السَّابِعَةُ لَا بُدَّ فِي الْقِصَاصِ مِنْ الدَّعْوَى، بِخِلَافِ الْحَدِّ سِوَى حَدِّ الْقَذْفِ اهـ. وَفِي الْقُنْيَةِ: نَظَرَ فِي بَابِ دَارِ رَجُلٍ فَفَقَأَ الرَّجُلُ عَيْنَهُ لَا يَضْمَنُ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ تَنْحِيَتُهُ مِنْ غَيْرِ فَقْئِهَا وَإِنْ أَمْكَنَهُ ضَمِنَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَضْمَنُ فِيهِمَا.
وَلَوْ أَدْخَلَ رَأْسَهُ فَرَمَاهُ بِحَجَرٍ فَفَقَأَهَا لَا يَضْمَنُ إجْمَاعًا، إنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَنْ نَظَرَ مِنْ خَارِجِهَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
بَابُ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ (وَهُوَ فِي كُلِّ مَا يُمْكِنُ فِيهِ رِعَايَةُ حِفْظِ الْمُمَاثَلَةِ) وَحِينَئِذٍ (فَيُقَادُ قَاطِعُ الْيَدِ عَمْدًا مِنْ الْمَفْصِلِ) فَلَوْ الْقَطْعُ مِنْ نِصْفِ سَاعِدٍ أَوْ سَاقٍ
ــ
[رد المحتار]
الْعَفْوُ عَنْ ذَنْبٍ لَيْسَ فِيهِ حَدٌّ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُذْنِبُ مُصِرًّا، فَإِنْ كَانَ مُصِرًّا لَا يَجُوزُ حَتَّى يَرْتَدِعَ عَنْ الذَّنْبِ وَالْإِصْرَارِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَةِ الْحَمَوِيِّ عَنْ شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلْإِمَامِ النَّوَوِيِّ (قَوْلُهُ السَّابِعَةُ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ: تُسْمَعُ الشَّهَادَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى فِي الْحَدِّ الْخَالِصِ وَالْوَقْفِ وَعِتْقِ الْأَمَةِ وَحُرِّيَّتِهَا الْأَصْلِيَّةِ، وَفِيمَا تَمَحَّضَ لِلَّهِ تَعَالَى كَرَمَضَانَ؛ وَفِي الطَّلَاقِ وَالْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ اهـ (قَوْلُهُ سِوَى حَدِّ الْقَذْفِ) وَكَذَا حَدُّ السَّرِقَةِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي مَحَلِّهِ إنَّ طَلَبَ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ الْمَالَ شَرْطُ الْقَطْعِ، فَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ مَالَ الْغَائِبِ تَوَقَّفَ عَلَى حُضُورِهِ وَمُخَاصَمَتِهِ. [تَنْبِيهٌ]
زَادَ الْحَمَوِيُّ ثَامِنَةً، وَهِيَ اشْتِرَاطُ الْإِمَامِ لِاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ دُونَ الْقِصَاصِ. قَالَ أَبُو السُّعُودِ وَيُزَادُ تَاسِعَةٌ وَهِيَ جَوَازُ الِاعْتِيَاضِ فِي الْقِصَاصِ بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ حَتَّى لَوْ دَفَعَ الْقَاذِفُ مَالًا لِلْمَقْذُوفِ لِيُسْقِطَ حَقَّهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ اهـ.
أَقُولُ: وَيُزَادُ عَاشِرَةٌ، وَهِيَ صِحَّةُ رُجُوعِهِ عَنْ الْإِقْرَارِ فِي الْحَدِّ (قَوْلُهُ لَا يَضْمَنُ إجْمَاعًا) ؛ لِأَنَّهُ شَغَلَ مِلْكَهُ؛ كَمَا لَوْ قَصَدَ أَخْذَ ثِيَابِهِ فَدَفَعَهُ حَتَّى قَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْ مِنَحٌ عَنْ الْقُنْيَةِ. وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ: وَمَنْ نَظَرَ فِي بَيْتِ إنْسَانٍ مِنْ ثَقْبٍ أَوْ شَقِّ بَابٍ أَوْ نَحْوِهِ فَطَعَنَهُ صَاحِبُ الدَّارِ بِخَشَبَةٍ أَوْ رَمَاهُ بِحَصَاةٍ فَفَقَأَ عَيْنَهُ يَضْمَنُ عِنْدَنَا. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَضْمَنُ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْك بِغَيْرِ إذْنٍ فَحَذَفْته بِحَصَاةٍ وَفَقَأْت عَيْنَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْك جُنَاحٌ» .
وَلَنَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فِي الْعَيْنِ نِصْفُ الدِّيَةِ» وَهُوَ عَامٌّ، وَلِأَنَّ مُجَرَّدَ النَّظَرِ إلَيْهِ لَا يُبِيحُ الْجِنَايَةَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ نَظَرَ مِنْ الْبَابِ الْمَفْتُوحِ وَكَمَا لَوْ دَخَلَ بَيْتَهُ وَنَظَرَ فِيهِ أَوْ نَالَ مِنْ امْرَأَتِهِ مَا دُونَ الْفَرَجِ لَمْ يَجُزْ قَلْعُ عَيْنِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ» الْحَدِيثُ يَقْتَضِي عَدَمَ سُقُوطِ عِصْمَتِهِ، وَالْمُرَادُ بِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ الْمُبَالَغَةُ فِي الزَّجْرِ عَنْ ذَلِكَ اهـ وَمِثْلُهُ فِي ط عَنْ الشُّمُنِّيِّ، وَقَوْلُهُ وَكَمَا لَوْ دَخَلَ بَيْتَهُ إلَخْ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا ذَكَرَهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَنْحِيَتُهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا أَمْكَنَ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[بَابُ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ]
ِ لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ أَتْبَعَهُ بِمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ التَّبَعِ وَهُوَ الْقِصَاصُ فِي الْأَطْرَافِ عِنَايَةٌ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُقَادُ جُرْحٌ إلَّا بَعْدَ بُرْئِهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الشِّجَاجِ (قَوْلُهُ رِعَايَةُ حِفْظِ الْمُمَاثَلَةِ) الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمَتْنِ، فَإِنَّ الرِّعَايَةَ الْحِفْظُ ط (قَوْلُهُ فَيُقَادُ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ الضَّرْبُ بِسِلَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ، لِمَا قَدَّمَهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ شِبْهُ عَمْدٍ (قَوْلُهُ مِنْ الْمَفْصِلِ) وِزَانُ مَسْجِدٍ أَحَدُ مَفَاصِلِ الْأَعْضَاءِ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ مِنْ نِصْفِ سَاعِدٍ إلَخْ)