للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ]

(وَيُعَادُ الْمُنْهَدِمُ) أَيْ لَا مَا هَدَمَهُ الْإِمَامُ، بَلْ مَا انْهَدَمَ أَشْبَاهُ فِي آخِرِ الدُّعَاءِ بِرَفْعِ الطَّاعُونِ

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: الْكَلَامُ فِي الْإِحْدَاثِ مَعَ أَنَّ أَرْضَ الْعَرَبِ لَا تُقَرُّ فِيهَا كَنِيسَةٌ وَلَوْ قَدِيمَةً فَضْلًا عَنْ إحْدَاثِهَا لِأَنَّهُمْ لَا يُمَكَّنُونَ مِنْ السُّكْنَى بِهَا لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ كَمَا يَأْتِي وَقَدْ بَسَطَهُ فِي الْفَتْحِ وَشَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ وَتَقَدَّمَ تَحْدِيدُ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ أَوَّلَ الْبَابِ الْمَارِّ. مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ أَنَّ الْأَمْصَارَ ثَلَاثَةٌ وَبَيَانُ إحْدَاثِ الْكَنَائِسِ فِيهَا [تَنْبِيهٌ]

فِي الْفَتْحِ: قِيلَ الْأَمْصَارُ ثَلَاثَةٌ مَا مَصَّرَهُ الْمُسْلِمُونَ، كَالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَغْدَادَ وَوَاسِطٍ، وَلَا يَجُوزُ فِيهِ إحْدَاثُ ذَلِكَ إجْمَاعًا وَمَا فَتَحَهُ الْمُسْلِمُونَ عَنْوَةً فَهُوَ كَذَلِكَ، وَمَا فَتَحُوهُ صُلْحًا فَإِنْ وَقَعَ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ جَازَ الْإِحْدَاثُ وَإِلَّا فَلَا إلَّا إذَا شَرَطُوا الْإِحْدَاثَ اهـ مُلَخَّصًا وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْدِثُوا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَقَعْ الصُّلْحُ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ أَوْ عَلَى الْإِحْدَاثِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا اسْتِثْنَاءَ فِيهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ. قُلْت: لَكِنْ إذَا صَالَحَهُمْ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ فَلَهُمْ الْإِحْدَاثُ إلَّا إذَا صَارَ مِصْرًا لِلْمُسْلِمِينَ بَعْدُ فَإِنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ الْإِحْدَاثِ بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ لَوْ تَحَوَّلَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ ذَلِكَ الْمِصْرِ إلَّا نَفَرًا يَسِيرًا فَلَهُمْ الْإِحْدَاثُ أَيْضًا، فَلَوْ رَجَعَ الْمُسْلِمُونَ إلَيْهِ لَمْ يَهْدِمُوا مَا أُحْدِثَ قَبْلَ عَوْدِهِمْ كَمَا فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَمَا فُتِحَ عَنْوَةً فَهُوَ كَذَلِكَ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ أَيْضًا بَلْ هُوَ فِيمَا قُسِمَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ أَوْ صَارَ مِصْرًا لِلْمُسْلِمِينَ، فَقَدْ صَرَّحَ فِي شَرْحِ السِّيَرِ بِأَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ عَلَى أَرْضِهِمْ وَجَعَلَهُمْ ذِمَّةً لَا يُمْنَعُونَ مِنْ إحْدَاثِ كَنِيسَةٍ لِأَنَّ الْمَنْعَ مُخْتَصٌّ بِأَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي تُقَامُ فِيهَا الْجُمَعُ وَالْحُدُودِ، فَلَوْ صَارَتْ مِصْرًا لِلْمُسْلِمِينَ مُنِعُوا مِنْ الْإِحْدَاثِ، وَلَا تُتْرَكُ لَهُمْ الْكَنَائِسُ الْقَدِيمَةُ أَيْضًا كَمَا لَوْ قَسَّمَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ لَكِنْ لَا تُهْدَمُ، بَلْ يَجْعَلُهَا مَسَاكِنَ لَهُمْ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُمْ، بِخِلَافِ مَا صَالَحَهُمْ عَلَيْهَا قَبْلَ الظُّهُورِ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّهُ يَتْرُكُ لَهُمْ الْقَدِيمَةَ وَيَمْنَعُهُمْ مِنْ الْإِحْدَاثِ بَعْدَمَا صَارَتْ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ اهـ مُلَخَّصًا. مَطْلَبٌ لَوْ اخْتَلَفْنَا مَعَهُمْ فِي أَنَّهَا صُلْحِيَّةٌ أَوْ عَنْوِيَّةٌ فَإِنْ وُجِدَ أَثَرٌ وَإِلَّا تُرِكَتْ بِأَيْدِيهِمْ [تَتِمَّةٌ]

لَوْ كَانَتْ لَهُمْ كَنِيسَةٌ فِي مِصْرٍ فَادْعُوَا أَنَا صَالَحْنَاهُمْ عَلَى أَرْضِهِمْ، وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: بَلْ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَأَرَادَ مَنْعَهُمْ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهَا وَجَهِلَ الْحَالَ لِطُولِ الْعَهْدِ سَأَلَ الْإِمَامُ الْفُقَهَاءَ، وَأَصْحَابَ الْأَخْبَارِ فَإِنْ وَجَدَ أَثَرًا عَمِلَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَوْ اخْتَلَفَتْ الْآثَارُ جَعَلَهَا أَرْضَ صُلْحٍ، وَجَعَلَ الْقَوْلَ فِيهَا لِأَهْلِهَا، لِأَنَّهَا فِي أَيْدِيهِمْ وَهُمْ مُتَمَسِّكُونَ بِالْأَصْلِ وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ السِّيَرِ.

(قَوْلُهُ وَيُعَادُ الْمُنْهَدِمُ) هَذَا فِي الْقَدِيمَةِ الَّتِي صَالَحْنَاهُمْ عَلَى إبْقَائِهَا قَبْلَ الظُّهُورِ عَلَيْهِمْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ لِأَنَّ الْأَبْنِيَةَ لَا تَبْقَى دَائِمًا وَلَمَّا أَقَرَّهُمْ الْإِمَامُ فَقَدْ عَهِدَ إلَيْهِمْ الْإِعَادَةَ إلَّا أَنَّهُمْ لَا يُمَكَّنُونَ مِنْ نَقْلِهَا لِأَنَّهُ إحْدَاثٌ فِي الْحَقِيقَةِ. اهـ.

مَطْلَبٌ إذَا هُدِمَتْ الْكَنِيسَةُ وَلَوْ بِغَيْرِ وَجْهٍ لَا تَجُوزُ إعَادَتُهَا

(قَوْلُهُ أَشْبَاهٌ) حَيْثُ قَالَ فِي فَائِدَةٍ نَقَلَ السُّبْكِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْكَنِيسَةَ إذَا هُدِمَتْ وَلَوْ بِغَيْرِ وَجْهٍ لَا يَجُوزُ إعَادَتُهَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيّ فِي حُسْنِ الْمُحَاضَرَةِ. قُلْت: يُسْتَنْبَطُ مِنْهُ أَنَّهَا إذَا قُفِلَتْ، لَا تُفْتَحُ وَلَوْ بِغَيْرِ وَجْهٍ كَمَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي عَصْرِنَا بِالْقَاهِرَةِ فِي كَنِيسَةٍ بِحَارَةِ زُوَيْلَةَ قَفَلَهَا الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ إلْيَاسَ قَاضِي الْقُضَاةِ، فَلَمْ تُفْتَحْ إلَى الْآنَ حَتَّى وَرَدَ الْأَمْرُ السُّلْطَانِيُّ بِفَتْحِهَا فَلَمْ يَتَجَاسَرْ حَاكِمٌ عَلَى فَتْحِهَا، وَلَا يُنَافِي مَا نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ قَوْلَ أَصْحَابِنَا يُعَادُ الْمُنْهَدِمُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا هَدَمَهُ الْإِمَامُ لَا فِيمَا تَهَدَّمَ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>