للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَفْسَخَ بِنَفْسِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

[مَطْلَبٌ فِي الْمَرْصَدِ وَالْقِيمَةِ وَمِشَدِّ الْمُسْكَةِ]

وَتَجُوزُ بِمِثْلِ الْأُجْرَةِ أَوْ بِأَكْثَرَ أَوْ بِأَقَلَّ بِمَا يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ لَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ وَتَكُونُ فَاسِدَةً، فَيُؤَجِّرُهُ إجَارَةً صَحِيحَةً إمَّا مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِزِيَادَةٍ بِقَدْرِ مَا يَرْضَى بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ اهـ.

وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ: بَيِّنَةُ الْإِثْبَاتِ مُقَدَّمَةٌ وَهِيَ الَّتِي شَهِدَتْ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ أَوَّلًا أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَقَدْ اتَّصَلَ بِهَا الْقَضَاءُ فَلَا تُنْقَضُ.

قَالَ: وَبِهِ أَجَابَ بَقِيَّةُ الْمَذَاهِبِ فَلْيُحْفَظْ.

بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا يَكُونُ خِلَافًا فِيهَا أَيْ فِي الْإِجَارَةِ (تَصِحُّ) (إجَارَةُ حَانُوتٍ) أَيْ دُكَّانٍ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ وَتَجُوزُ بِمِثْلِ الْأُجْرَةِ إلَخْ) أَيْ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ بِالْأَكْثَرِ مِنْهَا مُطْلَقًا مَا لَمْ تَكُنْ بِمَالِ وَقْفٍ أَوْ يَتِيمٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ. (قَوْلُهُ بِمَا يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ) قَيْدٌ لِلْأَقَلِّ فَافْهَمْ، ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ مُكَرَّرٌ إذْ قَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. (قَوْلُهُ وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ إلَخْ) وَنَصُّهُ: سُئِلَ مَا قَوْلُكُمْ فِيمَا لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ إجَارَةِ وَقْفٍ وَأَنَّ الْأُجْرَةَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بَعْدَ أَنْ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ ثُمَّ أُقِيمَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهَا دُونَ أَجْرِ الْمِثْلِ فَيُعْمَلُ بِبَيِّنَةِ بُطْلَانِهَا أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ: أَجَابَ الشَّيْخُ نُورُ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيُّ قَاضِي الْقُضَاةِ الْحَنَفِيُّ بِمَا صُورَتُهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى بَيِّنَةُ الْإِثْبَاتِ مُقَدَّمَةٌ وَهِيَ الَّتِي شَهِدَتْ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَقَدْ اتَّصَلَ بِهَا الْقَضَاءُ فَلَا تُنْقَضُ.

وَأَجَابَ الشَّيْخُ نَاصِرُ الدِّينِ اللَّقَانِيِّ الْمَالِكِيُّ وَقَاضِي الْقُضَاةِ أَحْمَدُ بْنُ النَّجَّارِ الْحَنْبَلِيُّ بِجَوَابِي كَذَلِكَ، فَأَجَبْتُ: نَعَمْ الْأَجْوِبَةُ الْمَذْكُورَةُ صَحِيحَةٌ اهـ.

قُلْتُ: وَهَذَا حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الشَّهَادَةُ الْأُولَى يُكَذِّبُهَا الظَّاهِرُ وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ وَتُنْقَضُ كَمَا فِي الْحَامِدِيَّةِ. (قَوْلُهُ وَقَدْ اتَّصَلَ بِهَا الْقَضَاءُ) أَيْ وَاسْتَكْمَلَ شُرُوطَهُ.

وَفِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ وَلَا يَمْنَعُ قَبُولَهَا: أَيْ الزِّيَادَةِ حُكْمُ الْحَنْبَلِيِّ بِالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ اهـ. قَالَ فِي الْحَامِدِيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ تَأَمَّلْ اهـ.

أَقُولُ: مُرَادُهُ أَنَّ حُكْمَهُ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ ابْتِدَاءً وَأَنَّهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ لَا يَمْنَعُ فَسْخَهَا لِلزِّيَادَةِ الْعَارِضَةِ بِكَثْرَةِ الرَّغَبَاتِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَحْكُومٍ بِهِ، فَمَنْعُ حُكْمِ الْحَنْبَلِيِّ الْأَوَّلِ لِذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ، نَعَمْ لَوْ حَكَمَ بِإِلْغَاءِ الزِّيَادَةِ الْعَارِضَةِ بِحَادِثَةٍ بِخُصُوصِهَا مُسْتَجْمِعًا شَرَائِطَهُ مَنَعَ مِنْ قَبُولِهَا، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْحَانُوتِيُّ فِي فَتَاوَاهُ أَيْضًا حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْحَاكِمَ الْحَنَفِيَّ مِنْ قَبُولِ الزِّيَادَةِ حَكَمُ الْحَنْبَلِيُّ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَلَوْ وَقَعَتْ بَعْدَ دَعْوَى شَرْعِيَّةٍ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ بِقَبُولِ الزِّيَادَةِ حَادِثَةٌ أُخْرَى لَمْ يَقَعْ الْحُكْمُ بِهَا اهـ وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَصَرَّحَ بِهِ أَيْضًا الْعَلَّامَةُ قنلي زَادَهْ وَذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي قَوْلُهُ ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّ هَذَا مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ وَلَا قَوْلُهُ أَلْغَيْتُ الزِّيَادَةَ الْعَارِضَةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فَتَاوَى لَا أَحْكَامٌ نَافِذَةٌ مَا لَمْ تَكُنْ عَلَى وَجْهِ خَصْمٍ جَاحِدٍ اهـ: وَمِثْلُهُ مَا لَوْ حَكَمَ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ شَافِعِيٌّ مَثَلًا لَا يَمْنَعُ الْحَنَفِيُّ فَسْخَهَا بِالْمَوْتِ مَا لَمْ يَحْكُمْ الشَّافِعِيُّ بِخُصُوصِ ذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْغَرْسِ فَتَنَبَّهْ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا يَكُونُ خِلَافًا فِيهَا]

(قَوْلُهُ وَمَا يَكُونُ خِلَافًا) أَيْ وَالْفِعْلُ الَّذِي يَكُونُ خِلَافَ الْجَائِزِ فِيهَا (قَوْلُهُ حَانُوتٍ) عَلَى وَزْنِ فَاعُولٍ وَتَاؤُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>