للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ شَاءَ إنْ لَمْ يُسْلِمُوا (أَوْ اسْتَرَقَّهُمْ أَوْ تَرَكَهُمْ أَحْرَارًا ذِمَّةً لَنَا) إلَّا مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَالْمُرْتَدِّينَ كَمَا سَيَجِيءُ

(وَحَرُمَ مَنُّهُمْ) أَيْ إطْلَاقُهُمْ مَجَّانًا وَلَوْ بَعْدَ إسْلَامِهِمْ ابْنُ كَمَالٍ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَانِمِينَ، وَجَوَّزَهُ الشَّافِعِيُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى - {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: ٤]- قُلْنَا نُسِخَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى - {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: ٥]- شَرْحُ مَجْمَعٍ

(وَ) حَرُمَ (فِدَاؤُهُمْ) بَعْدَ تَمَامِ الْحَرْبِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَيَجُوزُ بِالْمَالِ لَا بِالْأَسِيرِ الْمُسْلِمِ دُرَرٌ وَصَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَقَالَا: يَجُوزُ وَهُوَ أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ شُمُنِّيٌّ: وَاتَّفَقُوا أَنَّهُ لَا يُفَادَى بِنِسَاءٍ وَصِبْيَانٍ وَخَيْلٍ وَسِلَاحٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَلَا بِأَسِيرٍ أَسْلَمَ بِمُسْلِمٍ أَسِيرٍ

ــ

[رد المحتار]

يَأْخُذُهُمْ مِنْ الْمُقَاتِلِينَ، سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ الْعَرَبِ أَوْ الْعَجَمِ فَلَا تُقْتَلُ النِّسَاءُ وَلَا الذَّرَارِيُّ بَلْ يُسْتَرَقُّونَ لِمَنْفَعَةِ الْمُسْلِمِينَ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُسْلِمُوا) فَلَوْ أَسْلَمُوا تَعَيَّنَ الْأَسْرُ (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَرَقَّهُمْ) وَإِسْلَامُهُ لَا يَمْنَعُ اسْتِرْقَاقَهُمْ، مَا لَمْ يَكُنْ قَبْلَ الْأَخْذِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَى وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ ذِمَّةً لَنَا) أَيْ حَقًّا وَاجِبًا لَنَا عَلَيْهِمْ مِنْ الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ، فَإِنَّ الذِّمَّةَ الْحَقُّ وَالْعَهْدُ وَالْأَمَانُ وَيُسَمَّى أَهْلُ الذِّمَّةِ لِدُخُولِهِمْ فِي عَهْدِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَانِهِمْ كَمَا قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ، وَقَدْ ظَنَّ أَنَّ الْمَعْنَى لِيَكُونُوا أَهْلَ ذِمَّةٍ لَنَا قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَالْمُرْتَدِّينَ) فَإِنَّهُمْ لَا يُسْتَرَقُّونَ وَلَا يَكُونُونَ ذِمَّةً لَنَا بَلْ إمَّا الْإِسْلَامُ أَوْ السَّيْفُ (قَوْلُهُ كَمَا سَيَجِيءُ) أَيْ فَصْلُ الْجِزْيَةِ

(قَوْلُهُ قُلْنَا نُسِخَ إلَخْ) أَيْ بِآيَةِ - {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥]- مِنْ سُورَةِ بَرَاءَةَ فَإِنَّهَا آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ فَتْحٌ. وَأَمَّا مَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ عَلَى أَبِي عَزَّةَ الْجُمَحِيِّ يَوْمَ بَدْرٍ» فَقَدْ كَانَ قَبْلَ النَّسْخِ، وَلِذَا لَمَّا أَسَرَهُ يَوْمَ أُحُدٍ قَتَلَهُ. وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ جَوَابًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ، وَهُمْ لَا يُؤْسَرُونَ فَلَيْسَ فِي الْمَنِّ عَلَيْهِ إبْطَالُ حَقٍّ ثَابِتٍ لِلْمُسْلِمِينَ، وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ فِيهِمْ وَفِي الْمُرْتَدِّينَ وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ النَّظَرَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي الْمَنِّ عَلَى بَعْضِ الْأَسَارَى، فَلَا بَأْسَ بِهِ أَيْضًا؛ «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَنَّ عَلَى ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ الْحَنَفِيِّ بِشَرْطِ أَنْ يَقْطَعَ الْمِيرَةَ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَفَعَلَ ذَلِكَ حَتَّى قَحَطُوا» شَرْحُ السِّيَرِ مُلَخَّصًا. وَقَدْ نَقَلَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ كَقَوْلِنَا ثُمَّ أَيَّدَ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ بِمَا مَرَّ مِنْ قِصَّةِ الْجُمَحِيِّ وَنَحْوِهَا وَقَدْ عَلِمْت جَوَابَهُ

(قَوْلُهُ وَحَرُمَ فِدَاؤُهُمْ إلَخْ) أَيْ إطْلَاقُ أَسِيرِهِمْ بِأَخْذِ بَدَلٍ مِنْهُمْ إمَّا مَالٍ أَوْ أَسِيرٍ مُسْلِمٌ فَالْأَوَّلُ لَا يَجُوزُ فِي الْمَشْهُورِ، وَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ عَلَى مَا فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا بَأْسَ بِهِ لَوْ بِحَيْثُ لَا يُرْجَى مِنْهُ النَّسْلُ كَالشَّيْخِ الْفَانِي كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ وَيَجُوزُ عِنْدَهُمَا وَالْأَوَّلُ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الزَّادِ لَكِنْ فِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَتَمَامُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ. وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ أَيْضًا عَنْ السِّيَرِ الْكَبِيرِ: أَنَّ الْجَوَازَ أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ قَوْلُهُمَا وَقَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَأَنَّهُ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ: «أَنَّهُ فَدَى رَجُلَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِرَجُلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَفَدَى بِامْرَأَةٍ نَاسًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا أُسِرُوا بِمَكَّةَ» .

قُلْت: وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْمُتُونِ حَرُمَ فِدَاؤُهُمْ مُقَيَّدٌ بِالْفِدَاءِ بِالْمَالِ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ أَمَّا الْفِدَاءُ بِالْمَالِ عِنْدَ الْحَاجَةِ أَوْ بِأَسْرَى الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ جَائِزٌ (قَوْلُهُ بَعْدَ تَمَامِ الْحَرْبِ إلَخْ) عِبَارَةُ الدُّرَرِ وَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ: وَأَمَّا الْفِدَاءُ فَقَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْحَرْبِ جَازَ بِالْمَالِ لَا بِالْأَسِيرِ الْمُسْلِمِ، وَبَعْدَهُ لَا يَجُوزُ بِالْمَالِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا وَلَا بِالنَّفْسِ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَانِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَجُوزُ مُطْلَقًا. اهـ. قُلْت: وَهَذَا التَّفْصِيلُ خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْ كَلَامِهِمْ كَمَا عَلِمْت، وَلِذَا قَالَ ابْنُ كَمَالٍ بَعْدَ ذِكْرِهِ نَحْوَ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْهُمْ وَهَذَا الْبَيَانُ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ وَضْعِ الْحَرْبِ أَوْزَارَهَا أَوْ بَعْدَهُ اهـ وَتَبِعَهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ وَاتَّفَقُوا أَنَّهُ لَا يُفَادَى بِنِسَاءٍ وَصِبْيَانٍ) إذْ الصِّبْيَانُ يَبْلُغُونَ فَيُقَاتِلُونَ وَالنِّسَاءُ يَلِدْنَ فَيَكْثُرُ نَسْلُهُمْ مِنَحٌ وَلَعَلَّ الْمَنْعَ فِيمَا إذَا أَخَذَ الْبَدَلَ مَالًا وَإِلَّا فَقَدْ جَوَّزُوا دَفْعَ أَسْرَاهُمْ فِدَاءً لِأَسْرَانَا مَعَ أَنَّهُمْ إذَا ذَهَبُوا إلَى دَارِهِمْ يَتَنَاسَلُونَ ط (قَوْلُهُ وَخَيْلٍ وَسِلَاحٍ) أَيْ إذَا أَخَذْنَاهُمَا مِنْهُمْ فَطَلَبُوا الْمُفَادَاةَ بِمَالٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ نَفْعَلَ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَقْوِيَةً يَخْتَصُّ بِالْقِتَالِ فَيَجُوزُ مِنْ غَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>