صَارَ تَبَعًا لَهُمْ فَسَقَطَتْ عِصْمَتُهُ الْمُقَوِّمَةُ لَا الْمُؤَثِّمَةُ، فَلِذَا يُكَفِّرُ فِي الْخَطَأِ (كَقَتْلِ مُسْلِمٍ) أَسِيرًا أَوْ (مَنْ أَسْلَمَ ثَمَّةَ) وَلَوْ وَرَثَتُهُ مُسْلِمُونَ ثَمَّةَ فَيُكَفِّرُ فِي الْخَطَإِ فَقَطْ لِعَدَمِ الْإِحْرَازِ بِدَارِنَا.
فَصْلٌ فِي اسْتِئْمَانِ الْكَافِرِ لَا يُمَكَّنُ حَرْبِيٌّ مُسْتَأْمَنٌ فِينَا سَنَةً لِئَلَّا يَصِيرَ عَيْنًا لَهُمْ وَعَوْنًا عَلَيْنَا (وَقِيلَ لَهُ) مِنْ قِبَلِ الْإِمَامِ (إنْ أَقْمَتْ سَنَةً) قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ لِجَوَازِ تَوْقِيتِ مَا دُونَهُ كَشَهْرٍ وَشَهْرَيْنِ دُرَرٌ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْحَقَهُ ضَرَرٌ بِتَقْصِيرِ الْمُدَّةِ جِدًّا فَتْحٌ (وَضَعْنَا عَلَيْك الْجِزْيَةَ فَإِنْ مَكَثَ سَنَةً) بَعْدَ قَوْلِهِ (فَهُوَ ذِمِّيٌّ) ظَاهِرُ الْمُتُونِ أَنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ لَهُ ذَلِكَ شَرْطٌ لِكَوْنِهِ ذِمِّيًّا، فَلَوْ أَقَامَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ قَبْلَ الْقَوْلِ فَلَيْسَ بِذِمِّيٍّ وَبِهِ صَرَّحَ الْعَتَّابِيُّ وَقِيلَ نَعَمْ وَبِهِ جَزَمَ فِي الدُّرِّ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ
ــ
[رد المحتار]
وَذَلِكَ أَنَّ الْأَسِيرَ صَارَ تَبَعًا لَهُمْ بِالْقَهْرِ حَتَّى صَارَ مُقِيمًا بِإِقَامَتِهِمْ وَمُسَافِرًا بِسَفَرِهِمْ كَعَبِيدِ الْمُسْلِمِينَ فَإِذَا كَانَ تَبَعًا لَهُمْ فَلَا يَجِبُ بِقَتْلِهِ دِيَةٌ كَأَصْلِهِ وَهُوَ الْحَرْبِيُّ فَصَارَ كَالْمُسْلِمِ الَّذِي لَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ كَقَتْلِ مُسْلِمٍ مَنْ أَسْلَمَ ثَمَّةَ: أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ بِقَتْلِهِ إلَّا الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَإِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ لِعَدَمِ الْإِحْرَازِ بِالدَّارِ فَكَذَا هَذَا لِبُطْلَانِ الْإِحْرَازِ الَّذِي كَانَ فِي دَارِنَا بِالتَّبَعِيَّةِ لَهُمْ فِي دَارِهِمْ وَأَمَّا الْمُسْتَأْمِنُ فَغَيْرُ مَقْهُورٍ لِإِمْكَانِ خُرُوجِهِ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا يَكُونُ تَبَعًا لَهُمْ وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ فَسَقَطَتْ عِصْمَتُهُ الْمُقَوِّمَةُ) هِيَ مَا تُوجِبُ الْمَالَ أَوْ الْقِصَاصَ عِنْدَ التَّعَرُّضِ وَالْمُؤَثِّمَةُ مَا تُوجِبُ الْإِثْمَ، وَالْأُولَى تَثْبُتُ بِالْإِحْرَازِ بِالدَّارِ كَعِصْمَةِ الْمَالِ لَا بِالْإِسْلَامِ عِنْدَنَا، فَإِنَّ الذِّمِّيَّ مَعَ كُفْرِهِ يَتَقَوَّمُ بِالْإِحْرَازِ وَالثَّانِيَةُ بِكَوْنِهِ آدَمِيًّا لِأَنَّهُ خُلِقَ لِإِقَامَةِ الدِّينِ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِعِصْمَةِ نَفْسِهِ بِأَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لَهُ أَحَدٌ وَلَا يُبَاحُ قَتْلُهُ إلَّا بِعَارِضٍ أَفَادَهُ الزَّيْلَعِيُّ (قَوْلُهُ كَقَتْلِ مُسْلِمٍ أَسِيرًا) أَفَادَ أَنَّ تَصْوِيرَ الْمَسْأَلَةِ بِالْأَسِيرَيْنِ غَيْرُ قَيْدٍ بَلْ الْمُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمَقْتُولِ أَسِيرًا لِأَنَّ الْمَنَاطَ كَوْنُ الْمَقْتُولِ صَارَ تَبَعًا لَهُمْ بِالْقَهْرِ كَمَا عَلِمْت سَوَاءٌ كَانَ الْقَاتِلُ مِثْلَهُ أَوْ مُسْتَأْمَنًا فَلَوْ كَانَ بِالْعَكْسِ بِأَنْ قَتَلَ الْأَسِيرُ مُسْتَأْمَنًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَقَتْلِ أَحَدِ الْمُسْتَأْمَنِينَ صَاحِبَهُ كَمَا بَحَثَهُ ح (قَوْلُهُ وَلَوْ وَرَثَتُهُ مُسْلِمُونَ ثَمَّةَ) كَذَا فِي غَالِبِ النُّسَخِ، وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ مُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ خَبَرُ كَانَ الْمُقَدَّرَةِ بَعْدَ لَوْ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مُسْلِمُونَ فَهُوَ صِفَةٌ لِوَرَثَتِهِ وَخَبَرُ كَانَ قَوْلُهُ ثَمَّةَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. .
[فَصْلٌ فِي اسْتِئْمَانِ الْكَافِرِ]
(قَوْلُهُ وَلَا يُمَكَّنُ حَرْبِيٌّ مُسْتَأْمَنٌ إلَخْ) قَيَّدَ بِالْمُسْتَأْمَنِ لِأَنَّهُ لَوْ دَخَلَ دَارَنَا بِلَا أَمَانٍ كَانَ وَمَا مَعَهُ فَيْئًا وَلَوْ قَالَ دَخَلْت بِأَمَانٍ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ، وَلَوْ قَالَ: أَنَا رَسُولُ الْمَلِكِ، فَلَوْ مَعَهُ كِتَابٌ بِعَلَامَةٍ تُعْرَفُ كَانَ آمِنًا وَلَوْ دَخَلَ الْحَرَمَ فَهُوَ فَيْءٌ عِنْدَهُ وَقَالَا: لَا يُؤْخَذُ، وَلَكِنْ لَا يُطْعَمُ وَلَا يُسْقَى وَلَا يُؤْذَى وَلَا يُخْرَجُ وَلَوْ قَالَ مُسْلِمٌ: أَنَا أَمَّنْتُهُ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ رَجُلَانِ غَيْرُهُ، وَسَوَاءٌ أُخِذَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوْ بَعْدَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَا: إنْ أَسْلَمَ فَهُوَ حُرٌّ وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ الْآخِذُ عِنْدَهُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِمَا إنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ. اهـ.
مُلَخَّصًا مِنْ الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ. وَقَدَّمْنَا بَعْضَهُ قَبْلَ بَابِ الْمَغْنَمِ قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَيُؤْخَذُ - مِمَّا ذُكِرَ جَوَابُ حَادِثَةِ الْفَتْوَى: وَهُوَ أَنَّهُ يَخْرُجُ كَثِيرًا مِنْ سُفُنِ أَهْلِ الْحَرْبِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ لِلِاسْتِقَاءِ مِنْ الْأَنْهُرِ الَّتِي بِالسَّوَاحِلِ الْإِسْلَامِيَّةِ، فَيَقَعُ فِيهِمْ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ فَيَأْخُذُهُمْ اهـ أَيْ فَيَكُونُ فَيْئًا لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ الْإِمَامِ وَفِي كَوْنِهِ يُخَمَّسُ عَنْهُ رِوَايَتَانِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَبْلَ الْمَغْنَمِ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَصِيرَ عَيْنًا لَهُمْ إلَخْ) الْعَيْنُ هُوَ الْجَاسُوسُ وَالْعَوْنُ الظَّهِيرُ عَلَى الْأَمْرِ، وَالْجَمْعُ أَعْوَانٌ عِنَايَةٌ قَالَ الرَّمْلِيُّ: هَذِهِ الْعِلَّةُ تُنَادِي بِحُرْمَةِ تَمْكِينِهِ سَنَةً بِلَا شَرْطِ وَضْعِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ إنْ هُوَ أَقَامَهَا تَأَمَّلْ. اهـ. (قَوْلُهُ مِنْ قِبَلِ الْإِمَامِ) أَيْ أَوْ نَائِبِهِ ط (قَوْلُهُ قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَقَلِّ لَا لِلْأَكْثَرِ فَلَا يَجُوزُ تَحْدِيدًا أَكْثَرُ مِنْ سَنَةٍ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ السَّابِقِ لَا يُمَكَّنُ إلَخْ ط (قَوْلُهُ وَقِيلَ نَعَمْ) أَيْ يَكُونُ ذِمِّيًّا وَالْأَوْلَى إبْدَالُ نَعَمْ بِلَا أَيْ لَا يَكُونُ شَرْطًا (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الدُّرَرِ) أَيْ نَقْلًا عَنْ النِّهَايَةِ عَنْ الْمَبْسُوطِ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمَبْسُوطِ: يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَيْهِ فَيَأْمُرَهُ إلَى أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute