للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَيُبَاعُ دُودُ الْقَزِّ) أَيْ الْإِبْرَيْسَمُ (وَبَيْضُهُ) أَيْ بِزْرُهُ، وَهُوَ بِزْرُ الْفَيْلَقِ الَّذِي فِيهِ الدُّودُ (وَالنَّحْلُ) الْمُحْرَزُ، وَهُوَ دُودُ الْعَسَلِ، وَهَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَبِهِ قَالَتْ الثَّلَاثَةُ، وَبِهِ يُفْتَى عَيْنِيٌّ وَابْنُ مَلَكٍ وَخُلَاصَةٌ وَغَيْرُهَا. وَجَوَّزَ أَبُو اللَّيْثِ بَيْعَ الْعَلَقِ، وَبِهِ يُفْتَى لِلْحَاجَةِ مُجْتَبَى (بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْهَوَامِّ) فَلَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا كَحَيَّاتٍ وَضَبٍّ وَمَا فِي بَحْرٍ كَسَرَطَانٍ، إلَّا السَّمَكَ وَمَا جَازَ الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِهِ أَوْ عَظْمِهِ.

ــ

[رد المحتار]

[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ دُودَةِ الْقِرْمِزِ]

ِ (قَوْلُهُ أَيْ الْإِبْرَيْسَمُ) فِي الْمِصْبَاحِ: الْقَزُّ مُعَرَّبٌ. قَالَ اللَّيْثُ: هُوَ مَا يُعْمَلُ مِنْهُ الْإِبْرَيْسَمُ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: الْقَزُّ وَالْإِبْرَيْسَمُ مِثْلُ الْحِنْطَةِ وَالدَّقِيقِ اهـ. وَأَمَّا الْخَزُّ فَاسْمُ دَابَّةٍ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الثَّوْبِ الْمُتَّخَذِ مِنْ وَبَرِهَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَيْ بِزْرَهُ) أَيْ الْبِزْرُ الَّذِي يَكُونُ مِنْهُ الدُّودُ قُهُسْتَانِيٌّ، وَهُوَ بِالزَّايِ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: بَذَرْت الْحَبَّ بَذْرًا أَيْ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ مِنْ بَابِ قَتَلَ: إذَا أَلْقَيْتُهُ فِي الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ. وَالْبُذُورُ: الْمَبْذُورُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: الْبَذْرُ فِي الْحُبُوبِ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ. وَالْبِزْرُ: أَيْ بِالزَّايِ فِي الرَّيَاحِينِ وَالْبُقُولِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الِاسْتِعْمَالِ. وَنُقِلَ عَنْ الْخَلِيلِ كُلُّ حَبٍّ يُبْذَرُ فَهُوَ بَذْرٌ وَبِزْرٌ ثُمَّ قَالَ فِي اجْتِمَاعِ الْبَاءِ مَعَ الزَّايِ الْبِزْرُ مِنْ الْبَقْلِ وَنَحْوِهِ بِالْكَسْرِ، وَالْفَتْحُ لُغَةٌ، وَقَوْلُهُمْ لِبَيْضِ الدُّودِ بِزْرُ الْقَزِّ مَجَازٌ عَلَى التَّشْبِيهِ بِبِزْرِ الْبَقْلِ لِصِغَرِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ بِزْرُ الْفَيْلَقِ) هُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالشَّرَانِقِ (قَوْلُهُ الْمُحْرَزُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الذَّخِيرَةِ إذَا كَانَ مَجْمُوعًا؛ لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ حَقِيقَةً وَشَرْعًا فَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُؤْكَلُ كَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ الثَّلَاثِ.

وَأَمَّا اقْتِصَارُ صَاحِبِ الْكَنْزِ عَلَى جَوَازِ الْأَوَّلَيْنِ دُونَ النَّخْلِ فَلَعَلَّ وَجْهَهُ كَمَا أَفَادَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ إحْرَازَهُ مُتَعَسَّرٌ فَتَرَجَّحَ عِنْدَهُ قَوْلُهُمَا، وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ بَيْعُهُ لَيْلًا لَا نَهَارًا لِتَفَرُّقِهِ حَالَ النَّهَارِ فِي الْمَرَاعِي. وَأَمَّا اعْتِذَارُ الْبَحْرِ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَعَلَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَهُوَ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ بَيْعُ الْعَلَقِ) فِي الْمِصْبَاحِ: الْعَلَقُ شَيْءٌ أَسْوَدُ شَبِيهُ الدُّودِ يَكُونُ فِي الْمَاءِ يَعْلَقُ بِأَفْوَاهِ الْإِبِلِ عِنْدَ الشُّرْبِ (قَوْلُهُ وَبِهِ يُفْتَى لِلْحَاجَةِ) فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ إذَا اشْتَرَى الْعَلَقَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ " مرعل " يَجُوزُ، وَبِهِ أَخَذَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهِ لِتَمَوُّلِ النَّاسِ لَهُ اهـ.

أَقُولُ: الْعَلَقُ فِي زَمَانِنَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِلتَّدَاوِي بِمَصِّهِ الدَّمَ، وَحَيْثُ كَانَ مُتَمَوَّلًا لِمُجَرَّدِ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ دُودَةِ الْقِرْمِزِ فَإِنَّ تَمَوُّلُهَا الْآنَ أَعْظَمُ إذْ هِيَ مِنْ أَعَزِّ الْأَمْوَالِ، وَيُبَاعُ مِنْهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ قَنَاطِيرُ بِثَمَنٍ عَظِيمٍ، وَلَعَلَّهَا هِيَ الْمُرَادَةُ بِالْعَلَقِ فِي عِبَارَةِ الذَّخِيرَةِ بِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ، فَتَكُونُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ بَيْعِ الْمَيْتَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الِاحْتِيَاجَ إلَيْهِ لِلتَّدَاوِي لَا يَقْتَضِي جَوَازَ بَيْعِهِ كَمَا فِي لَبَنِ الْمَرْأَةِ وَكَالِاحْتِيَاجِ إلَى الْخَرْزِ بِشَعْرِ الْخِنْزِيرِ فَإِنَّهُ لَا يُسَوَّغُ بَيْعُهُ كَمَا يَأْتِي، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ عَلَقٌ خَاصٌّ مُتَمَوَّلٌ عِنْدَ النَّاسِ وَذَلِكَ مُتَحَقَّقٌ فِي دُودِ الْقِرْمِزِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ دُودِ الْقَزِّ وَبَيْضِهِ فَإِنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْحَالِ وَدُودُ الْقَزِّ فِي الْمَآلِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ مِنْ الْهَوَامِّ) جَمْعُ هَامَّةٍ مِثْلُ دَابَّةٍ وَدَوَابَّ: وَهِيَ مَا لَهُ سُمٌّ يَقْتُلُ كَالْحَيَّةِ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ. وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى مَا يُؤْذِي وَلَا يَقْتُلُ كَالْحَشَرَاتِ مِصْبَاحٌ، وَالْمُرَادُ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْمُؤْذِيَ وَغَيْرَهُ مِمَّا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ) وَبَيْعُهَا بَاطِلٌ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ ط (قَوْلُهُ كَحَيَّاتٍ) فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ: يَجُوزُ بَيْعُ الْحَيَّاتِ إذَا كَانَ يُنْتَفَعُ بِهَا لِلْأَدْوِيَةِ، وَمَا جَازَ الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِهِ أَوْ عَظْمِهِ أَيْ مِنْ حَيَوَانَاتِ الْبَحْرِ أَوْ غَيْرِهَا.

قَالَ فِي الْحَاوِي: وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْهَوَامِّ كَالْحَيَّةٍ وَالْفَأْرِ وَالْوَزَغَةِ وَالضَّبِّ وَالسُّلَحْفَاةِ وَالْقُنْفُذِ وَكُلِّ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَا بِجِلْدِهِ وَبَيْعُ غَيْرِ السَّمَكِ مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ، إنْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ كَالسَّقَنْقُورِ وَجُلُودِ الْخَزِّ وَنَحْوِهَا يَجُوزُ، وَإِلَّا فَلَا كَالضُّفْدَعِ وَالسَّرَطَانِ، وَذَكَرَ قَبْلَهُ وَيَبْطُلُ بَيْعُ الْأَسَدِ وَالذِّئْبِ وَسَائِرِ الْهَوَامِّ وَالْحَشَرَاتِ، وَلَا يَضْمَنُ مُتْلِفُهَا. وَيَجُوزُ بَيْعُ الْبَازِي وَالشَّاهِينَ وَالصَّقْرِ وَأَمْثَالِهَا وَالْهِرَّةِ، وَيَضْمَنُ مُتْلِفُهَا، لَا بَيْعُ الْحِدَأَةِ وَالرَّخَمَةِ وَأَمْثَالِهِمَا. وَيَجُوزُ بَيْعُ رِيشِهَا، اهـ لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>