للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ قَالَ بَذْرُ الْأَرْضِ مِنِّي مُزَارِعٌ ... لَهُ الْقَوْلُ بَعْدَ الْحَصْدِ وَالْخَصْمُ يُنْكِرُ

كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

لَا تَخْفَى مُنَاسَبَتُهَا (وَهِيَ) الْمُعَامَلَةُ بِلُغَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ؛ فَهِيَ لُغَةً وَشَرْعًا مُعَاقَدَةٌ (دَفْعُ الشَّجَرِ) وَالْكُرُومُ، وَهَلْ الْمُرَادُ بِالشَّجَرِ مَا يَعُمُّ غَيْرَ الْمُثْمِرِ كَالْحُورِ وَالصَّفْصَافِ؟ لَمْ أَرَهُ

ــ

[رد المحتار]

هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لِلْوَصِيِّ الْمُعَامَلَةُ فِي أَشْجَارِ الْيَتِيمِ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ ابْنِ الشِّحْنَةِ (قَوْلُهُ مُزَارِعٌ) فَاعِلُ قَالَ وَالْحَصْدُ مَصْدَرُ حَصَدَ، وَالْمَسْأَلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ: زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ فَلَمَّا حَصَدَ الزَّرْعَ قَالَ صَاحِبُهَا كُنْتَ أَجِيرِي زَرَعْتَهَا بِبَذْرِي وَقَالَ الْمُزَارِعُ كُنْتُ أَكَّارًا وَزَرَعْتُ بِبَذْرِي فَالْقَوْلُ لِلْمُزَارِعِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْبَذْرَ كَانَ فِي يَدِهِ اهـ. وَتَمَامُهُ فِي الشَّرْحِ.

[خَاتِمَةٌ بِفَرْعٍ مُهِمٍّ] يَقَعُ كَثِيرًا ذَكَرَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَغَيْرِهَا: مَاتَ رَجُلٌ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا وَكِبَارًا وَامْرَأَةً وَالْكِبَارُ مِنْهَا أَوْ مِنْ امْرَأَةٍ غَيْرِهَا فَحَرَثَ الْكِبَارُ وَزَرَعُوا فِي أَرْضِ الْغَيْرِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ وَالْأَوْلَادُ كُلُّهُمْ فِي عِيَالٍ الْمَرْأَةِ تَتَعَاهَدُهُمْ وَهُمْ يَزْرَعُونَ وَيَجْمَعُونَ الْغَلَّاتِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَيُنْفِقُونَ مِنْ ذَلِكَ جُمْلَةً صَارَتْ هَذِهِ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى: وَاتَّفَقَتْ الْأَجْوِبَةُ أَنَّهُمْ إنْ زَرَعُوا مِنْ بَذْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ لَوْ كِبَارًا أَوْ إذْنِ الْوَصِيِّ لَوْ صِغَارًا فَالْغَلَّةُ مُشْتَرَكَةٌ، وَإِنْ مِنْ بَذْرِ أَنْفُسِهِمْ أَوْ بَذْرٍ مُشْتَرَكٍ بِلَا إذْنٍ فَالْغَلَّةُ لِلزَّارِعِينَ اهـ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]

ِ (قَوْله لَا تَخْفَى مُنَاسَبَتُهَا) وَهِيَ الِاشْتِرَاكُ فِي الْخَارِجِ ثُمَّ مَعَ كَثْرَةِ الْقَائِلِينَ بِجَوَازِهَا وَوُرُودِ الْأَحَادِيثِ فِي مُعَامَلَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ خَيْبَرَ، قُدِّمَتْ الْمُزَارَعَةُ عَلَيْهَا لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى مَعْرِفَةِ أَحْكَامِهَا وَكَثْرَةِ فُرُوعِهَا وَمَسَائِلِهَا كَمَا أَفَادَهُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ هِيَ الْمُعَامَلَةُ إلَخْ) وَآثَرَ الْمُسَاقَاةَ لِأَنَّهَا أَوْفَقُ بِحَسَبِ الِاشْتِقَاقِ قُهُسْتَانِيٌّ: أَيْ لِمَا فِيهَا مِنْ السَّقْيِ غَالِبًا، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى الْمُفَاعَلَةِ (قَوْلُهُ فَهِيَ لُغَةً وَشَرْعًا مُعَاقَدَةُ) أَفَادَ اتِّحَادَ الْمَعْنَى فِيهِمَا تَبَعًا لِمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ أَخْذًا مِمَّا فِي الصِّحَاحِ: أَنَّهَا اسْتِعْمَالُ رَجُلٍ فِي نَخِيلٍ أَوْ كُرُومٍ أَوْ غَيْرِهَا لِإِصْلَاحِهَا عَلَى سَهْمٍ مَعْلُومٍ مِنْ غَلَّتِهَا، وَفَسَّرَهَا الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ لُغَةً بِأَنَّهَا مُفَاعَلَةٌ مِنْ السَّقْيِ، وَشَرْعًا بِالْمُعَاقَدَةِ.

أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ الْمُغَايَرَةُ لِاعْتِبَارِ شُرُوطٍ لَهَا فِي الشَّرْعِ لَمْ تُعْتَبَرْ فِي اللُّغَةِ، وَالشُّرُوطُ قُيُودٌ، وَالْأَخَصُّ غَيْرُ الْأَعَمِّ مَفْهُومًا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ مُعَاقَدَةُ دَفْعِ الشَّجَرِ) أَيْ كُلِّ نَبَاتٍ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ يَبْقَى فِي الْأَرْضِ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ بِقَرِينَةِ الْآتِي فَيَشْمَلُ أُصُولَ الرَّطْبَةِ وَالْفُوَّةِ وَبَصَلَ الزَّعْفَرَانِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ دَفَعْت إلَيْك هَذِهِ النَّخْلَةَ مَثَلًا مُسَاقَاةً بِكَذَا وَيَقُولُ الْمُسَاقِي قَبِلْت، فَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ رُكْنَهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي الْكَرْمَانِيِّ وَغَيْرِهِ قُهُسْتَانِيٌ. قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَقَيَّدَ بِالشَّجَرِ لِأَنَّهُ لَوْ دَفَعَ الْغَنَمَ وَالدَّجَاجَ وَدُودِ الْقَزِّ مُعَامَلَةً لَا يَجُوزُ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى وَغَيْرِهِ، وَكَذَا النَّخْلُ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: أَعْطَاهُ بَذْرَ الْفَلِيقِ لِيَقُومَ عَلَيْهِ وَيَعْلِفَهُ بِالْأَوْرَاقِ عَلَى أَنَّ الْحَاصِلَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ لِرَبِّ الْبَذْرِ وَلِلرَّجُلِ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْأَوْرَاقِ وَأَجْرُ مِثْلِهِ، وَكَذَا لَوْ دَفَعَ بَقَرَةً بِالْعَلَفِ لِيَكُونَ الْحَادِثُ نِصْفَيْنِ اهـ (قَوْلُهُ وَهَلْ الْمُرَادُ إلَخْ) الْجَوَابُ نَعَمْ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْقُهُسْتَانِيِّ الْمَارُّ، وَلَا يُنَافِيه تَصْرِيحُ التَّعْرِيفِ بِالثَّمَرِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ، فَيَتَنَاوَلُ الرَّطْبَةَ وَغَيْرَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقُهُسْتَانِيِّ أَيْضًا، أَوْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَالِبِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَمْ أَرَهُ) أَقُولُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَا نَصُّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>