(وَفَسَدَ) بَيْعُ (مَا سُكِتَ) أَيْ وَقَعَ السُّكُوتُ (فِيهِ عَنْ الثَّمَنِ) كَبَيْعِهِ بِقِيمَتِهِ
(وَ) فَسَدَ (بَيْعُ عَرْضٍ) هُوَ الْمَتَاعُ الْقِيَمِيُّ، ابْنُ كَمَالٍ (بِخَمْرٍ وَعَكْسُهُ) فَيَنْعَقِدُ فِي الْعَرْضِ لَا الْخَمْرِ كَمَا مَرَّ
(وَ) فَسَدَ (بَيْعُهُ) أَيْ الْعَرْضِ (بِأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ) (حَتَّى لَوْ تَقَابَضَا مَلَكَ الْمُشْتَرِي) لِلْعَرْضِ (الْعَرْضَ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُمْ مَالٌ فِي الْجُمْلَةِ
(وَ) فَسَدَ (بَيْعُ سَمَكٍ لَمْ يُصَدْ) لَوْ بِالْعَرْضِ وَإِلَّا فَبَاطِلٌ لِعَدَمِ الْمِلْكِ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ (أَوْ) (صِيدَ ثُمَّ أُلْقِيَ فِي مَكَان لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إلَّا بِحِيلَةٍ) لِلْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ (وَإِنْ أُخِذَ بِدُونِهَا صَحَّ) وَلَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ (إلَّا إذَا دَخَلَ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَسُدَّ مَدْخَلَهُ) فَلَوْ سَدَّهُ مَلَكَهُ.
ــ
[رد المحتار]
حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ غَيْرُهُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ بَاعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ عَنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ نَعَمْ الْعِبَارَةُ مُطْلَقَةٌ فَيُمْكِنُ تَقْيِيدُهَا بِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ لَوْ بَاعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ غَبْنٍ يَسِيرٍ تَوْفِيقًا بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ فَتَأَمَّلْ.
[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]
ِ (قَوْلُهُ وَفَسَدَ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْبَاطِلِ وَحُكْمِهِ (قَوْلُهُ مَا سَكَتَ فِيهِ عَنْ الثَّمَنِ) ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْبَيْعِ يَقْتَضِي الْمُعَاوَضَةَ فَإِذَا سَكَتَ كَانَ غَرَضُهُ الْقِيمَةَ فَكَأَنَّهُ بَاعَ بِقِيمَتِهِ فَيَفْسُدُ وَلَا يَبْطُلُ دُرَرٌ: أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا صَرَّحَ بِنَفْيِ الثَّمَنِ كَمَا قَدَّمَهُ قَرِيبًا.
(قَوْلُهُ وَعَكْسُهُ) أَيْ بَيْعُ الْخَمْرِ بِالْعَرْضِ، بِأَنْ أَدْخَلَ الْبَاءَ عَلَى الْعَرْضِ فَيَنْعَقِدُ فِي الْعَرْضِ أَيْ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ اعْتِبَارُ الْخَمْرِ ثَمَنًا وَهِيَ مَالٌ فِي الْجُمْلَةِ، بِخِلَافِ بَيْعِ الْعَرْضِ بِدَمٍ أَوْ مَيْتَةٍ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ بِيعَتْ بِعَيْنٍ كَعَرْضٍ بَطَلَ فِي الْخَمْرِ وَفَسَدَ فِي الْعَرْضِ فَيَمْلِكُهُ بِالْقَبْضِ بِقِيمَتِهِ، وَهَذَا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.
(قَوْلُهُ مَلَكَ الْمُشْتَرِي لِلْعَرْضِ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لِأُمِّ الْوَلَدِ وَأَخَوَيْهَا لَا يَمْلِكُهُمْ بِالْقَبْضِ لِبُطْلَانِ بَيْعِهِمْ بَقَاءً كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُمْ مَالٌ فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ فَيَدْخُلُونَ فِي الْعَقْدِ وَلِذَا لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ فَمَا ضُمَّ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَبِيعَ مَعَهُمْ، وَلَوْ كَانُوا كَالْحُرِّ لَبَطَلَ كَمَا فِي الدُّرَرِ.
(قَوْلُهُ وَفَسَدَ بَيْعُ سَمَكٍ لَمْ يُصَدْ لَوْ بِالْعَرْضِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْفَاسِدَ بَيْعُ السَّمَكِ، وَأَنَّهُ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ. وَفِيهِ أَنَّ بَيْعَ مَا لَيْسَ فِي مِلْكِهِ بَاطِلٌ كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ الْمَعْدُومِ، وَالْمَعْدُومُ لَيْسَ بِمَالٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْعُهُ بَاطِلًا، وَأَنْ يَكُونَ الْفَاسِدُ هُوَ بَيْعُ الْعَرْضِ؛ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ مِنْ وَجْهٍ وَإِنْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ الْبَاءُ، وَيَكُونُ السَّمَكُ ثَمَنًا فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ بَاعَ الْعَرْضَ وَسَكَتَ عَنْ الثَّمَنِ أَوْ بَاعَهُ بِأُمِّ الْوَلَدِ، بَلْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ بَيْعَ الْعَرْضِ أَيْضًا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ السَّمَكَ لَيْسَ بِمَالٍ فَيَكُونُ كَبَيْعِ الْعَرْضِ بِمَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ، لَكِنْ جَعْلُهُ كَأُمِّ الْوَلَدِ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ فِي الْجُمْلَةِ، فَإِنَّهُ لَوْ صَادَهُ بَعْدَهُ مَلَكَهُ، نَعَمْ هَذَا يَظْهَرُ لَوْ بَاعَ سَمَكَةً بِعَيْنِهَا قَبْلَ صَيْدِهَا، أَمَّا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ صَادَ سَمَكَةً لَمْ تَكُنْ عَيْنَ مَا جُعِلَتْ ثَمَنَ الْعَرْضِ حَتَّى يُقَالَ إنَّهَا مُلِكَتْ بِالصَّيْدِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ سَمَكَةً مُطْلَقَةً بِعَرْضٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بَاطِلًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَبَيْعِ مَيْتَةٍ بِعَرْضٍ أَوْ عَكْسِهِ وَلَوْ كَانَتْ السَّمَكَةُ مُعَيَّنَةً بَطَلَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ وَفَسَدَ فِي الْعَرْضِ؛ لِأَنَّ السَّمَكَةَ مَالٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَمِثْلُهَا مَا لَوْ كَانَ الْبَيْعُ عَلَى لَحْمِ سَمَكٍ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ، وَلَوْ بَاعَهَا بِدَرَاهِمَ بَطَلَ الْبَيْعُ لِتَعَيُّنِ كَوْنِهَا مَبِيعَةً، وَهِيَ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي تَقْرِيرِ هَذَا الْمَحَلِّ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِشَيْءٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ) حَيْثُ قَالَ: فَفِي السَّمَكِ الَّذِي لَمْ يُصَدْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بَاطِلًا إذَا كَانَ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَيَكُونُ فَاسِدًا إذَا كَانَ بِالْعَرْضِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ؛ لِأَنَّ التَّقَوُّمَ الْإِحْرَازُ وَالْإِحْرَازُ مُنْتَفٍ (قَوْلُهُ وَلَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ) وَلَا يُعْتَدُّ بِرُؤْيَتِهِ وَهُوَ فِي الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَتَفَاوَتُ فِي الْمَاءِ وَخَارِجَهُ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا دَخَلَ بِنَفْسِهِ إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ أَخَذَ بِدُونِهَا صَحَّ، يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ صِيدَ فَأُلْقِيَ فِي مَكَان يُؤْخَذُ مِنْهُ بِدُونِ حِيلَةٍ كَانَ صَحِيحًا، وَأَمَّا إذَا دَخَلَ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَسُدَّ مَدْخَلَهُ يَكُونُ بَاطِلًا لِعَدَمِ الْمِلْكِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فَلَوْ سَدَّهُ مَلَكَهُ فَافْهَمْ، (قَوْلُهُ فَلَوْ سَدَّهُ مَلَكَهُ) أَيْ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ إنْ أَمْكَنَ أَخْذُهُ بِلَا حِيلَةٍ وَإِلَّا فَلَا لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ.