للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ (إذَا فَتَحَ الْإِمَامُ بَلْدَةً صُلْحًا جَرَى عَلَى مُوجِبِهِ وَكَذَا مَنْ بَعْدَهُ) مِنْ الْأُمَرَاءِ (وَأَرْضُهَا تَبْقَى مَمْلُوكَةً لَهُمْ وَلَوْ فَتَحَهَا عَنْوَةً) بِالْفَتْحِ أَيْ قَهْرًا (قَسَمَهَا بَيْنَ الْجَيْشِ) إنْ شَاءَ (أَوْ أَقَرَّ أَهْلَهَا عَلَيْهَا بِجِزْيَةٍ) عَلَى رُءُوسِهِمْ (وَخَرَاجٍ) عَلَى أَرَاضِيِهِمْ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى عِنْدَ حَاجَةِ الْغَانِمِينَ (أَوْ أَخْرَجَهُمْ مِنْهَا وَأَنْزَلَ بِهَا قَوْمًا غَيْرَهُمْ وَوَضَعَ عَلَيْهِمْ الْخَرَاجَ) وَالْجِزْيَةَ (لَوْ) كَانُوا (كُفَّارًا) فَلَوْ مُسْلِمِينَ وَضَعَ الْعُشْرَ لَا غَيْرُ (وَقَتَلَ الْأُسَارَى)

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: لَكِنْ فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ لَوْ وَادَعَ الْإِمَامُ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ سَنَةً عَلَى مَالٍ دَفَعُوهُ إلَيْهِ جَازَ لَوْ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ هَذَا الْمَالُ لَيْسَ بِفَيْءٍ وَلَا غَنِيمَةً حَتَّى لَا يُخَمَّسَ وَلَكِنَّهُ كَالْخَرَاجِ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ اسْمٌ لِمَالٍ مُصَابٍ بِإِيجَافِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ وَالْفَيْءُ اسْمٌ لِمَا يَرْجِعُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ إلَى أَيْدِينَا بِطَرِيقِ الْقَهْرِ، وَهَذَا رَجَعَ إلَيْنَا بِطَرِيقِ الْمُرَاضَاةِ، فَيَكُونُ كَالْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَا أُخِذَ بِالْقِتَالِ وَالْحَرْبِ غَنِيمَةٌ وَمَا أَخَذَهُ بَعْدَهُ مِمَّا وُضِعَ عَلَيْهِمْ قَهْرًا كَالْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ فَيْءٌ وَمَا أُخِذَ مِنْهُمْ بِلَا حَرْبٍ وَلَا قَهْرٍ كَالْهَدِيَّةِ وَالصُّلْحِ فَهُوَ لَا غَنِيمَةَ وَلَا فَيْءَ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْفَيْءِ لَا يُخَمَّسُ وَيُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إذَا فَتَحَ الْإِمَامُ بَلْدَةً صُلْحًا) وَيُعْتَبَرُ فِي صُلْحِهِ الْمَاءُ الْخَرَاجِيُّ وَالْعُشْرِيُّ، فَإِنْ كَانَ مَاؤُهُمْ خَرَاجِيًّا صَالَحَهُمْ عَلَى الْخَرَاجِ وَإِلَّا فَعَلَى الْعُشْرِ أَفَادَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ ط (قَوْلُهُ وَكَذَا مَنْ بَعْدَهُ) فَلَا يُغَيِّرُهُ أَحَدٌ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ نَقْضِ الْعَهْدِ ط (قَوْلُهُ أَيْ قَهْرًا) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَاتَّفَقَ الشَّارِحُونَ عَلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ تَفْسِيرًا لَهُ لُغَةً؛ لِأَنَّهَا مِنْ عَنَا يَعْنُو عَنْوَةً ذَلَّ وَخَضَعَ، لَكِنْ نَقَلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقَامُوسِ أَنَّ الْعَنْوَةَ الْقَهْرُ. وَاعْتَرَضَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ صَاحِبَ الْقَامُوسِ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ، بَلْ سَيَذْكُرُ الْمَعَانِيَ جُمْلَةً أَيْ يَذْكُرُ الْمَعَانِيَ الِاصْطِلَاحِيَّةَ مَعَ اللُّغَوِيَّةِ بِلَا تَمْيِيزٍ. قُلْت: لَكِنْ نَقَلَ صَاحِبُ النَّهْرِ فِي أَوَّلِ بَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ عَنْ الْفَارَابِيِّ أَنَّهُ مِنْ الْأَضْدَادِ يُطْلَقُ عَلَى الطَّاعَةِ وَالْقَهْرِ وَكَذَا قَالَ - فِي الْمِصْبَاحِ عَنَا يَعْنُو عَنْوَةً إذَا أَخَذَ الشَّيْءَ قَهْرًا وَكَذَا إذَا أَخَذَهُ صُلْحًا فَهُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ، وَفُتِحَتْ مَكَّةُ عَنْوَةً أَيْ قَهْرًا. اهـ.

