للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا بِدُونِ الْأَمْرِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا وَهِيَ عَلَيْهِ إنْ صَرَّحَتْ بِأَنَّهَا عَلَيْهِ أَوْ نَوَتْ، وَلَوْ أَنْكَرَ نِيَّتَهَا فَالْقَوْلُ لَهُ مُجْتَبًى، وَتَجِبُ الْإِدَانَةُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا وَنَفَقَةُ الصِّغَارِ لَوْلَا الزَّوْجُ كَأَخٍ وَعَمٍّ، وَيُحْبَسُ الْأَخُ وَنَحْوُهُ إذَا امْتَنَعَ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْمَعْرُوفِ زَيْلَعِيٌّ وَاخْتِيَارٌ، وَسَيَتَّضِحُ (قَضَى بِنَفَقَةِ الْإِعْسَارِ ثُمَّ أَيْسَرَ فَخَاصَمَتْهُ تَمَّمَ) الْقَاضِي نَفَقَةَ يَسَارِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ -

ــ

[رد المحتار]

وَبِدُونِ الْأَمْرِ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ. وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ عَنْ التُّحْفَةِ أَنَّ فَائِدَتَهُ رُجُوعُ الْغَرِيمِ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ عَلَى الْمَرْأَةِ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ لِلْغَرِيمِ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِلَا حَوَالَةٍ مِنْهَا، وَعَلَى مَا فِي التَّجْرِيدِ لَا رُجُوعَ لَهُ بِلَا حَوَالَةٍ. اهـ

قُلْت: الظَّاهِرُ عَدَمُ الْمُخَالَفَةِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِحَالَةِ دَلَالَتُهَا الْغَرِيمَ عَلَى زَوْجِهَا لِيُطَالِبَهُ، بِأَنْ تَقُولَ لَهُ: إنَّ زَوْجِي فُلَانٌ فَطَالِبْهُ بِالدَّيْنِ، إذْ لَا يُمْكِنُ إرَادَةُ حَقِيقَةِ الْحَوَالَةِ هُنَا بِدَلِيلِ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ لِلْغَرِيمِ مُطَالَبَةَ الْمَرْأَةِ بِهَا أَيْضًا، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رِضَا الزَّوْجِ بِالْحَوَالَةِ، هَذَا وَقَدْ صَرَّحُوا أَيْضًا بِأَنَّ الِاسْتِدَانَةَ بِأَمْرِ الْقَاضِي إيجَابُ الدَّيْنِ عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةٌ كَامِلَةٌ عَلَيْهِ فَلِذَا كَانَ لِلْغَرِيمِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ وَبِدُونِ الْأَمْرِ بِهَا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَلْ عَلَيْهَا وَهِيَ تَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ، فَقَدْ ظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ الِاسْتِدَانَةَ بِالْأَمْرِ تَقَعُ لَهَا، وَيَجِبُ بِهَا الدَّيْنُ عَلَى الزَّوْجِ بِسَبَبِ وِلَايَةِ الْقَاضِي عَلَيْهِ لَا بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ عَنْ الزَّوْجِ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ التَّوَكُّلَ بِالِاسْتِقْرَاضِ لَا يَصِحُّ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ إنْ صَرَّحَتْ إلَخْ) لَا يَصِحُّ جَعْلُهُ قَيْدًا لِقَوْلِهِ وَهِيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ رُجُوعَ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ ثَابِتٌ لَهَا قَبْلَ الْأَمْرِ بِالِاسْتِدَانَةِ كَمَا عَلِمْته، بَلْ هُوَ قَيْدٌ لِقَوْلِهِ لِتُحِيلَ عَلَيْهِ. وَعِبَارَةُ الْمُجْتَبَى: فَإِذَا اسْتَدَانَتْ هَلْ تُصَرِّحُ بِأَنِّي أَسْتَدِينُ عَلَى زَوْجِي أَوْ تَنْوِي؟ أَمَّا إذَا صَرَّحَتْ فَظَاهِرٌ، وَكَذَا إذَا نَوَتْ، وَإِذَا لَمْ تُصَرِّحْ وَلَمْ تَنْوِ لَا يَكُونُ اسْتِدَانَةً عَلَيْهِ؛ وَلَوْ ادَّعَتْ أَنَّهَا نَوَتْ الِاسْتِدَانَةَ عَلَيْهِ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ فَالْقَوْلُ لَهُ. اهـ. قُلْت: وَفَائِدَةُ إنْكَارِهِ عَدَمُ رُجُوعِ الْغَرِيمِ عَلَيْهِ بَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهَا وَهِيَ تَرْجِعُ عَلَيْهِ وَأَنَّهَا تَسْقُطُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا أَوْ طَلَاقِهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى الزَّوْجِ إذْ كَيْفَ يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ نِيَّتِهَا وَلِذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِالْيَمِينِ، خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الرَّحْمَتِيُّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِهِ فَإِنِّي لَمْ أَرَهُ فِي الْمُجْتَبَى وَلَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ وَتَجِبُ الْإِدَانَةُ إلَخْ) قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ: الْمُعْسِرَةُ إذَا كَانَ زَوْجُهَا مُعْسِرًا وَلَهَا ابْنٌ مِنْ غَيْرِهِ مُوسِرٌ أَوْ أَخٌ مُوسِرٌ فَنَفَقَتُهَا عَلَى زَوْجِهَا، وَيُؤْمَرُ الِابْنُ أَوْ الْأَخُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ إذَا أَيْسَرَ، وَيَحْبِسُ الِابْنَ أَوْ الْأَخَ إذَا امْتَنَعَ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْمَعْرُوفِ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ الْإِدَانَةَ لِنَفَقَتِهَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ مُعْسِرًا وَهِيَ مُعْسِرَةٌ تَجِبُ عَلَى مَنْ كَانَتْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا لَوْلَا الزَّوْجُ، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ لِلْمُعْسِرِ أَوْلَادٌ صِغَارٌ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إنْفَاقِهِمْ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ لَوْلَا الْأَبُ كَالْأُمِّ وَالْأَخِ وَالْعَمِّ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأَبِ إذَا أَيْسَرَ، بِخِلَافِ نَفَقَةِ أَوْلَادِهِ الْكِبَارِ حَيْثُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْيَسَارِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ مَعَ الْإِعْسَارِ فَكَانَ كَالْمَيِّتِ.

اهـ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بَحْرٌ. قُلْت: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأُمِّ وَغَيْرِهَا فِي ثُبُوتِ الرُّجُوعِ عَلَى الْأَبِ مَعَ أَنَّهُ سَيَذْكُرُ قُبَيْلَ الْفُرُوعِ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ فِي الصَّحِيحِ إلَّا لِلْأُمِّ، وَفِيهِ كَلَامٌ سَنَذْكُرُهُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ كَأَخٍ وَعَمٍّ) يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَةِ وَالصِّغَارِ. اهـ ح أَيْ كَأَنْ يَكُونَ لَهَا أَخٌ أَوْ عَمٌّ وَلِأَوْلَادِهَا أَخٌ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ عَمٌّ فَتَسْتَدِينُ لِنَفْسِهَا مِنْ أَخِيهَا أَوْ عَمِّهَا وَلِأَوْلَادِهَا مِنْ أَخِيهِمْ أَوْ عَمِّهِمْ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُقَدِّمُ الْأَخَ عَلَى الْعَمِّ هُنَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَسَيَتَّضِحُ) أَيْ فِي الْفُرُوعِ (قَوْلُهُ ثُمَّ أَيْسَرَ) أَيْ الزَّوْجُ كَمَا فَسَّرَهُ فِي الْمِنَحِ. وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ ثُمَّ أَيْسَرَ أَحَدُهُمَا ح. قُلْت: وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَيْسَرَا (قَوْلُهُ فَخَاصَمَتْهُ) إذْ لَا تَقْدِيرَ بِدُونِ طَلَبِهَا (قَوْلُهُ تَمَّمَ) أَيْ الْقَاضِي نَفَقَةَ يَسَارِهِ: أَيْ يَسَارِ الزَّوْجِ الَّذِي امْرَأَتُهُ فَقِيرَةٌ وَهِيَ الْوَسَطُ. وَلَوْ قَالَ وَجَبَ الْوَسَطُ كَمَا قَالَ فِيمَا بَعْدَهُ لَكَانَ أَوْضَحَ ح (قَوْلُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ) أَمَّا الْمَاضِي قَبْلَ الْمُخَاصَمَةِ فَقَدْ رَضِيَتْ بِهِ وَلَوْ بَعْدَ عُرُوضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>