للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا لَمْ يَرْتَشِ الْآمِرُ وَالْمَأْمُورُ بَحْرٌ.

(وَ) بَعْدَ الْفَرْضِ (يَأْمُرُهَا الْقَاضِي بِالِاسْتِدَانَةِ) لِتُحِيلَ (عَلَيْهِ) وَإِنْ أَبَى الزَّوْجُ.

ــ

[رد المحتار]

وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ يُمْكِنُ الْفَسْخُ بِغَيْرِ طَرِيقِ إثْبَاتِ عَجْزِهِ بَلْ بِمَعْنَى فَقْدِهِ، وَهُوَ أَنْ تَتَعَذَّرَ النَّفَقَةُ عَلَيْهَا. وَرَدَّهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ. قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ التُّحْفَةِ حَيْثُ رَدَّ عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ، فَعَلَى هَذَا مَا يَقَعُ فِي زَمَانِنَا مِنْ فَسْخِ الْقَاضِي الشَّافِعِيِّ بِالْغَيْبَةِ لَا يَصِحُّ، وَلَيْسَ لِلْحَنَفِيِّ تَنْفِيذُهُ سَوَاءٌ بَنَى عَلَى إثْبَاتِ الْفَقْرِ أَوْ عَلَى عَجْزِ الْمَرْأَةِ عَنْ تَحْصِيلِ النَّفَقَةِ مِنْهُ بِسَبَبِ غَيْبَتِهِ، فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ، نَعَمْ يَصِحُّ الثَّانِي عِنْدَ أَحْمَدَ كَمَا ذَكَرَ فِي كُتُبِ مَذْهَبِهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ حَيْثُ سَأَلَ عَمَّنْ غَابَ زَوْجُهَا وَلَمْ يَتْرُكْ لَهَا نَفَقَةً. فَأَجَابَ: إذَا أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَطَلَبَتْ فَسْخَ النِّكَاحِ مِنْ قَاضٍ يَرَاهُ فَفَسَخَ نَفَذَ وَهُوَ قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ، وَفِي نَفَاذِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ رِوَايَتَانِ عِنْدَنَا، فَعَلَى الْقَوْلِ بِنَفَاذِهِ يَسُوغُ لِلْحَنَفِيِّ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ الْغَيْرِ بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَإِذَا حَضَرَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ وَبَرْهَنَ عَلَى خِلَافِ مَا ادَّعَتْ مِنْ تَرْكِهَا بِلَا نَفَقَةٍ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ الْأُولَى تَرَجَّحَتْ بِالْقَضَاءِ فَلَا تَبْطُلُ بِالثَّانِيَةِ. اهـ. وَأَجَابَ عَنْ نَظِيرِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَنَّهُ إذَا فَسَخَ النِّكَاحَ حَاكِمٌ يَرَى ذَلِكَ وَنَفَّذَ فَسْخَهُ قَاضٍ آخَرُ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ صَحَّ الْفَسْخُ وَالتَّنْفِيذُ وَالتَّزَوُّجُ بِالْغَيْرِ، وَلَا يَرْتَفِعُ بِحُضُورِ الزَّوْجِ وَادِّعَائِهِ أَنَّهُ تَرَكَ عِنْدَهَا نَفَقَةً فِي مُدَّةِ غَيْبَتِهِ. إلَخْ، فَقَوْلُهُ مِنْ قَاضٍ يَرَاهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ الشَّافِعِيُّ فَضْلًا عَنْ الْحَنَفِيِّ، بَلْ يُرَادُ بِهِ الْحَنْبَلِيُّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَرْتَشِ الْآمِرُ وَالْمَأْمُورُ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ نَصْبَ الْقَاضِي بِالرِّشْوَةِ لَا يَصِحُّ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ حُكْمَهُ بِهَا لَا يَصِحُّ، وَلَوْ صَحَّ نَصْبُهُ، وَعَلَيْهِ فَالْمُنَاسِبُ الْعَطْفُ بِأَوْ.

[مَطْلَبٌ فِي الْأَمْرِ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَى الزَّوْجِ]

ِ (قَوْلُهُ وَبَعْدَ الْفَرْضِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ كَلَامًا مَطْوِيًّا بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِعَجْزِهِ عَنْهَا إلَخْ تَقْدِيرُهُ بَلْ يَفْرِضُ لَهَا النَّفَقَةَ عَلَيْهِ وَيَأْمُرُهَا بِالِاسْتِدَانَةِ، لَكِنَّ الْفَرْضَ يَظْهَرُ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمُعْسِرُ عَنْ النَّفَقَةِ حَاضِرًا؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ لَا يَفْرِضُ لَهَا نَفَقَةً عَلَيْهِ كَمَا فِي الْحَاكِمِ، وَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ، نَعَمْ سَيَذْكُرُ أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ قَوْلُ زُفَرَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِالِاسْتِدَانَةِ) ذَكَرَ الْخَصَّافُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُونَ أَنَّهَا الشِّرَاءُ بِالنَّسِيئَةِ لِتَقْضِيَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ. وَفِي الْمُجْتَبَى أَنَّهَا الِاسْتِقْرَاضُ بَحْرٌ. وَنَقَلَ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ. قَالَ: وَإِلَيْهِ يُشِيرُ كَلَامُ الْمُغْرِبِ. اهـ وَفِي الْيَعْقُوبِيَّةِ أَنَّهُ الْأَوْلَى كَمَا لَا يَخْفَى. قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى، لَكِنَّ التَّوْكِيلَ بِالِاسْتِقْرَاضِ لَا يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ فَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ. اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْحَمَوِيِّ عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ. قُلْت: الثَّانِي أَيْسَرُ عَلَى الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ لَا تَجِدُ مَنْ يَبِيعُهَا بِالنَّسِيئَةِ مَا تَحْتَاجُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ، بِخِلَافِ الِاسْتِقْرَاضِ لِنَفَقَةِ شَهْرٍ مَثَلًا، وَيَأْتِي قَرِيبًا الْجَوَابُ عَنْ الْإِيرَادِ.

[تَنْبِيهٌ] فِي قَضَاءِ الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ مَنْ تَسْتَدِينُ مِنْهُ عَلَيْهِ اكْتَسَبَتْ وَأَنْفَقَتْ وَجَعَلَتْهُ دَيْنًا عَلَيْهِ بِأَمْرِ الْقَاضِي، وَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى الِاكْتِسَابِ لَهَا السُّؤَالُ لِيَوْمِهَا وَتَجْعَلُ مَسْئُولَهَا دَيْنًا عَلَيْهِ أَيْضًا بِأَمْرِهِ بِهِ (قَوْلُهُ لِتُحِيلَ عَلَيْهِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُمْ قَالُوا: إنَّ لِلْمَرْأَةِ حَقَّ الرُّجُوعِ عَلَى الزَّوْجِ بِالنَّفَقَةِ بَعْدَ فَرْضِ الْقَاضِي سَوَاءٌ أَكَلَتْ مِنْ مَالِهَا أَوْ اسْتَدَانَتْهَا بِأَمْرِ الْقَاضِي أَوْ بِدُونِهِ، وَلَكِنَّ فَائِدَةَ الْأَمْرِ بِالِاسْتِدَانَةِ عَدَمُ سُقُوطِهَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَبِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَطَلَاقِهَا يَسْقُطُ الْمَفْرُوضُ إلَّا إذَا اسْتَدَانَتْ بِأَمْرِ قَاضٍ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى فَائِدَةٍ أُخْرَى وَهِيَ مَا فِي تَجْرِيدِ الْقُدُورِيِّ وَالْهِدَايَةِ: مِنْ أَنَّ فَائِدَةَ الْأَمْرِ بِهَا أَنْ تُحِيلَ الْغَرِيمَ عَلَى الزَّوْجِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ

<<  <  ج: ص:  >  >>