للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا حَبْسَ فِيهَا حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَانِ مَسْتُورَانِ أَوْ) وَاحِدٌ (وَعَدْلٌ) يَعْرِفُهُ الْقَاضِي بِالْعَدَالَةِ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ لِلتُّهْمَةِ مَشْرُوعٌ وَكَذَا تَعْزِيرُ الْمُتَّهَمِ بَحْرٌ

[فَوَائِدُ] لَا يَلْزَمُ أَحَدًا إحْضَارُ أَحَدٍ فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ إحْضَارُ زَوْجَتِهِ لِسَمَاعِ دَعْوَى عَلَيْهَا إلَّا فِي أَرْبَعٍ: كَفِيلُ نَفْسٍ، وَسَجَّانُ قَاضٍ، وَالْأَبُ فِي صُورَتَيْنِ فِي الْأَشْبَاهِ وَفِي حَاشِيَتِهَا لِابْنِ الْمُصَنِّفِ مَعْزِيًّا لِإِحْكَامَاتِ الْعِمَادِيَّةِ

ــ

[رد المحتار]

مِنْ قَوْلِهِمْ لَا تَصِحُّ بِنَفْسِ حَدٍّ وَقَوَدٍ هُوَ التَّوْفِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى كَفِيلًا بِرِضَاهُ جَازَ، فَإِنَّ ذَاكَ فِي أَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِنَفْسِ الْحَدِّ وَالْقَوَدِ، وَمَا هُنَا مِنْ الْجَوَازِ فِي دَعْوَى الْحَدِّ وَالْقَوَدِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ أَوْ لَا حَيْثُ قَالَ فِي دَعْوَى حَدٍّ وَقَوَدٍ

(قَوْلُهُ: وَلَا حَبْسَ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ.

(قَوْلُهُ: يَعْرِفُهُ الْقَاضِي بِالْعَدَالَةِ) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْدِيلِهِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَبْسَ لِلتُّهْمَةِ مَشْرُوعٌ) أَيْ وَالتُّهْمَةُ تَثْبُتُ بِأَحَدِ شَطْرَيْ الشَّهَادَةِ الْعَدَدِ أَوْ الْعَدَالَةِ، فَتْحٌ. وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا قَدْ يُقَالُ الْحَبْسُ أَقْوَى مِنْ الْكَفَالَةِ فَإِذَا لَمْ يُؤَاخَذْ بِالْأَدْنَى كَيْفَ يُؤَاخَذُ بِالْأَقْوَى فَأَجَابَ بِأَنَّ الْحَبْسَ لِلتُّهْمَةِ لَا لِلْحَدِّ أَفَادَهُ السَّائِحَانِيُّ.

مَطْلَبٌ فِي تَعْزِيرِ الْمُتَّهَمِ

(قَوْلُهُ: وَكَذَا تَعْزِيرُ الْمُتَّهَمِ) أَيْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِلَّا فَهِيَ أَيْضًا مِنْ تَعْزِيرِ الْمُتَّهَمِ فَإِنَّ الْحَبْسَ مِنْ أَنْوَاعِ التَّعْزِيرِ: وَعِبَارَةُ الْبَحْرِ: وَكَلَامُهُمْ هُنَا يَدُلُّ ظَاهِرًا عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يُعَزِّرُ الْمُتَّهَمَ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ.

وَقَدْ كَتَبْت فِيهَا رِسَالَةً.

وَحَاصِلُهَا أَنَّ مَا كَانَ مِنْ التَّعْزِيرِ مِنْ حُقُوقِهِ تَعَالَى لَا يُتَوَقَّفُ عَلَى الدَّعْوَى وَلَا عَلَى الثُّبُوتِ، بَلْ إذَا أَخْبَرَ الْقَاضِيَ عَدْلٌ بِذَلِكَ عَزَّرَهُ لِتَصْرِيحِهِمْ هُنَا بِحَبْسِ الْمُتَّهَمِ بِشَهَادَةِ مَسْتُورَيْنِ أَوْ عَدْلٍ وَالْحَبْسُ تَعْزِيرٌ اهـ مُلَخَّصًا.

