للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَيَصِحُّ مِنْ حُرٍّ مُكَلَّفٍ) وَلَوْ سَكْرَانَ أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مُخْطِئًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ لَا يَعْلَمُ بِأَنَّهُ مَمْلُوكُهُ كَقَوْلِ الْغَاصِبِ لِلْمَالِكِ أَوْ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي أَعْتِقْ عَبْدِي هَذَا وَأَشَارَ إلَى الْمَبِيعِ عَتَقَ، لَا مِنْ صَبِيٍّ وَمَعْتُوهٍ وَمَدْهُوشٍ وَمُبَرْسَمٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَمَجْنُونٍ وَنَائِمٍ كَمَا لَا يَصِحُّ طَلَاقُهُمْ؛ وَلَوْ أَسْنَدَهُ لِحَالَةٍ مِمَّا ذُكِرَ أَوْ قَالَ وَأَنَا حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَقَدْ عَلِمَ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ لَهُ (فِي مِلْكِهِ) وَلَوْ رَقَبَةً كَمُكَاتَبٍ، وَخَرَجَ عِتْقُ الْحَمْلِ إذَا وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ (وَلَوْ لِأَقَلَّ صَحَّ وَلَوْ بِإِضَافَتِهِ إلَيْهِ)

ــ

[رد المحتار]

أَوْ يَخَافُ مِنْهُ السَّرِقَةَ وَقَطْعَ الطَّرِيقِ، وَيَنْفُذُ عِتْقُهُ مَعَ تَحْرِيمِهِ خِلَافًا لِلظَّاهِرِيَّةِ. قَالَ: وَفِي عِتْقِ الْعَبْدِ الذِّمِّيِّ مَا لَمْ يَخَفْ مِنْهُ مَا ذَكَرْنَا أَجْرٌ لِتَحْصِيلِ الْجِزْيَةِ مِنْهُ لِلْمُسْلِمِينَ. .

[فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكْتُبَ لِلْعِتْقِ كِتَابًا وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ شُهُودًا] ١

[فَرْعٌ] فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكْتُبَ لِلْعِتْقِ كِتَابًا، وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ شُهُودًا تَوْثِيقًا وَصِيَانَةً عَنْ التَّجَاحُدِ وَالتَّنَازُعِ فِيهِ كَمَا فِي الْمُدَايَنَةِ، بِخِلَافِ سَائِرِ التِّجَارَاتِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَكْثُرُ وُقُوعُهَا، فَالْكِتَابَةُ فِيهَا تُؤَدِّي إلَى الْحَرَجِ وَلَا كَذَلِكَ الْعِتْقُ.

(قَوْلُهُ وَيَصِحُّ مِنْ حُرٍّ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ عَبْدٍ وَلَوْ مُكَاتَبًا لِمَنْعِهِ عَنْ التَّبَرُّعَاتِ أَوْ مَأْذُونًا لِذَلِكَ وَلِعَدَمِ الْمِلْكِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ ذِكْرِ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ مُكَلَّفٍ) أَيْ عَاقِلٍ بَالِغٍ، وَمُحْتَرَزُهُ قَوْلُهُ لَا مِنْ صَبِيٍّ إلَخْ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْإِسْلَامَ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ وَلَوْ مُرْتَدًّا. أَمَّا إعْتَاقُ الْمُرْتَدِّ فَمَوْقُوفٌ عِنْدَهُ نَافِذٌ عِنْدَهُمَا، وَلَا قَبُولَ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ شَرْطٍ إلَّا فِي الْإِعْتَاقِ عَلَى مَالٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ فِي بَابِهِ بَحْرٌ، وَلَا النُّطْقَ بِاللِّسَانِ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ بِالْكِتَابَةِ الْمُسْتَبِينَةِ وَالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ بَدَائِعُ أَيْ مِنْ الْأَخْرَسِ (قَوْلُهُ وَلَوْ سَكْرَانَ أَوْ مُكْرَهًا إلَخْ) سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ التَّصْرِيحُ بِهَذَيْنِ، لَكِنْ ذَكَرَهُمَا تَتْمِيمًا لِلتَّعْمِيمِ فَإِنَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ صَاحِيًا أَوْ طَائِعًا أَوْ عَامِدًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ عَالِمًا بِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ؛ لِأَنَّ السَّكْرَانَ بِمَحْظُورٍ غَيْرُ مَعْذُورٍ فَهُوَ فِي حُكْمِ الصَّاحِي فِي الْأَحْكَامِ.

وَالْمُكْرَهُ اخْتَارَ أَيْسَرَ الْأَمْرَيْنِ فَكَانَ قَاصِدًا لَهُ وَإِنَّ عَدَمَ الرِّضَا وَمَا صَحَّ مَعَ الْهَزْلِ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْإِكْرَاهُ لِعَدَمِ تَوَقُّفِهِ عَلَى الرِّضَا وَلِذَا صَحَّ مِنْ الْمُخْطِئِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَأَشَارَ إلَى الْمَبِيعِ) فِيهِ اكْتِفَاءٌ وَالْأَصْلُ أَوْ إلَى الْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ عَتَقَ) أَيْ إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمَالِكُ أَعْتَقْتُهُ، وَيَكُونُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْقَبْضِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ وَبِمَنْزِلَةِ الْقَبْضِ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ شَيْءٌ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَمَعْتُوهٍ إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الطَّلَاقِ بَيَانُ مَعَانِيهَا فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ وَمَجْنُونٍ) أَيْ فِي حَالِ جُنُونِهِ، حَتَّى لَوْ كَانَ يُجَنُّ وَيُفِيقُ فَأَعْتَقَ فِي حَالَ إفَاقَتِهِ يَصِحُّ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ وَأَنَا حَرْبِيٌّ إلَخْ) كَوْنُهُ حَرْبِيًّا غَيْرَ قَيْدٍ بَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْعَبْدِ حَرْبِيًّا فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ إلَّا بِالتَّخْلِيَةِ، بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ كَمَا يَذْكُرُهُ.

(قَوْلُهُ وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ) أَيْ عُلِمَ مِنْهُ وُقُوعُ الْعَتَهِ وَنَحْوِهِ، وَكَوْنُهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ. وَأَمَّا الصِّبَا وَالنَّوْمُ فَمَعْلُومَانِ قَطْعًا، لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ تَصْدِيقِهِ فِيهِمَا بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ مِلْكَهُ لَهُ بَعْدَ صِبَاهُ وَبَعْدَ إفَاقَتِهِ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لَهُ) وَهَلْ يَحْلِفُ إذَا طَلَبَ الْعَبْدُ تَحْلِيفَهُ يُحَرَّرُ ط. قُلْت: كُلُّ مَنْ إذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ لَزِمَهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ رَجَاءَ نُكُولِهِ إلَّا فِي اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ تَأْتِي قُبَيْلَ الْبُيُوعِ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا (قَوْلُهُ فِي مِلْكِهِ) خَرَجَ إعْتَاقُ غَيْرِ الْمَمْلُوكِ، وَلَا يَرِدُ عِتْقُ الْفُضُولِيِّ الْمُجَازُ كَمَا تَوَهَّمَهُ فِي الْبَحْرِ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ اللَّاحِقَةَ كَالْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ إذَا وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) أَيْ مِنْ وَقْتِ الْعِتْقِ لِعَدَمِ التَّيَقُّنِ بِوُجُودِهِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِإِضَافَةٍ إلَيْهِ) أَيْ بِإِضَافَةِ الْعِتْقِ إلَى الْمِلْكِ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الشَّرْطَ وُجُودُ الْمِلْكِ وَقْتَ وُقُوعِ الْعِتْقِ، فَإِنْ كَانَ مُنْجَزًا اُشْتُرِطَ وُجُودُ الْمِلْكِ وَقْتَ التَّنْجِيزِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُقُوعِ وَإِنْ كَانَ مُعَلَّقًا بِالْمِلْكِ أَوْ سَبَبِهِ اُشْتُرِطَ تَحَقُّقُ ذَلِكَ فَيَنْزِلُ الْجَزَاءُ وَقْتَ الْمِلْكِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>