للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي الْجَوْهَرَةِ: كَرَّرَ " وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ " ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ؛ وَإِنْ نَوَى التَّكْرَارَ اتَّحَدَا؛ وَإِلَّا فَالْإِيلَاءُ وَاحِدٌ وَالْيَمِينُ ثَلَاثٌ، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ تَعَدَّدَ الْإِيلَاءُ وَالْيَمِينُ.

بَابُ الْخُلْعِ (هُوَ) لُغَةً الْإِزَالَةُ، وَاسْتُعْمِلَ فِي إزَالَةِ الزَّوْجِيَّةِ بِالضَّمِّ وَفِي غَيْرِهِ بِالْفَتْحِ. وَشَرْعًا كَمَا فِي الْبَحْرِ (إزَالَةُ مِلْكِ النِّكَاحِ) خَرَجَ بِهِ الْخُلْعُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَبَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَالرِّدَّةِ فَإِنَّهُ لَغْوٌ كَمَا فِي الْفُصُولِ

ــ

[رد المحتار]

وَقَالَ ح: الْفَرْقُ هُوَ أَنَّ فِي قَوْلِهِ أَنْتُمَا عَلَيَّ حَرَامٌ حَرَّمَهُمَا عَلَى نَفْسِهِ وَتَحْرِيمُهُمَا تَحْرِيمٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَفِي قَوْلِهِ لَا أَقْرَبُكُمَا مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ قُرْبَانِهِمَا جَمِيعًا فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِوَطْئِهِمَا، وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا الْفَرْقِ صَاحِبُ النَّهْرِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَمَنْ حَرَّمَ مِلْكَهُ لَمْ يُحَرَّمْ، حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَ " أَكْلُ هَذَا الرَّغِيفِ عَلَيَّ حَرَامٌ " وَبَيْنَ " لَا آكُلُ هَذَا الرَّغِيفَ " بِأَنَّ بِتَحْرِيمِهِ الرَّغِيفَ عَلَى نَفْسِهِ حَرَّمَ أَجْزَاءَهُ أَيْضًا، وَفِي الثَّانِي إنَّمَا مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ أَكْلِ الرَّغِيفِ كُلِّهِ فَلَا يَحْنَثُ بِالْبَعْضِ. اهـ.

قُلْت: لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ عَنْ الْخَانِيَّةِ. قَالَ مَشَايِخُنَا: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ لُقْمَةٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ هَذَا الرَّغِيفُ عَلَيَّ حَرَامٌ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا آكُلُ هَذَا الرَّغِيفَ اهـ أَيْ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ يَمِينٌ، لَكِنَّ مُقْتَضَى مَا مَرَّ عَنْ الْفَتْحِ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَلِفِ بِاسْمِهِ تَعَالَى وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِمَّا أُلْحِقَ بِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إنْ نَوَى التَّكْرَارَ) أَيْ التَّأْكِيدَ اتَّحَدَا أَيْ يَكُونُ الْإِيلَاءُ وَاحِدًا وَيَمِينًا وَاحِدَةً حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْرَبْهَا فِي الْمُدَّةِ طَلُقَتْ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَإِنْ قَرِبَهَا فِيهَا لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، أَوْ أَرَادَ التَّشْدِيدَ وَالتَّغْلِيظَ وَهُوَ الِابْتِدَاءُ دُونَ التَّكْرَارِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: فَالْإِيلَاءُ وَاحِدٌ إلَخْ) وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْإِيلَاءُ ثَلَاثًا أَيْضًا، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، حَتَّى إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَقْرَبْهَا تَبِينُ بِتَطْلِيقَةٍ ثُمَّ عَقِيبَهَا تَبِينُ بِأُخْرَى ثُمَّ بِأُخْرَى إلَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَلَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا: الْإِيلَاءُ وَاحِدٌ فَلَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الْمُدَّةَ لَمَّا كَانَتْ مُتَّحِدَةً كَانَ الْمَنْعُ مُتَّحِدًا فَلَا يَتَكَرَّرُ الْإِيلَاءُ، وَيَجِبُ بِالْقُرْبَانِ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ إجْمَاعًا لِأَنَّ الشَّرْطَ الْوَاحِدَ يَكْفِي لِأَيْمَانٍ كَثِيرَةٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابُ الْخُلْعِ]

ِ أَخَّرَهُ عَنْ الْإِيلَاءِ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ لِتَجَرُّدِهِ عَنْ الْمَالِ كَانَ أَقْرَبَ إلَى الطَّلَاقِ، بِخِلَافِ الْخُلْعِ فَإِنَّ فِيهِ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ، وَلِأَنَّ مَبْنَى الْإِيلَاءِ نُشُوزٌ مِنْ قِبَلِهِ وَالْخُلْعُ نُشُوزٌ مِنْ قِبَلِهَا غَالِبًا، فَقَدَّمَ مَا بِالرَّجُلِ عَلَى مَا بِالْمَرْأَةِ عِنَايَةً (قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً الْإِزَالَةُ إلَخْ) يُقَالُ: خَلَعْت النَّعْلَ وَغَيْرَهُ خَلْعًا نَزَعْته، وَخَالَعَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا مُخَالَعَةً إذَا افْتَدَتْ مِنْهُ فَخَلَعَهَا هُوَ خَلْعًا وَالِاسْمُ الْخُلْعُ بِالضَّمِّ وَهُوَ اسْتِعَارَةٌ مِنْ خَلْعِ اللِّبَاسِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِبَاسٌ لِلْآخَرِ، فَإِذَا فَعَلَا ذَلِكَ فَكَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ نَزَعَ لِبَاسَهُ عَنْهُ بَحْرٌ عَنْ الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: وَاسْتُعْمِلَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالضَّمِّ فِي ذَلِكَ وَهُوَ اسْمُ الْمَصْدَرِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ عَنْ الْمِصْبَاحِ وَأَنَّهُ تَصَرُّفٌ لُغَوِيٌّ، وَنَظِيرُهُ مَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ أَنَّ الطَّلَاقَ وَالْإِطْلَاقَ رَفْعُ الْقَيْدِ مُطْلَقًا لَكِنَّهُ خُصَّ الطَّلَاقُ لُغَةً بِرَفْعِ قَيْدِ النِّكَاحِ وَاسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِهِ الْإِطْلَاقُ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ) الْأَنْسَبُ وَفِي غَيْرِهَا ط (قَوْلُهُ: مِلْكِ النِّكَاحِ) شَمِلَ مَا لَوْ خَالَعَ الْمُطَلَّقَةَ رَجْعِيًّا بِمَالٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَجِبُ الْمَالُ بَحْرٌ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَغْوٌ) لِأَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لَا يُفِيدُ مِلْكَ الْمُتْعَةِ، وَبِالْبَيْنُونَةِ وَالرِّدَّةِ حَصَلَتْ الْإِزَالَةُ قَبْلَهُ، فَلَمْ يَكُنْ فِي الْخُلْعِ إزَالَةٌ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَلَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ وَيَبْقَى لَهُ بَعْدَ الْخُلْعِ وِلَايَةُ الْجَبْرِ عَلَى النِّكَاحِ فِي الرِّدَّةِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ اهـ. قُلْت: وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَلَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ لَكِنْ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: نَكَحَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>