(بِالِاسْتِرْجَاعِ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ بِقَصْدِ الْجَوَابِ صَارَ كَكَلَامِ النَّاسِ (وَكَذَا) يُفْسِدُهَا (كُلُّ مَا قُصِدَ بِهِ الْجَوَابُ) كَأَنْ قِيلَ أَمَعَ اللَّهِ إلَهٌ فَقَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَوْ مَا مَالُكَ فَقَالَ - الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ - أَوْ مِنْ أَيْنَ جِئْت فَقَالَ - {وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ} [الحج: ٤٥]- (أَوْ الْخِطَابُ ك) قَوْلِهِ لِمَنْ اسْمُهُ يَحْيَى أَوْ مُوسَى {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم: ١٢] أَوْ - {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى} [طه: ١٧]- (مُخَاطِبًا لِمَنْ اسْمُهُ ذَلِكَ) أَوْ لِمَنْ بِالْبَابِ - {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: ٩٧] .
-[فُرُوعٌ] سَمِعَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ جَلَّ جَلَالُهُ أَوْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَّى عَلَيْهِ، أَوْ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ فَقَالَ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ تَفْسُدُ إنْ قَصَدَ جَوَابَهُ، لَوْ سَمِعَ ذِكْرَ الشَّيْطَانِ فَلَعَنَهُ تَفْسُدُ وَقِيلَ لَا، وَلَوْ حَوْقَلَ لِدَفْعِ الْوَسْوَسَةِ إنْ لِأُمُورِ الدُّنْيَا تَفْسُدُ لَا لِأُمُورِ الْآخِرَةِ، وَلَوْ سَقَطَ شَيْءٌ مِنْ السَّطْحِ
ــ
[رد المحتار]
الْكَبِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) رَدٌّ عَلَى مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ تَصْحِيحِ عَدَمِ الْفَسَادِ فَإِنَّهُ تَصْحِيحٌ مُخَالِفٌ لِلْمَشْهُورِ وَعَلَى مَا فِي الْمُجْتَبَى مِنْ أَنَّهُ لَا فَسَادَ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَذْكَارِ الَّتِي يَقْصِدُ بِهَا الْجَوَابَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَالْفَتَاوَى، كَذَا فِي الْحِلْيَةِ وَالْبَحْرِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إلَخْ) بَيَانٌ لِوَجْهِ الْفَسَادِ عِنْدَهُمَا، فَإِنَّ الْمَنَاطَ كَوْنُهُ لَفْظًا أُفِيدَ بِهِ مَعْنًى لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ لَا كَوْنُهُ وُضِعَ لِإِفَادَةِ ذَلِكَ فَتْحٌ (قَوْلُهُ كُلُّ مَا قُصِدَ بِهِ الْجَوَابُ) أَيْ عِنْدَهُمَا لِصَيْرُورَةِ الثَّنَاءِ كَلَامَ النَّاسِ بِالْقَصْدِ كَخُرُوجِ الْقِرَاءَةِ بِقَصْدِ الْخِطَابِ، وَالْجَوَابُ بِمَا لَيْسَ بِثَنَاءٍ مُفْسِدٌ اتِّفَاقًا، كَذَا فِي غُرَرِ الْأَفْكَارِ، وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ حَيْثُ قَالَ: قَيَّدَ بِالتَّحْمِيدِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ الْجَوَابَ بِمَا لَيْسَ بِثَنَاءٍ مُفْسِدٌ اتِّفَاقًا. اهـ.
قُلْت: وَالْمُرَادُ بِمَا لَيْسَ بِثَنَاءٍ مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ، أَمَّا مَا كَانَ مِنْهُ إذَا قَصَدَ بِهِ الْجَوَابَ فَإِنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَنَاءً كَقَوْلِهِ {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ} [النحل: ٨] بِدَلِيلِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ النِّهَايَةِ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ مَا كَانَ ثَنَاءً أَوْ قُرْآنًا لَا يَتَغَيَّرُ بِالنِّيَّةِ. وَعِنْدَهُمَا يَتَغَيَّرُ، فَلَوْ قِيلَ مَا مَالُك؟ فَقَالَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْعَبِيدُ مَثَلًا فَسَدَتْ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ لَيْسَ قُرْآنًا وَلَا ثَنَاءً. أَمَّا لَوْ أَجَابَ عَنْ خَبَرٍ سَارٍّ. بِالتَّحْمِيدِ أَوْ مُعْجِبٍ بِالتَّسْبِيحِ أَوْ التَّهْلِيلِ لَا تَفْسُدُ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ ثَنَاءٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُرْآنًا. وَاحْتُرِزَ بِقَصْدِ الْجَوَابِ عَمَّا لَوْ سَبَّحَ لِمَنْ اسْتَأْذَنَهُ فِي الدُّخُولِ عَلَى قَصْدِ إعْلَامِهِ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ كَمَا يَأْتِي، أَوْ سَبَّحَ لِتَنْبِيهِ إمَامِهِ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَزِمَ تَغْيِيرُهُ بِالنِّيَّةِ عِنْدَهُمَا إلَّا أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْقِيَاسِ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «إذَا نَابَتْ أَحَدُكُمْ نَائِبَةً وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَلْيُسَبِّحْ» ، قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَمِمَّا أُلْحِقَ بِالْجَوَابِ مَا فِي الْمُجْتَبَى: لَوْ سَبَّحَ أَوْ هَلَّلَ يُرِيدُ زَجْرًا عَنْ فِعْلٍ أَوْ أَمْرًا بِهِ فَسَدَتْ عِنْدَهُمَا اهـ.
قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُسَبِّحْ وَلَكِنْ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ لَا تَفْسُدُ لِأَنَّهُ قَاصِدٌ الْقِرَاءَةَ، وَإِنَّمَا قَصَدَ الزَّجْرَ أَوْ الْأَمْرَ بِمُجَرَّدِ رَفْعِ الصَّوْتِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ الْخِطَابَ إلَخْ) هَذَا مُفْسِدٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَهُوَ مِمَّا أُورِدَ نَقْضًا عَلَى أَصْلِ أَبِي يُوسُفَ فَإِنَّهُ قُرْآنٌ لَمْ يُوضَعْ خِطَابًا لِمَنْ خَاطَبَهُ الْمُصَلِّي وَقَدْ أَخْرَجَهُ بِقَصْدِ الْخِطَابِ عَنْ كَوْنِهِ قُرْآنًا وَجَعَلَهُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ لِمَنْ اسْمُهُ يَحْيَى أَوْ مُوسَى) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مُخَاطِبًا لِمَنْ اسْمُهُ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَفْسُدُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُخَاطَبُ مُسَمًّى بِهَذَا الِاسْمِ إذَا قَصَدَ خِطَابَهُ (قَوْلُهُ أَوْ لِمَنْ بِالْبَابِ إلَخْ) لَعَلَّ وَجْهَ جَعْلِهِ مِنْ الْخِطَابِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَدَاةُ نِدَاءٍ وَلَا خِطَابٍ أَنَّهُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ اُدْخُلْ
[فُرُوعٌ سَمِعَ المصلي اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ جَلَّ جَلَالُهُ أَوْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى عَلَيْهِ]
(قَوْلُهُ تَفْسُدُ إنْ قَصَدَ جَوَابَهُ) ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ، إنْ أَرَادَ جَوَابَهُ تَفْسُدُ وَكَذَا لَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْإِجَابَةَ، وَكَذَلِكَ إذَا سَمِعَ اسْمَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَّى عَلَيْهِ فَهَذَا إجَابَةٌ. اهـ. وَيُشْكِلُ عَلَى هَذَا كُلِّهِ مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ فِيمَنْ سَمِعَ الْعَاطِسَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ تَأَمَّلْ وَاسْتُفِيدَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ الْجَوَابَ بَلْ قَصَدَ الثَّنَاءَ وَالتَّعْظِيمَ لَا تَفْسُدُ لِأَنَّ نَفْسَ تَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُنَافَى الصَّلَاةَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا) جَزَمَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْجَوَابَ وَإِلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute