٌّ فَهُوَ أَوْلَى بِخُلُوِّهِ أَيْضًا، وَلَهُ الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْإِجَارَةَ وَسَكَنَ فِي دُكَّانِهِ وَإِنْ شَاءَ أَجَازَهَا وَرَجَعَ بِخُلُوِّهِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَيُؤْمَرُ الْمُسْتَأْجِرُ بِأَدَاءِ ذَلِكَ إنْ رَضِيَ بِهِ وَإِلَّا يُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ مِنْ الدُّكَانِ اهـ.
بِلَفْظِهِ. اهـ. لَكِنْ قَالَ: السَّيِّدُ الْحَمَوِيُّ أَقُولُ: مَا نُقِلَ عَنْ وَاقِعَاتِ الضَّرِيرِيِّ مِنْ ذِكْرِ لَفْظَةِ الْخُلُوِّ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا مَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ كَذِبٌ فَإِنَّ الْإِثْبَاتَ مِنْ النَّقَلَةِ كَصَاحِبِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ نَقَلَ عِبَارَةَ الضَّرِيرِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا لَفْظَ الْخُلُوِّ: هَذِهِ وَقَدْ اُشْتُهِرَ نِسْبَةُ مَسْأَلَةِ الْخُلُوِّ إلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ عَنْهُ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى قَالَ: الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ: إنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ التَّعَرُّضُ؛ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنَّمَا فِيهَا فُتْيَا لِلْعَلَّامَةِ نَاصِرِ الدِّينِ اللَّقَانِيِّ الْمَالِكِيِّ بَنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ وَخَرَّجَهَا عَلَيْهِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ فَيُعْتَبَرُ تَخْرِيجُهُ، وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ وَقَدْ انْتَشَرَتْ فُتْيَاهُ فِي الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ وَتَلَقَّاهَا عُلَمَاءُ عَصْرِهِ بِالْقَبُولِ اهـ.
قُلْتُ: وَرَأَيْتُ فِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيِّ عَنْ الْعَلَّامَةِ اللَّقَانِيِّ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ صَاحِبُ الْخُلُوِّ يُوَفَّى مِنْهُ دُيُونُهُ وَيُورَثُ عَنْهُ وَيَنْتَقِلُ لِبَيْتِ الْمَالِ عِنْدَ فَقْدِ الْوَارِثِ. اهـ.
هَذَا، وَقَدْ اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ عَلَى لُزُومِهِ وَصِحَّةِ بَيْعِهِ عِنْدَنَا بِمَا فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ بَاعَ سُكْنَى لَهُ فِي حَانُوتٍ لِغَيْرِهِ فَأَخْبَرَ الْمُشْتَرِيَ أَنَّ أُجْرَةَ الْحَانُوتِ كَذَا فَظَهَرَ أَنَّهَا أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ قَالُوا: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ السُّكْنَى بِهَذَا الْعَيْبِ اهـ. وَلِلْعَلَّامَةِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ رِسَالَةٌ رَدَّ فِيهَا عَلَى هَذَا الْمُسْتَدِلِّ بِأَنَّهُ لَمْ يَفْهَمْ مَعْنَى السُّكْنَى؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا عَيْنٌ مُرَكَّبَةٌ فِي الْحَانُوتِ، وَهِيَ غَيْرُ الْخُلُوِّ. فَفِي الْخُلَاصَةِ اشْتَرَى سُكْنَى حَانُوتٍ فِي حَانُوتِ رَجُلٍ مُرَكَّبًا وَأَخْبَرَهُ الْبَائِعُ أَنَّ أُجْرَةَ الْحَانُوتِ كَذَا فَإِذَا هِيَ أَكْثَرُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَنْ الذَّخِيرَةِ شَرَى سُكْنَى فِي دُكَّانِ وَقْفٍ فَقَالَ: الْمُتَوَلِّي: مَا أَذِنْتُ لَهُ أَيْ لِلْبَائِعِ بِوَضْعِهَا فَأَمَرَهُ أَيْ الْمُشْتَرِي بِالرَّفْعِ، فَلَوْ شَرَاهُ بِشَرْطِ الْقَرَارِ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِثَمَنِهِ وَلَا بِنُقْصَانِهِ. اهـ. ثُمَّ نَقَلَ عَنْ عِدَّةِ كُتُبٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّكْنَى عَيْنٌ قَائِمَةٌ فِي الْحَانُوتِ وَرَدَّ فِيهَا أَيْضًا عَلَى الْأَشْبَاهِ، بِأَنَّ الْخُلُوَّ لَمْ يَقُلْ بِهِ إلَّا مُتَأَخِّرٌ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ، حَتَّى أَفْتَى بِصِحَّةِ وَقْفِهِ وَلَزِمَ مِنْهُ أَنَّ أَوْقَافَ الْمُسْلِمِينَ صَارَتْ لِلْكَافِرِينَ، بِسَبَبِ وَقْفِ خُلُوِّهَا عَلَى كَنَائِسِهِمْ، وَبِأَنَّ عَدَمَ إخْرَاجِ صَاحِبِ الْحَانُوتِ لِصَاحِبِ الْخُلُوِّ يَلْزَمُ مِنْهُ حَجْرُ الْحُرِّ الْمُكَلَّفِ عَنْ مِلْكِهِ وَإِتْلَافُ مَالِهِ مَعَ أَنَّ صَاحِبَ الْخُلُوِّ لَا يُعْطَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute