للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الْآبِقِ مُنَاسَبَتُهُ عَرْضِيَّةُ التَّلَفِ وَالزَّوَالِ: وَالْإِبَاقُ: انْطِلَاقُ الرَّقِيقِ تَمَرُّدًا، كَذَا عَرَّفَهُ ابْنُ الْكَمَالِ لِيَدْخُلَ الْهَارِبُ مِنْ مُؤَجِّرِهِ وَمُسْتَعِيرِهِ وَمُودِعِهِ وَوَصِيِّهِ.

ــ

[رد المحتار]

الِانْتِفَاعُ بِهِ بِدُونِ هَذَا التَّكَلُّفِ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْأَجْوَدِ وَتَرْكَ الْأَدْوَنِ دَلِيلُ الرِّضَا بِالِانْتِفَاعِ بِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلُّقَطَةِ مِنْ جِهَةِ جَوَازِ التَّصَدُّقِ قَبْلَ التَّعْرِيفِ وَكَأَنَّهُ لِلضَّرُورَةِ اهـ مُلَخَّصًا.

قُلْت: مَا ذَكَرَ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْأَدْوَنِ وَغَيْرِهِ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الْمُكَعَّبِ الْمَسْرُوقِ، وَعَلَيْهِ لَا يُحْتَاجُ إلَى تَعْرِيفٍ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَدْوَنِ مُعْرِضٌ عَنْهُ قَصْدًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الدَّابَّةِ الْمَهْزُولَةِ الَّتِي تَرَكَهَا صَاحِبُهَا عَمْدًا بَلْ بِمَنْزِلَةِ إلْقَاءِ النَّوَى وَقُشُورِ الرُّمَّانِ. أَمَّا لَوْ أَخَذَ مُكَعَّبَ غَيْرِهِ وَتَرَكَ مُكَعَّبَهُ غَلَطًا لِظُلْمَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِالْقَرَائِنِ فَهُوَ فِي حُكْمِ اللُّقَطَةِ لَا بُدَّ مِنْ السُّؤَالِ عَنْ صَاحِبِهِ بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ أَجْوَدَ وَأَدْوَنَ، وَكَذَا لَوْ اشْتَبَهَ كَوْنُهُ غَلَطًا أَوْ عَمْدًا لِعَدَمِ دَلِيلِ الْإِعْرَاضِ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْهُ.

[فَائِدَةٌ] ذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ عَنْ بَعْضِ الصُّوفِيَّةِ قَدَّسَ اللَّهُ تَعَالَى أَسْرَارَهُمْ مَا نَصُّهُ: إذَا ضَاعَ مِنْك شَيْءٌ فَقُلْ: يَا جَامِعَ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ، اجْمَعْ بَيْنِي وَبَيْنَ كَذَا وَيُسَمِّيهِ بِاسْمِهِ فَإِنَّهُ مُجَرَّبٌ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَقَدْ جَرَّبْته فَوَجَدْته نَافِعًا لِوُجُودِ الضَّالَّةِ عَنْ قُرْبٍ غَالِبًا. وَنَقَلَ عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ مِثْلَ ذَلِكَ. اهـ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[كِتَابُ الْآبِقِ]

ِ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَبَقَ كَضَرَبَ وَسَمِعَ وَمَنَعَ قَامُوسٌ، وَالْأَكْثَرُ الْأَوَّلُ مِصْبَاحٌ، وَمَصْدَرُهُ أَبْقٌ وَيُحَرَّكُ وَإِبَاقٌ كَكِتَابٍ وَجَمْعُهُ كَكُفَّارٍ وَرُكَّعٍ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: مُنَاسَبَتُهُ) أَيْ مُنَاسَبَةُ الْآبِقِ لِلَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ، عَرَضِيَّةُ التَّلَفِ: أَيْ الْهَلَاكِ وَالزَّوَالِ أَيْ زَوَالُ يَدِ الْمَالِكِ: أَيْ تَوَقُّعُ عُرُوضِ الْأَمْرَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِي الثَّلَاثَةِ، وَهُوَ وَجْهٌ ذَكَرَهَا عَقِبَ الْجِهَادِ، فَإِنَّ الْأَنْفُسَ وَالْأَمْوَالَ فِيهِ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ كَمَا مَرَّ. وَاعْتَرَضَ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ عَرَضِيَّةَ ذَلِكَ فِي الْآبِقِ بِفِعْلِ فَاعِلٍ مُخْتَارٍ، فَالْأَوْلَى ذِكْرُهُ عَقِبَ الْجِهَادِ. وَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ خَوْفَ التَّلَفِ مِنْ حَيْثُ الذَّاتُ فِي اللَّقِيطِ أَكْثَرُ مِنْ اللُّقَطَةِ فَذُكِرَا عَقِبَهُ، وَأَمَّا التَّلَفُ فِي الْآبِقِ فَمِنْ حَيْثُ الِانْتِفَاعُ لِلْمَوْلَى لَا مِنْ حَيْثُ الذَّاتُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعُدْ إلَى مَوْلَاهُ لَا يَمُوتُ، بِخِلَافِ اللَّقِيطِ فَإِنَّهُ لِصِغَرِهِ إنْ لَمْ يُرْفَعْ يَمُوتُ فَالْأَنْسَبُ تَرْتِيبُ الْمَشَايِخِ (قَوْلُهُ: وَالْإِبَاقُ انْطِلَاقُ الرَّقِيقِ تَمَرُّدًا) وَهُوَ فِي اللُّغَةِ الْهَرَبُ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ. وَالتَّمَرُّدُ: الْخُرُوجُ عَنْ الطَّاعَةِ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الضَّالِّ: وَهُوَ الْمَمْلُوكُ الَّذِي ضَلَّ عَنْ الطَّرِيقِ إلَى مَنْزِلِ سَيِّدِهِ بِلَا قَصْدٍ (قَوْلُهُ: مِنْ مُؤَجَّرِهِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ. اهـ. ح أَيْ مُسْتَأْجِرِهِ، وَلَوْ عَبَّرَ لَكَانَ أَوْلَى ط (قَوْلُهُ: وَمُودَعِهِ) بِفَتْحِ الدَّالِ. اهـ. ح.

(قَوْلُهُ: وَوَصِيِّهِ) أَيْ الْوَصِيِّ عَلَيْهِ بِأَنْ مَاتَ سَيِّدُهُ عَنْ أَوْلَادٍ صِغَارٍ وَأَقَامَ هُوَ أَوْ الْقَاضِي عَلَيْهِمْ وَصِيًّا، فَإِنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ دَاخِلًا تَحْتَ وِصَايَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>