للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالْحُرِّ وَالْبَيْعِ بِهِ) أَيْ جَعْلِهِ ثَمَنًا بِإِدْخَالِ الْبَاءِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ رُكْنَ الْبَيْعِ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ وَلَمْ يُوجَدْ.

(وَالْمَعْدُومِ كَبَيْعِ حَقِّ التَّعَلِّي) أَيْ عُلْوٍ سَقَطَ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ.

، وَمِنْهُ بَيْعُ مَا أَصْلُهُ غَائِبٌ كَجَزَرٍ وَفُجْلٍ، أَوْ بَعْضُهُ مَعْدُومٌ كَوَرْدٍ وَيَاسَمِينٍ وَوَرَقِ فِرْصَادٍ. وَجَوَّزَهُ مَالِكٌ لِتَعَامُلِ النَّاسِ، وَبِهِ أَفْتَى بَعْضُ مَشَايِخِنَا عَمَلًا بِالِاسْتِحْسَانِ، هَذَا إذَا نَبَتَ وَلَمْ يُعْلَمْ وُجُودُهُ، فَإِذَا عُلِمَ جَازَ وَلَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَتَكْفِي رُؤْيَةُ الْبَعْضِ عِنْدَهُمَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى شَرْحُ مَجْمَعٍ.

ــ

[رد المحتار]

أَطْلَقَ الْجَوَازَ اهـ فَتَأَمَّلْ، وَيَأْتِي لَهُ مَزِيدُ بَيَانٍ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى بَيْعِ دُودِ الْقَزِّ وَالْعَلَقِ (قَوْلُهُ وَالْبَيْعِ بِهِ) أَيْ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ.

(قَوْلُهُ وَالْمَعْدُومُ كَبَيْعِ حَقِّ التَّعَلِّي) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَإِذَا كَانَ السُّفْلُ لِرَجُلٍ وَعُلْوُهُ لِآخَرَ فَسَقَطَا أَوْ سَقَطَ الْعُلْوُ وَحْدَهُ فَبَاعَ صَاحِبُ الْعُلْوِ عُلْوَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ حِينَئِذٍ لَيْسَ إلَّا حَقُّ التَّعَلِّي، وَحَقُّ التَّعَلِّي لَيْسَ بِمَالٍ؛ لِأَنَّ الْمَالَ عَيْنٌ يُمْكِنُ إحْرَازُهَا وَإِمْسَاكُهَا وَلَا هُوَ حَقٌّ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَالِ بَلْ هُوَ حَقٌّ مُتَعَلِّقٌ بِالْهَوَاءِ، وَلَيْسَ الْهَوَاءُ مَالًا يُبَاعُ وَالْمَبِيعُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَحَدَهُمَا، بِخِلَافِ الشُّرْبِ حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُهُ تَبَعًا لِلْأَرْضِ، فَلَوْ بَاعَهُ قَبْلَ سُقُوطِهِ جَازَ، فَإِنْ سَقَطَ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْبَيْعُ لِهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَيْعَ الْعُلْوِ صَحِيحٌ قَبْلَ سُقُوطِهِ لَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ بَعْدَ سُقُوطِهِ بَيْعٌ لِحَقِّ التَّعَلِّي وَهُوَ لَيْسَ بِمَالٍ، وَلِذَا عَبَّرَ فِي الْكَنْزِ بِقَوْلِهِ وَعُلْوٌ سَقَطَ، وَعَبَّرَ فِي الدُّرَرِ بِحَقِّ التَّعَلِّي؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِ الْكَنْزِ وَعُلْوٌ سَقَطَ كَمَا عَلِمْته مِنْ عِبَارَةِ الْفَتْحِ، فَالْمُرَادُ مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ وَاحِدٌ؛ فَلِذَا فَسَّرَ الشَّارِحُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ اخْتِلَافِ الْمُرَادِ مِنْهُمَا فَافْهَمْ.

[تَنْبِيهٌ] لَوْ كَانَ الْعُلْوُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ فَقَالَ بِعْتُك عُلْوَ هَذَا السُّفْلِ بِكَذَا صَحَّ وَيَكُونُ سَطْحُ السُّفْلِ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَلِلْمُشْتَرِي حَقُّ الْقَرَارِ، حَتَّى لَوْ انْهَدَمَ الْعُلْوُ كَانَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ عُلْوًا آخَرَ مِثْلَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ السُّفْلَ اسْمٌ لِمَبْنِيٍّ مُسَقَّفٍ فَكَانَ سَطْحُ السُّفْلِ سَقْفًا لِلسُّفْلِ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالْمَعْدُومُ أَفَادَهُ ط.

[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَغِيبِ فِي الْأَرْضِ]

(قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ بَيْعِ الْمَعْدُومِ.

مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَغِيبِ فِي الْأَرْضِ (قَوْلُهُ بَيْعُ مَا أَصْلُهُ غَائِبٌ) أَيْ مَا يَنْبُتُ فِي بَاطِنِ الْأَرْضِ، وَهَذَا إذَا كَانَ لَمْ يَنْبُتْ أَوْ نَبَتَ وَلَمْ يُعْلَمْ وُجُودُهُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَإِلَّا جَازَ بَيْعُهُ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَفُجْلٌ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَبِضَمَّتَيْنِ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ كَوَرْدٍ وَيَاسَمِينٍ) فَإِنَّهُ يَخْرُجُ بِالتَّدْرِيجِ ط (قَوْلُهُ وَوَرَقِ فِرْصَادٍ) قِيلَ هُوَ التُّوتُ الْأَحْمَرُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هُوَ التُّوتُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: قَالَ اللَّيْثُ: الْفِرْصَادُ الشَّجَرُ مَعْرُوفٌ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ وَبِهِ أَفْتَى بَعْضُ مَشَايِخِنَا) بِالْيَاءِ فِي مَشَايِخَ لَا بِالْهَمْزَةِ. قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَأَفْتَى الْعُقَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ بِجَوَازِهِ بِتَبَعِيَّةِ الْمَوْجُودِ إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْمَعْدُومِ اهـ ط.

قُلْت: وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي فَصْلِ مَا يَدْخُلُ تَبَعًا (قَوْلُهُ هَذَا إذَا نَبَتَ إلَخْ) الْإِشَارَةُ إلَى قَوْلِهِ مَا أَصْلُهُ غَائِبٌ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ هَذَا إذَا لَمْ يَنْبُتْ أَوْ نَبَتَ وَلَمْ يُعْلَمْ وُجُودُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فِيهِمَا كَمَا فِي ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ (قَوْلُهُ وَلَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ إلَخْ) قَالَ فِي الْهِنْدِيَّةِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي الْأَرْضِ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ بَعْدَ الْقَلْعِ كَالثُّومِ وَالْجَزَرِ وَالْبَصَلِ فَقَلَعَ الْمُشْتَرِي شَيْئًا بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَوْ قَلَعَ الْبَائِعُ، إنْ كَانَ الْمَقْلُوعُ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ إذَا رَأَى الْمَقْلُوعَ وَرَضِيَ بِهِ لَزِمَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ وَتَكُونُ رُؤْيَةُ الْبَعْضِ كَرُؤْيَةِ الْكُلِّ إذَا وَجَدَ الْبَاقِي كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْلُوعُ شَيْئًا يَسِيرًا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَزْنِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَإِنْ كَانَ يُبَاعُ بَعْدَ الْقَلْعِ عَدَدًا كَالْفُجْلِ فَقَلَعَ الْبَائِعُ أَوْ قَلَعَ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ لَا يَلْزَمُ الْكُلُّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ بِمَنْزِلَةِ الثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ، وَإِنْ قَلَعَهُ بِلَا إذْنِ الْبَائِعِ لَزِمَهُ الْكُلُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ شَيْئًا يَسِيرًا، وَإِنْ أَبَى كُلَّ الْقَلْعِ تَبَرَّعَ مُتَبَرِّعٌ بِالْقَلْعِ أَوْ فَسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ اهـ ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>