للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَأَسِيرٍ وَتَاجِرٍ وَصَبِيٍّ وَعَبْدٍ مَحْجُورَيْنِ عَنْ الْقِتَالِ) وَصَحَّحَ مُحَمَّدٌ أَمَانَ الْعَبْدِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ خِدْمَةُ الْمُسْلِمِ مَوْلَاهُ الْحَرْبِيَّ أَمَانٌ لَهُ (وَمَجْنُونٍ وَشَخْصٍ أَسْلَمَ ثَمَّةَ وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا) ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ الْقِتَالَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

بَابُ الْمَغْنَمِ وَقِسْمَتُهُ فِي الْمُغْرِبِ: الْغَنِيمَةُ مَا نِيل مِنْ الْكُفَّارِ عَنْوَةً وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ، فَتُخَمَّسُ وَبَاقِيهَا لِلْغَانِمِينَ وَالْفَيْءُ: مَا نِيلَ مِنْهُمْ بَعْدُ كَخَرَاجٍ

ــ

[رد المحتار]

أَمِّنْهُمْ فَقَالَ الذِّمِّيُّ: قَدْ أَمَّنْتُكُمْ أَوْ أَنَّ فُلَانًا الْمُسْلِمَ قَدْ أَمَّنَكُمْ فَيَصِحُّ فِي الْوَجْهَيْنِ: أَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ الْمُسْلِمُ: قُلْ لَهُمْ إنَّ فُلَانًا أَمَّنَكُمْ فَيَصِحُّ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ أَدَّى الرِّسَالَةَ عَلَى وَجْهِهَا دُونَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ؛ لِأَنَّهُ إنْشَاءُ عَقْدٍ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهُ، بِخِلَافِ قَوْلِ الْمُسْلِمِ لَهُ أَمِّنْهُمْ،؛ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ صَارَ مَالِكًا لِلْأَمَانِ بِهَذَا الْأَمْرِ، فَيَكُونُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ مُسْلِمٍ آخَرَ وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ السَّرَخْسِيِّ وَصَرَّحَ أَيْضًا بِأَنَّهُ يَصِحُّ سَوَاءٌ كَانَ الْآمِرُ أَمِيرَ الْعَسْكَرِ أَوْ رَجُلًا غَيْرَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ أَمَانَ الذِّمِّيِّ إنَّمَا لَا يَصِحُّ لِتُهْمَةِ مَيْلِهِ إلَيْهِمْ، وَتَزُولُ التُّهْمَةُ إذَا أَمَرَهُ مُسْلِمٌ بِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمَرَهُ بِالْقِتَالِ إذْ لَا يَتَعَيَّنُ بِهِ مَعْنَى الْخَيْرِيَّةِ فِي الْأَمَانِ اهـ وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ مَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ تَقْيِيدِ الْآمِرِ بِكَوْنِهِ أَمِيرَ الْعَسْكَرِ قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ؛ لِأَنَّهُ الْأَغْلَبُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَأَسِيرٍ وَتَاجِرٍ) ؛ لِأَنَّهُمَا مَقْهُورَانِ تَحْتَ أَيْدِيهِمْ فَلَا يَخَافُونَ وَالْأَمَانُ يَخْتَصُّ بِمَحَلِّ الْخَوْفِ بَحْرٌ.

ثُمَّ نَقَلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَمَانُهُ فِي حَقِّ بَاقِي الْمُسْلِمِينَ حَتَّى كَانَ لَهُمْ أَنْ يُغِيرُوا عَلَيْهِمْ أَمَّا فِي حَقِّهِ فَصَحِيحٌ، وَيَصِيرُ كَالدَّاخِلِ فِيهِمْ بِأَمَانٍ فَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ بِلَا رِضَاهُمْ وَكَذَا مَعْنَى عَدَمِ صِحَّةِ أَمَانِ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ أَيْ فِي حَقِّ غَيْرِهِ أَمَّا فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَصَحِيحٌ بِلَا خِلَافٍ. اهـ. قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّاجِرَ الْمُسْتَأْمَنَ كَذَلِكَ.

[تَنْبِيهٌ] ذَكَرَ فِي شَرْحِ السِّيَرِ: لَوْ أَمَّنَهُمْ الْأَسِيرُ ثُمَّ جَاءَ بِهِمْ لَيْلًا إلَى عَسْكَرِنَا فَهُمْ فَيْءٌ لَكِنْ لَا تُقْتَلُ رِجَالُهُمْ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُمْ جَاءُوا لِلِاسْتِئْمَانِ لَا لِلْقِتَالِ كَالْمَحْصُورِ إذَا جَاءَ تَارِكًا لِلْقِتَالِ بِأَنْ أَلْقَى السِّلَاح وَنَادَى بِالْأَمَانِ فَإِنَّهُ يَأْمَنُ الْقَتْلَ (قَوْلُهُ مَحْجُورَيْنِ عَنْ الْقِتَالِ) فَلَوْ مَأْذُونَيْنِ فِيهِ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ اتِّفَاقًا كَمَا قَدَّمْنَا (قَوْلُهُ وَفِي الْخَانِيَّةِ إلَخْ) عِبَارَتُهَا: حَرْبِيٌّ لَهُ عَبْدٌ كَافِرٌ فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ، ثُمَّ خَدَمَ مَوْلَاهُ كَانَتْ الْخِدْمَةُ أَمَانًا اهـ وَفِيهِ أَنَّ تَعْلِيلَهُمْ عَدَمَ جَوَازِ أَمَانِ الْأَسِيرِ وَالتَّاجِرِ، بِأَنَّهُمَا مَقْهُورَانِ تَحْتَ أَيْدِيهِمْ يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ هَذَا الْفَرْعِ فَتَأَمَّلْ. اهـ. ح.

قُلْت: يَتَعَيَّنُ حَمْلُ قَوْلِهِ كَانَتْ الْخِدْمَةُ أَمَانًا عَلَى مَعْنَى كَوْنِهَا أَمَانًا فِي حَقِّ الْعَبْدِ نَفْسِهِ لَا فِي حَقِّ بَاقِي الْمُسْلِمِينَ نَظِيرَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الذَّخِيرَةِ فِي الْأَسِيرِ وَالْعَبْدِ الْمَحْجُورِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْبِيرُ الْخَانِيَّةِ بِالْحَرْبِيِّ: أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خُرُوجٍ وَلَا قِتَالٍ إذْ الْمَسْأَلَةُ ذَكَرَهَا فِي الْخَانِيَّةِ فِي فَصْلِ إعْتَاقِ الْحَرْبِيِّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ فَافْهَمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الْمَغْنَمِ وَقِسْمَتُهُ]

ُ لَمَّا ذَكَرَ الْقِتَالَ وَمَا يُسْقِطُهُ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ (قَوْلُهُ وَالْفَيْءُ مَا نِيلَ مِنْهُمْ بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ الْحَرْبِ هَذَا لَا يَشْمَلُ هَدِيَّةَ أَهْلِ الْحَرْبِ بِلَا تَقَدُّمِ قِتَالٍ.

مَطْلَبٌ بَيَانُ مَعْنَى الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ قَالَ فِي الْهِنْدِيَّةِ: الْغَنِيمَةُ اسْمٌ لِمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْوَالِ الْكَفَرَةِ بِقُوَّةِ الْغُزَاةِ وَقَهْرِ الْكَفَرَةِ وَالْفَيْءُ: مَا أُخِذَ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ كَالْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ وَفِي الْغَنِيمَةِ الْخُمُسُ دُونَ الْفَيْءِ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ هَدِيَّةٌ أَوْ سَرِقَةٌ أَوْ خِلْسَةٌ أَوْ هِبَةٌ، فَلَيْسَ بِغَنِيمَةٍ وَهُوَ لِلْآخِذِ خَاصَّةً. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>