وَحَاصِلُهُ جَوَازُ تَعْزِيرِ الْمُتَّهَمِ فِيمَا هُوَ مِنْ حُقُوقِهِ تَعَالَى، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْكَافِي مِنْ جَوَازِ حَبْسِهِ إذَا أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى السَّرِقَةِ حَتَّى تُزَكَّى الشُّهُودُ، بِخِلَافِ مَا إذَا أُقِيمَتْ عَلَى شَتْمِهِ فَإِنَّهُ يَكْفُلُ وَلَا يُحْبَسُ إلَّا بَعْدَ تَزْكِيَتِهِمْ فَحِينَئِذٍ يُضْرَبُ أَوْ يُحْبَسُ.

[تَنْبِيهٌ] أَوْرَدَ فِي النَّهْرِ أَنَّ تَعْزِيرَ الْقَاضِي الْمُتَّهَمَ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِعِلْمِهِ. ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا كَانَ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ، أَمَّا فِي حُقُوقِهِ تَعَالَى فَيُقْضَى فِيهَا بِعِلْمِهِ اتِّفَاقًا.

ثُمَّ قَالَ: فَمَا يَكْتُبُ مِنْ الْمَحَاضِرِ فِي حَقِّ إنْسَانٍ فَإِنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَعْتَمِدَهُ مِنْ الْعُدُولِ وَيَعْمَلَ بِمُوجِبِهِ فِي حُقُوقِهِ تَعَالَى، اهـ مُلَخَّصًا.

قُلْت: وَهَذَا خَاصٌّ بِالتَّعْزِيرِ؛ لِأَنَّ قَضَاءَهُ بِعِلْمِهِ فِي الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ لَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ قُبَيْلَ بَابِ التَّحْكِيمِ، وَكَذَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ بِلَا حِكَايَةِ خِلَافٍ، فَمَا أَجَابَ بِهِ فِي النَّهْرِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي.

[فَوَائِدُ لَا يَلْزَمُ أَحَدًا إحْضَارُ أَحَدٍ]

مَطْلَبُ لَا يَلْزَمُ أَحَدًا إحْضَارُ أَحَدٍ إلَّا فِي أَرْبَعٍ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي أَرْبَعٍ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ لَا يَلْزَمُ أَحَدًا.

(قَوْلُهُ: كَفِيلُ نَفْسٍ) أَيْ عِنْدَ الْقُدْرَةِ أَشْبَاهٌ.

(قَوْلُهُ: وَسَجَّانُ قَاضٍ) أَيْ إذَا خَلَّى رَجُلًا مِنْ الْمَسْجُونِينَ حَبَسَهُ الْقَاضِي بِدَيْنٍ عَلَيْهِ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يَطْلُبَ السَّجَّانَ بِإِحْضَارِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ أَشْبَاهٌ، وَقَيَّدَ بِإِحْضَارِهِ إذْ لَا يَلْزَمُهُ الدَّيْنُ لِعَدَمِ مُوجِبِهِ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَبُ فِي صُورَتَيْنِ) الْأُولَى الْأَبُ إذَا أَمَرَ أَجْنَبِيًّا بِضَمَانِ ابْنِهِ فَطَلَبَهُ الضَّامِنُ مِنْهُ، الثَّانِيَةُ ادَّعَى الْأَبُ مَهْرَ ابْنَتِهِ مِنْ الزَّوْجِ فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ دَخَلَ بِهَا وَطَلَبَ مِنْ الْأَبِ إحْضَارَهَا فَإِنْ كَانَتْ تَخْرُجُ فِي حَوَائِجِهَا أَمَرَ الْقَاضِي الْأَبَ بِإِحْضَارِهَا، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ عَلَيْهَا شَيْئًا آخَرَ وَإِلَّا أَرْسَلَ إِلَيْهَا أَمِينًا مِنْ أُمَنَائِهِ ذَكَرَهُ الْوَلْوَالَجِيُّ أَشْبَاهٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>