للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ قَبِيلَةِ أَبِيهَا فَمِنْ الْأَجَانِبِ) أَيْ فَمِنْ قَبِيلَةٍ تُمَاثِلُ قَبِيلَةَ أَبِيهَا (فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَالْقَوْلُ لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ كَمَا مَرَّ.

(وَصَحَّ ضَمَانُ الْوَلِيِّ مَهْرَهَا وَلَوْ) الْمَرْأَةُ (صَغِيرَةً) وَلَوْ عَاقِدًا لِأَنَّهُ سَفِيرٌ،

ــ

[رد المحتار]

إذْ لَا يُمْكِنُ إلَّا عِنْدَ وُجُودِ الْمُمَاثِلِ، وَلَكِنَّ حَمْلَ كَلَامِ الْمُحِيطِ عَلَى مَا ذُكِرَ يُنَافِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الْحُكْمُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَكَذَا مَا نَذْكُرُهُ قَرِيبًا عَنْ الصَّيْرَفِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ عَدَمُ الْمُمَاثِلِ لَا يُعْطَى لَهَا شَيْءٌ، وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى حَالَةِ التَّرَاضِي، لِمَا عَلِمْت مِنْ كَلَامِ الْبَدَائِعِ وَلِأَنَّهُ عِنْدَ وُجُودِ التَّرَاضِي يُسْتَغْنَى عَنْ التَّرَافُعِ إلَى الْقَاضِي وَعِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ الشَّاهِدَيْنِ، فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ بِيَمِينِهِ كَمَا مَرَّ وَيَأْتِي فَيَحْكُمُ لَهَا الْقَاضِي بِمَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ) أَيْ مَنْ يُمَاثِلُهَا فِي الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا بَحْرٌ، وَمُقْتَضَاهُ الِاكْتِفَاءُ بِبَعْضِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ؛ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الِاخْتِيَارِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ كُلُّهُ فَاَلَّذِي يُوجَدُ مِنْهُ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ اجْتِمَاعُ هَذِهِ الْأَوْصَافِ فِي امْرَأَتَيْنِ؛ فَيُعْتَبَرُ بِالْمَوْجُودِ مِنْهَا لِأَنَّهَا مِثْلُهَا. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ مَالِكٍ وَغُرَرُ الْأَذْكَارِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُلْتَقَى.

قُلْت: وَلَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ اتِّفَاقُ الْمُتُونِ عَلَى ذِكْرِ مُعْظَمِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ وَتَصْرِيحُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ وَكَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الدَّارِ وَالْعَصْرِ اهـ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الرَّغْبَةَ فِي الْبِكْرِ الشَّابَّةِ الْجَمِيلَةِ الْغَنِيَّةِ أَكْثَرُ مِنْ الثَّيِّبِ الْعَجُوزِ الشَّوْهَاءِ الْفَقِيرَةِ وَإِنْ تَسَاوَتَا فِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ وَالْعِلْمِ وَالْأَدَبِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَوْصَافِ؛ فَكَيْفَ يُقَدَّرُ مَهْرُ إحْدَاهُمَا بِمَهْرِ الْأُخْرَى مَعَ هَذَا التَّفَاوُتِ؛ وَقَوْلُهُمْ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ اجْتِمَاعُ هَذِهِ الْأَوْصَافِ فِي امْرَأَتَيْنِ مُسَلَّمٌ لَوْ الْتَزَمْنَا اعْتِبَارَهَا فِي قَوْمِ الْأَبِ فَقَطْ.

أَمَّا عِنْدَ اعْتِبَارِهَا مِنْ الْأَجَانِبِ أَيْضًا فَلَا عَلَى أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ عَدَمُ الْوُجُودِ يَكُونُ الْقَوْلُ لِلزَّوْجِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ وَإِنْ امْتَنَعَ يُرْفَعُ الْأَمْرُ لِلْقَاضِي لِيُقَدِّرَ لَهَا مَهْرًا عَلَى مَا مَرَّ؛ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ عَنْ الصَّيْرَفِيَّةِ: مَاتَ فِي غُرْبَةٍ وَخَلَّفَ زَوْجَتَيْنِ غَرِيبَتَيْنِ تَدَّعِيَانِ الْمَهْرَ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا وَلَيْسَ لَهَا أَخَوَاتٌ فِي الْغُرْبَةِ قَالَ يُحْكَمُ بِجَمَالِهِمَا بِكَمْ يُنْكَحُ مِثْلُهُمَا؟ قِيلَ لَهُ يَخْتَلِفُ بِالْبُلْدَانِ قَالَ إنْ وُجِدَ فِي بَلَدِهِمَا يُسْأَلُ وَإِلَّا فَلَا يُعْطَى لَهُمَا شَيْءٌ اهـ أَيْ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْحَلِفِ بَعْدَ الْمَوْتِ لَكِنْ فِيهِ أَنَّ وَرَثَةَ الزَّوْجِ تَقُومُ مَقَامَهُ فَتَأَمَّلْ.

[تَنْبِيهٌ] جَرَى الْعُرْفُ فِي كَثِيرٍ مِنْ قُرَى دِمَشْقَ بِتَقْدِيرِ الْمَهْرِ بِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ لِجَمِيعِ نِسَاءِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ بِلَا تَفَاوُتٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عِنْدَ السُّكُوتِ عَنْهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَذْكُورِ الْمُسَمَّى وَقْتَ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ كَالْمَشْرُوطِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُسْأَلُ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ الْوَلِيِّ الْمَهْرَ]

(قَوْلُهُ وَصَحَّ ضَمَانُ الْوَلِيِّ مَهْرَهَا) أَيْ سَوَاءٌ وَلِيُّ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ صَغِيرَيْنِ كَانَا أَوْ كَبِيرَيْنِ، أَمَّا ضَمَانُ وَلِيِّ الْكَبِيرِ مِنْهُمَا فَظَاهِرٌ لِأَنَّهُ كَالْأَجْنَبِيِّ. ثُمَّ إنْ كَانَ بِأَمْرِهِ رَجَعَ وَإِلَّا لَا.

وَأَمَّا وَلِيُّ الصَّغِيرَيْنِ فَلِأَنَّهُ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ، فَإِذَا مَاتَ كَانَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ فِي تَرِكَتِهِ وَلِبَاقِي الْوَرَثَةِ الرُّجُوعُ فِي نَصِيبِ الصَّغِيرِ خِلَافًا لِزُفَرَ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ صَدَرَتْ بِأَمْرٍ مُعْتَبَرٍ مِنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ لِثُبُوتِ وِلَايَةِ الْأَبِ عَلَيْهِ، فَإِذْنُ الْأَبِ إذْنٌ مِنْهُ مُعْتَبَرٌ، وَإِقْدَامُهُ عَلَى الْكَفَالَةِ دَلَالَةُ ذَلِكَ مِنْ جِهَتِهِ نَهْرٌ عَنْ الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَاقِدًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ هُوَ الَّذِي بَاشَرَ عَقْدَ النِّكَاحِ بِالْوِلَايَةِ عَلَيْهَا أَوْ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهِمَا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ سَفِيرٌ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ صَحَّ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا كَانَا

<<  <  ج: ص:  >  >>