(قَوْلُهُ قَسَمَهَا بَيْنَ الْجَيْشِ) أَيْ مَعَ رُءُوسِ أَهْلِهَا اسْتِرْقَاقًا وَأَمْوَالُهُمْ بَعْدَ إخْرَاجِ خُمُسِهَا لِجِهَاتِهِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ أَوْ أَقَرَّ أَهْلَهَا عَلَيْهَا) أَيْ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِرِقَابِهِمْ وَأَرْضِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَوَضَعَ الْجِزْيَةَ عَلَى الرُّءُوسِ وَالْخَرَاجَ عَلَى أَرَاضِيهِمْ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْمَاءِ الَّذِي تُسْقَى بِهِ أَهُوَ مَاءُ الْعُشْرِ كَمَاءِ السَّمَاءِ وَالْعُيُونِ وَالْأَوْدِيَةِ وَالْآبَارِ، أَوْ مَاءُ الْخَرَاجِ كَالْأَنْهَارِ الَّتِي شَقَّتْهَا الْأَعَاجِمُ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ التَّوْظِيفِ عَلَى الْكَافِرِ، وَأَمَّا الْمَنُّ عَلَيْهِمْ بِرِقَابِهِمْ وَأَرْضِهِمْ فَمَكْرُوهٌ، إلَّا أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِمْ مِنْ الْمَالِ مَا يَتَمَكَّنُونَ بِهِ مِنْ إقَامَةِ الْعَمَلِ وَالنَّفَقَةِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى الْأَرَاضِي إلَى أَنْ يَخْرُجَ الْغِلَالُ وَإِلَّا فَهُوَ تَكْلِيفٌ بِمَا لَا يُطَاقُ، وَأَمَّا الْمَنُّ عَلَيْهِمْ بِرِقَابِهِمْ مَعَ الْمَالِ دُونَ الْأَرْضِ أَوْ بِرِقَابِهِمْ فَقَطْ، فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ إضْرَارُ الْمُسْلِمِينَ بِرَدِّهِمْ حَرْبًا عَلَيْنَا فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى) عِبَارَةُ الِاخْتِيَارِ قَالُوا وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَعَبَّرَ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ بِقِيلَ (قَوْلُهُ وَوَضَعَ عَلَيْهِمْ الْخَرَاجَ) أَيْ عَلَى أَرْضِهِمْ (قَوْلُهُ وَضَعَ الْعُشْرَ لَا غَيْرُ) ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ وَضْعٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَحٌ.

[تَنْبِيهٌ] لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ رِسَالَةٌ سَمَّاهَا [الدُّرَّةَ الْيَتِيمَةَ فِي الْغَنِيمَةِ] حَاصِلُهَا: أَنَّ تَخْيِيرَ الْإِمَامِ بَيْنَ مَا ذُكِرَ مُخَالِفٌ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى مَا فَعَلَهُ عُمَرُ مِنْ عَدَمِ قِسْمَةِ الْأَرَاضِي بَيْنَ الْغَانِمِينَ، وَعَدَمِ أَخْذِ الْخُمُسِ مِنْهَا كَمَا نَقَلَهُ عُلَمَاؤُنَا وَأَقَرُّوهُ. قُلْت: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا فَعَلَهُ عُمَرُ إنَّمَا فَعَلَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ هُوَ الْأَصَحَّ إذْ ذَاكَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْقِصَّةِ لَا لِكَوْنِهِ هُوَ اللَّازِمُ، كَيْفَ وَقَدْ «قَسَّمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْبَرَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ» ، فَعُلِمَ أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِي فِعْلِ مَا هُوَ الْأَصْلَحُ فَيَفْعَلُهُ (قَوْلُهُ وَقَتَلَ الْأُسَارَى) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا قَامُوسٌ وَالسَّمَاعُ الضَّمُّ لَا غَيْرُ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّضِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ: أَيْ قَتَلَ الَّذِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>