للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الْمَصْرِفِ أَيْ مَصْرِفِ الزَّكَاةِ وَالْعُشْرِ، وَأَمَّا خُمُسُ الْمَعْدِنِ فَمَصْرِفُهُ كَالْغَنَائِمِ (هُوَ فَقِيرٌ، وَهُوَ مَنْ لَهُ أَدْنَى شَيْءٍ) أَيْ دُونَ نِصَابٍ أَوْ قَدْرُ نِصَابٍ غَيْرِ نَامٍ مُسْتَغْرِقٍ فِي الْحَاجَةِ.

(وَمِسْكِينٌ مَنْ لَا شَيْءَ لَهُ) عَلَى الْمَذْهَبِ، - لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: ١٦]- وَآيَةُ السَّفِينَةِ لِلتَّرَحُّمِ

(وَعَامِلٌ) يَعُمُّ السَّاعِيَ وَالْعَاشِرَ (فَيُعْطَى) وَلَوْ غَنِيًّا لَا هَاشِمِيًّا لِأَنَّهُ فَرَّغَ نَفْسَهُ لِهَذَا

ــ

[رد المحتار]

[بَابُ مَصْرِفِ الزَّكَاةِ وَالْعُشْرِ]

بَابُ الْمَصْرِفِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَصْرِفِ الزَّكَاةِ وَالْعُشْرِ) يُشِيرُ إلَى وَجْهِ مُنَاسَبَتِهِ هُنَا، وَالْمُرَادُ بِالْعُشْرِ مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ كَمَا مَرَّ فَيَشْمَلُ الْعُشْرَ وَنِصْفَهُ الْمَأْخُوذَيْنِ مِنْ أَرْضِ الْمُسْلِمِ وَرُبْعَهُ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ إذَا مَرَّ عَلَى الْعَاشِرِ أَفَادَهُ ح. وَهُوَ مَصْرِفٌ أَيْضًا لِصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الصَّدَقَاتِ الْوَاجِبَةِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا خُمُسُ الْمَعْدِنِ) بَيَانٌ لِوَجْهِ اقْتِصَارِهِ عَلَى الزَّكَاةِ وَالْعُشْرِ وَأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ ذِكْرَهُ مَعَهُمَا وَإِنْ ذَكَرَهُ فِي الْعِنَايَةِ وَالْمِعْرَاجِ وَالْأَوْلَى كَمَا قَالَ ح وَأَمَّا خُمُسُ الرِّكَازِ لِيَشْمَلَ الْكَنْزَ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَعْدِنِ فِي الْمَصْرِفِ (قَوْلُهُ: هُوَ فَقِيرٌ) قَدَّمَهُ تَبَعًا لِلْآيَةِ وَلِأَنَّ الْفَقْرَ شَرْطٌ فِي جَمِيعِ الْأَصْنَافِ إلَّا الْعَامِلَ وَالْمُكَاتَبَ وَابْنَ السَّبِيلِ ط (قَوْلُهُ: أَدْنَى شَيْءٍ) الْمُرَادُ بِالشَّيْءِ النِّصَابُ النَّامِي وَبِأَدْنَى مَا دُونَهُ فَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. وَالْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ مَنْ لَا يَمْلِكُ نِصَابًا نَامِيًا لِيَدْخُلَ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْمُرَادَ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ لِرَدِّ مَا قِيلَ إنَّهُمَا صِنْفٌ وَاحِدٌ لَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْغَنِيِّ لِلْعِلْمِ بِتَحَقُّقِ عَدَمِ الْغِنَى فِيهِمَا أَيْ عَدَمِ مِلْكِ النِّصَابِ النَّامِي، فَذَكَرَ أَنَّ الْمِسْكِينَ مَنْ لَا شَيْءَ لَهُ أَصْلًا وَالْفَقِيرُ مَنْ يَمْلِكُ شَيْئًا وَإِنْ قَلَّ فَاقْتِصَارُهُ عَلَى الْأَدْنَى؛ لِأَنَّهُ غَايَةُ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّمْيِيزُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الْفَقِيرُ لِلْمِسْكِينِ لَا لِلْغَنِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ دُونَ نِصَابٍ) أَيْ نَامٍ فَاضِلٌ عَنْ الدَّيْنِ، فَلَوْ مَدْيُونًا فَهُوَ مَصْرِفٌ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: مُسْتَغْرِقٌ فِي الْحَاجَةِ) كَدَارِ السُّكْنَى وَعَبِيدِ الْخِدْمَةِ وَثِيَابِ الْبِذْلَةِ وَآلَاتِ الْحِرْفَةِ وَكُتُبِ الْعِلْمِ لِلْمُحْتَاجِ إلَيْهَا تَدْرِيسًا أَوْ حِفْظًا أَوْ تَصْحِيحًا كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الزَّكَاةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ النِّصَابَ قِسْمَانِ: مُوجِبٌ لِلزَّكَاةِ وَهُوَ النَّامِي الْخَالِي عَنْ الدَّيْنِ. وَغَيْرُ مُوجِبٍ لَهَا وَهُوَ غَيْرُهُ، فَإِنْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا بِالْحَاجَةِ لِمَالِكِهِ أَبَاحَ أَخْذَهُمَا وَإِلَّا حَرَّمَهُ وَأَوْجَبَ غَيْرَهُمَا مِنْ صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ الْمَحْرَمِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: مَنْ لَا شَيْءَ لَهُ) فَيَحْتَاجُ إلَى الْمَسْأَلَةِ لِقُوتِهِ وَمَا يُوَارِي بَدَنَهُ وَيَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ يَحِلُّ صَرْفُ الزَّكَاةِ لِمَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ الْمَسْأَلَةُ بَعْدَ كَوْنِهِ فَقِيرًا فَتْحٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) مِنْ أَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْفَقِيرِ، وَقِيلَ عَلَى الْعَكْسِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ بَحْرٌ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ السَّلَفِ إسْمَاعِيلُ. وَأَفْهَمَ بِالْعَطْفِ أَنَّهُمَا صِنْفَانِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَقَالَ الثَّانِي صِنْفٌ وَاحِدٌ وَأَثَرُ الْخِلَافِ يَظْهَرُ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِزَيْدٍ وَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَوْ وَقَفَ كَذَلِكَ كَانَ لِزَيْدٍ الثُّلُثُ وَلِكُلِّ صِنْفٍ ثُلُثٌ عِنْدَهُ وَقَالَ الثَّانِي لِزَيْدٍ النِّصْفُ وَلَهُمَا النِّصْفُ، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: ١٦] أَيْ أَلْصَقَ جِلْدَهُ بِالتُّرَابِ مُحْتَفِرًا حُفْرَةً جَعَلَهَا إزَارَهُ لِعَدَمِ مَا يُوَارِيهِ أَوْ أَلْصَقَ بَطْنَهُ بِهِ مِنْ الْجُوعِ، وَتَمَامُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ مَوْقُوفٌ عَلَى أَنَّ الصِّفَةَ كَاشِفَةٌ وَالْأَكْثَرُ خِلَافُهُ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَآيَةُ السَّفِينَةِ لِلتَّرَحُّمِ) جَوَابٌ عَمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَائِلُ بِأَنَّ الْفَقِيرَ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْمِسْكِينِ حَيْثُ أَثْبَتَ لِلْمَسَاكِينِ سَفِينَةً. وَالْجَوَابُ أَنَّهُ قِيلَ لَهُمْ مَسَاكِينُ تَرَحُّمًا. وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ لَهُمْ بَلْ هُمْ أُجَرَاءُ فِيهَا أَوْ عَارِيَّةٌ لَهُمْ فَتْحٌ أَيْ فَاللَّامُ فِي كَانَتْ لِمَسَاكِينَ لِلِاخْتِصَاصِ لَا لِلْمِلْكِ.

(قَوْلُهُ: يَعُمُّ السَّاعِيَ) هُوَ مَنْ يَسْعَى فِي الْقَبَائِلِ لِجَمْعِ صَدَقَةِ السَّوَائِمِ وَالْعَاشِرُ مَنْ نَصَبَهُ الْإِمَامُ عَلَى الطُّرُقِ لِيَأْخُذَ الْعُشْرَ وَنَحْوَهُ مِنْ الْمَارَّةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فَرَّغَ نَفْسَهُ) أَيْ فَهُوَ يَسْتَحِقُّهُ عِمَالَةً، أَلَا تَرَى أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>