للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَثَالِثُهَا خَرَاجٌ مَعَ عُشُورٍ ... وَجَالِيَةٌ يَلِيهَا الْعَامِلُونَا

وَرَابِعُهَا الضَّوَائِعُ مِثْلُ مَا لَا ... يَكُونُ لَهُ أُنَاسٌ وَارِثُونَا

فَمَصْرِفُ الْأَوَّلِينَ أَتَى بِنَصٍّ ... وَثَالِثُهَا حَوَاهُ مُقَاتِلُونَا

وَرَابِعُهَا فَمَصْرِفُهُ جِهَاتٌ ... تَسَاوَى النَّفْعَ فِيهَا الْمُسْلِمُونَا

ــ

[رد المحتار]

إلَيْهِ أَوْ أَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَى الْغَنَائِمِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا نَفْسُ الْأَوَّلِ أَيْ وَثَانِيهَا بَيْتُ أَمْوَالِ الْمُتَصَدِّقِينَ أَيْ زَكَاةِ السَّوَائِمِ وَعُشُورِ الْأَرَاضِي وَمَا أَخَذَهُ الْعَاشِرُ مِنْ تُجَّارِ الْمُسْلِمِينَ الْمَارِّينَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: وَثَالِثُهَا إلَخْ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ:

الثَّالِثُ: خَرَاجُ الْأَرَاضِيِ وَجِزْيَةُ الرُّءُوسِ وَمَا صُولِحَ عَلَيْهِ بَنُو نَجْرَانَ مِنْ الْحُلَلِ وَبَنُو تَغْلِبَ مِنْ الصَّدَقَةِ الْمُضَاعَفَةِ، وَمَا أَخَذَ الْعَشَّارُ مِنْ تُجَّارِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْمُسْتَأْمَنِينَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ اهـ زَادَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَتِهِ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ وَهَدِيَّةِ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَمَا أُخِذَ مِنْهُمْ بِغَيْرِ قِتَالٍ وَمَا صُولِحُوا عَلَيْهِ لِتَرْكِ الْقِتَالِ قَبْلَ نُزُولِ الْعَسْكَرِ بِسَاحَتِهِمْ، فَقَوْلُهُ مَعَ عُشُورِ الْمُرَادِ بِهِ مَا يَأْخُذُهُ الْعَاشِرُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْمُسْتَأْمَنِينَ فَقَطْ بِقَرِينَةِ ذِكْرِهِ مَعَ الْخَرَاجِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِهِ أَوْ هُوَ خَرَاجٌ حَقِيقَةً كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِهِ بِخِلَافِ مَا يَأْخُذُهُ مِنَّا فَإِنَّهُ زَكَاةٌ حَقِيقَةً أَدْخَلَهُ فِي قَوْلِهِ الْمُتَصَدِّقُونَ كَمَا مَرَّ فَافْهَمْ، وَقَوْلُهُ وَجَالِيَةٌ هُمْ أَهْلُ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَجْلَاهُمْ مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ: أَيْ أَخْرَجَهُمْ مِنْهَا ثُمَّ صَارَ يُسْتَعْمَلُ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِي الْجِزْيَةِ الَّتِي يَلِيهَا الْعَامِلُونَ أَيْ يَلِي أَمْرَهَا عُمَّالُ الْإِمَامِ، وَكَأَنَّ النَّاظِمَ أَدْخَلَ فِيهَا مَا يُؤْخَذُ مِنْ بَنِي نَجْرَانَ وَبَنِي تَغْلِبَ وَمَا أُخِذَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مِنْ هَدِيَّةٍ أَوْ صُلْحٍ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى جِزْيَةِ رُءُوسِهِمْ.

(قَوْلُهُ: الضَّوَائِعُ) جَمْعُ ضَائِعَةٍ أَيْ اللُّقَطَاتُ، وَقَوْلُهُ: مِثْلُ مَا لَا إلَخْ مِثْلُ تَرِكَةٍ لَا وَارِثَ لَهَا أَصْلًا أَوْ لَهَا وَارِثٌ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ كَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَالْأَظْهَرُ جَعْلُهُ مَعْطُوفًا عَلَى الضَّوَائِعِ بِإِسْقَاطِ الْعَطْفِ؛ لِأَنَّ مِنْ هَذَا النَّوْعِ مَا نَقَلَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ دِيَةُ مَقْتُولٍ لَا وَلِيَّ لَهُ لَكِنَّ الدِّيَةَ مِنْ جُمْلَةِ تَرِكَةِ الْمَقْتُولِ وَلِذَا تُقْضَى مِنْهَا دُيُونُهُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَمَصْرُوفُ الْأَوَّلِينَ إلَخْ) بِنَقْلِ حَرَكَةِ الْهَمْزَةِ إلَى اللَّامِ لِضَرُورَةِ الْوَزْنِ أَيْ بَيْتِ الْخُمُسِ وَبَيْتِ الصَّدَقَاتِ، وَالنَّصُّ فِي الْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} [الأنفال: ٤١] الْآيَةَ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْجِهَادِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي الثَّانِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: ٦٠] الْآيَةَ وَيَأْتِي بَيَانُهُ قَرِيبًا.

(قَوْلُهُ: وَثَالِثُهَا حَوَاهُ مُقَاتِلُونَا) الَّذِي فِي الْهِدَايَةِ وَعَامَّةِ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ أَنَّهُ يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِنَا كَسَدِّ الثُّغُورِ وَبِنَاءِ الْقَنَاطِرِ وَالْجُسُورِ وَكِفَايَةِ الْعُلَمَاءِ وَالْقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ وَرِزْقِ الْمُقَاتِلَةِ وَذَرَارِيِّهِمْ. اهـ.

أَيْ ذَرَارِيِّ الْجَمِيعِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ: وَرَابِعُهَا فَمَصْرِفُهُ جِهَاتٌ إلَخْ) مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلَهُ ابْنُ الضِّيَاءِ فِي شَرْحِ الْغَزْنَوِيَّةِ عَنْ الْبَزْدَوِيِّ مِنْ أَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى الْمَرْضَى وَالزَّمْنَى وَاللَّقِيطِ وَعِمَارَةِ الْقَنَاطِرِ وَالرِّبَاطَاتِ وَالثُّغُورِ وَالْمَسَاجِدِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. اهـ.

وَلَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالزَّيْلَعِيِّ أَفَادَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ أَيْ فَإِنَّ الَّذِي فِي الْهِدَايَةِ وَعَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّ الَّذِي يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ هُوَ الثَّالِثُ كَمَا مَرَّ.

وَأَمَّا الرَّابِعُ فَمَصْرِفُهُ الْمَشْهُورُ هُوَ اللَّقِيطُ الْفَقِيرُ وَالْفُقَرَاءُ الَّذِينَ لَا أَوْلِيَاءَ لَهُمْ فَيُعْطَى مِنْهُ نَفَقَتَهُمْ وَأَدْوِيَتَهُمْ وَكَفَنَهُمْ وَعَقْلَ جِنَايَتِهِمْ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَصْرِفَهُ الْعَاجِزُونَ الْفُقَرَاءُ فَلَوْ ذَكَرَ النَّاظِمُ الرَّابِعَ مَكَانَ الثَّالِثِ ثُمَّ قَالَ وَثَالِثُهَا حَوَاهُ عَاجِزُونَا وَرَابِعُهَا فَمَصْرِفُهُ إلَخْ لَوَافَقَ مَا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ (قَوْلُهُ: تَسَاوَى) فِعْلٌ مَاضٍ وَالنَّفْعُ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ كَطِبْت النَّفْسَ أَيْ تَسَاوَى الْمُسْلِمُونَ فِيهَا مِنْ جِهَةِ النَّفْعِ. اهـ. ح وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>