للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ فِيهِمَا وَتَأْجِيلِ الدُّيُونِ

(صَحَّ بَيْعُ عَقَارٍ لَا يُخْشَى هَلَاكُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ) مِنْ بَائِعِهِ لِعَدَمِ الْغَرَرِ لِنُدْرَةِ هَلَاكِ الْعَقَارِ، حَتَّى لَوْ كَانَ عُلْوًا أَوْ عَلَى شَطِّ نَهْرٍ وَنَحْوِهِ كَانَ كَمَنْقُولٍ فَ (لَا) يَصِحُّ اتِّفَاقًا كَكِتَابَةٍ وَإِجَارَةٍ وَ (بَيْعِ مَنْقُولٍ) قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَوْ مِنْ بَائِعِهِ كَمَا سَيَجِيءُ (بِخِلَافِ) عِتْقِهِ وَتَدْبِيرِهِ وَ (هِبَتِهِ وَالتَّصَدُّقِ بِهِ وَإِقْرَاضِهِ) وَرَهْنِهِ وَإِعَارَتِهِ

ــ

[رد المحتار]

[فَصْلٌ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ فِيهِمَا وَتَأْجِيلِ الدُّيُونِ]

فَصْلٌ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ إلَخْ أَوْرَدَهَا فِي فَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْمُرَابَحَةِ غَيْرَ أَنَّ صِحَّتَهَا لَمَّا تَوَقَّفَتْ عَلَى الْقَبْضِ كَانَ لَهَا ارْتِبَاطٌ بِالتَّصَرُّفِ بِالْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْبَاقِي اسْتِطْرَادٌ نَهْرٌ. (قَوْلُهُ: صَحَّ بَيْعُ عَقَارٍ إلَخْ) أَيْ عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَجُوزُ وَعَبَّرَ بِالصِّحَّةِ دُونَ النَّفَاذِ وَاللُّزُومِ؛ لِأَنَّهُمَا مَوْقُوفَانِ عَلَى نَقْدِ الثَّمَنِ أَوْ رِضَا الْبَائِعِ، وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ إبْطَالُهُ أَيْ إبْطَالُ بَيْعِ الْمُشْتَرِي، وَكَذَا كُلُّ تَصَرُّفٍ يَقْبَلُ النَّقْضَ إذَا فَعَلَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ بَعْدَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ فَلِلْبَائِعِ إبْطَالُهُ بِخِلَافِ مَا لَا يَقْبَلُ النَّقْضَ كَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ بَحْرٌ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ، الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِالضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الْقَبْضِ أَيْ بَعْدَ الْقَبْضِ الْوَاقِعِ، بِلَا إذْنِهِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْمَبِيعِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ بِلَا إذْنِ الْبَائِعِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ؛ لِأَنَّ لَهُ اسْتِرْدَادَهُ وَحَبْسَهُ إلَى قَبْضِ الثَّمَنِ، وَقَيَّدَ بِالْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى عَقَارًا فَوَهَبَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ يَجُوزُ عِنْدَ الْكُلِّ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: أَيْ لِحُصُولِ الْقَبْضِ بِقَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَمَا يَأْتِي وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: مِنْ بَائِعِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَبْضٍ لَا بِبَيْعٍ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ مِنْ بَائِعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَاسِدٌ كَمَا فِي الْمَنْقُولِ وَيُرَاجَعُ ط. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْغَرَرِ) أَيْ غَرَرِ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ عَلَى تَقْدِيرِ الْهَلَاكِ، وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ لِنُدْرَةِ هَلَاكِ الْعَقَارِ ط. (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ كَانَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ لَا يُخْشَى هَلَاكُهُ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) بِأَنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُؤْمَنُ أَنْ تَغْلِبَ عَلَيْهِ الرِّمَالُ ح عَنْ النَّهْرِ وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ. (قَوْلُهُ: كَانَ كَمَنْقُولٍ) أَيْ بِمَنْزِلَتِهِ مِنْ حَيْثُ لُحُوقُ الْغَرَرِ بِهَلَاكِهِ. (قَوْلُهُ: كَكِتَابَةٍ) قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ وَفِي الْكِتَابَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ مُبَادَلَةٍ كَالْبَيْعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: تَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا أَوْسَعُ مِنْ الْبَيْعِ جَوَازًا اهـ، لَكِنْ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَلَوْ كَاتَبَ الْعَبْدَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ تَوَقَّفَتْ كِتَابَتُهُ، وَكَانَ لِلْبَائِعِ حَبْسُهُ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مُحْتَمِلَةٌ لِلْفَسْخِ، فَلَمْ تَنْفُذْ فِي حَقِّ الْبَائِعِ نَظَرًا لَهُ وَإِنْ نَقَدَ الثَّمَنَ نَفَذَتْ لِزَوَالِ الْمَانِعِ اهـ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا خُصُوصِيَّهُ لَهَا بَلْ كُلُّ عَقْدٍ يَقْبَلُ النَّقْضَ فَهُوَ مَوْقُوفٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ اهـ.

وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَصِحُّ لَكِنَّهَا تَتَوَقَّفُ فَلَا يُنَاسِبُ قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا كَمَا أَفَادَهُ ح فَكَانَ الْمُنَاسِبُ إسْقَاطَهَا. (قَوْلُهُ: وَإِجَارَةٍ) أَيْ إجَارَةِ الْعَقَارِ فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ اتِّفَاقًا وَقِيلَ عَلَى الْخِلَافِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ الْمَنَافِعُ، وَهَلَاكُهَا غَيْرُ نَادِرٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْكَافِي فَتْحٌ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: وَبَيْعِ مَنْقُولٍ) مَجْرُورٌ بِالْعَطْفِ عَلَى كِتَابَةٍ وَهُوَ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مَرْفُوعٌ وَالْأَوْلَى فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ: حَتَّى لَوْ كَانَ عُلْوًا أَوْ عَلَى شَطِّ نَهْرٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ آجَرَهُ كَانَ كَمَنْقُولٍ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَنْقُولٍ إلَخْ.

وَفِي الْبَحْرِ: وَدَخَلَ فِي الْبَيْعِ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّهَا بَيْعُ الْمَنَافِعِ أَيْ وَهِيَ فِي حُكْمِ الْمَنْقُولِ وَالصُّلْحِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ اهـ. أَيْ الصُّلْحُ عَنْ الدَّيْنِ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَتَعْبِيرُ النَّهْرِ بِالْخُلْعِ سَبْقُ قَلَمٍ ثُمَّ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَرَادَ بِالْمَنْقُولِ الْمَبِيعَ الْمَنْقُولَ فَجَازَ بَيْعُ غَيْرِهِ كَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ وَبَدَلِ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ بَائِعِهِ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَبَيْعِ مَنْقُولٍ ط. (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَجِيءُ) أَيْ قَرِيبًا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بَاعَهُ مِنْهُ قَبْلَهُ لَمْ يَصِحَّ ط. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ عِتْقِهِ وَتَدْبِيرِهِ) يُوهِمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>